بنت الرياض
26/08/2012, 08:26 PM
عقل وعاقل ومعقول؟
http://atm.nokiagate.com/attachment.php?attachmentid=292416&thumb=1
إن القدرة على التفكير من خصائص الإنسان التي كرّمه الله بها فإذا أحسن الإنسان استخدام هذه الصفة ارتقى في سلم النجاح وإذا عطل الفكر كان ذلك من أهم أسباب الفشل في الحياة بل يمكن القول: إذا خلت الحياة من التفكير خلت من النجاح.
ولذلك لا نريد لعقولنا أن تكون كالأسفنج الذي يتشرب أي سائل يوضع فيه ثم يتبخر في أي لحظة وتحت أي ضغوط، فالتحرر المنضبط والاستقلالية عن التقليد بقدر الإمكان يمنح العقل التوازن والتصحيح المستمر. وهو ما أرشد إليه الكتاب العزيز قال تعالى: (وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْاْ إِلَى مَا أَنزَلَ اللّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ قَالُواْ حَسْبُنَا مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ شَيْئاً وَلاَ يَهْتَدُونَ) المائدة104
إن كثيرا من العقلاء لا يريدون أن يكونوا مزيجا من أفكار الآخرين. بمعنى لا يريدون تعطيل خاصية العقل التي وهبهم الله، ولا أن تصاب بالترهل والجمود، ولا يريدون لعقولهم أن تكون طفيلية تعتمد فقط على عقول الآخرين حتى في أخص الأمور وأبسطها؟!
نعم هناك مجال للاستفادة من خبرات الآخرين وتجاربهم في الحياة بل وأخذ المشاورات منهم وهو توجيه شرعي قال تعالى: (وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ) آل عمران159. كما أنه واقع اجتماعي لا ينفك عنه أحد.
والمقصود بالدرجة الأولى هو تنمية الفكر لدينا بنوع من الاستقلالية عن تأثير وضغط الغير وبعيدا عن التقليد السلبي الذي يؤدي في النهاية إلى التواكل والاعتماد على الآخرين وتعطيل طاقتنا وتهميش ذواتنا.
فالله خلقنا في هذه الحياة لنكون مبدعين متفكرين في ملكوت السموات والأرض قال تعالى: (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً) والتكريم هنا يشمل التكريم بالعقل والتكريم بالإيمان.
والتفكير هو أشبه بمعالجة كم هائل من المعلومات تنتج عنها جميع تصرفاتنا وسلوكياتنا في الحياة. وتنمية وزيادة معدل هذه المعالجة وزيادة فعاليتها تجعل من التقليد أمراً هامشيا لأنها تهتم وتعنى بإدخال بيانات وإخراجها بالشكل الصحيح وفق قوانين المعالجة المنضبطة والذي يمر من خلال برمجة معينة، ولا يعتمد على تلقي المعلومة فحسب بل وتهذيب هذه المعلومة في نسق معين.
بهذه المنظومة أو النظرة الإيجابية في استخدام العقل يمكننا أن نحسن ونصحح من معتقداتنا * وأفكارنا وتصرفاتنا وغيرها في شتى مجالات حياتنا.
والمرء القادر على التفكير له خصائص يتميز بها عن غيره، ومنها الرؤية النافذة لحقائق الأشياء وجوهرها وعدم الاكتفاء بالنظرة السطحية للأمور.
لكن أعود فأقول: هل العقل يكفي لإدراك الحقائق والأشياء كلها؟؟
من وجهة نظري الشخصية لا يكفي، بل الاعتماد على العقل بشكل كلي يمكن أن يسبب المفارقات والمتناقضات خاصة فيما يتعلق بالعقيدة والدين.
فمثلا لا يمكن معرفة كل شي عن ذات الله وأسمائه وصفاته أو ما يحبه الله أو ما يبغضه عن طريق العقل المجرد فالتاريخ يروي لنا كيف ضلت عقول البشر وتاهت عندما حاولت أن تهتدي إلى الله أو إلى الدين بعقولها فقط فمنهم من عبد البشر ومنهم عبد الحيوان والجماد والأفلاك وغيرها ولذلك ربما يخطئ بعض من يقول: (الله ما شفناه بس بالعقل عرفناه ؟!) ما شفناه بالعين المجردة نعم لكن ليس بالعقل فقط عرفناه. بل هناك ما هو أسمى من العقل البشري المحدود الضعيف وهو أيضا من مصادر المعرفة لدى الإنسان وهو ما يسمى (بالخبر الصادق). كثير من الأمور نعلمها بالخبر وهو: أن تصلك المعلومة بواسطة شخص أوسيلة معينة لا دخل للعقل فيها إلا من جهة التحليل.
مثلا لا يمكن فجأة بعقلك أن تتوقف لحظة ثم تعرف مباشرة أنه وقع حادث على أحد أقاربك في مدينة كذا في طريق كذا لا يمكن، إلا إذا اتصل بك شخص ما وأخبرك بذلك الحادث. وكذلك عند سماعك للأخبار مثلا تكتسب معرفه جديدة بأحداث لم تكن في حسبانك ولا في عقلك. فكذلك بالنسبة لذات الله عز وجل وله المثل الأعلى لا يمكن بالعقل معرفة كل شيء عنه ولذلك يتفضل الله ويمن بإرسال الرسل ليخبرونا عن الله وذاته وصفاته وأسمائه بل ويخبرونا عن الدين وتشريعاته.
فالله عرفناه حق معرفته بالخبر الصادق وتمم العقل ذلك بالتفكير والنظر السليم في كل دلائل الألوهية وكمال الربوبية.
فيا عجباً كيفَ يعصي الإِلهَ أم كيفَ يَجْحَدُه الجاحدُ
وفــــي كُــــــــــلِّ شــــــيءٍ لـــــه آيـــــــــــةٌ تــــــــــدلُّ علـــــــــى أنـــــه واحـــدُ
وعلينا أن ندرك أن مصادرة المعرفة لدى الإنسان متعددة وليست العقل فقط ومنها الخبر الصادق كما ذكرنا آنفا.
والعقل إنما هو بمثابة المعالج للكم الهائل من المعلومات بحسب القيم والمعطيات ولكنه في نفس الوقت محدود.
فإذا كانت معالجتنا صحيحة وسليمة كانت النتائج صحيحة وسليمة والعكس.
والعقل نعمة من الله تعالى فإذا استخدم في الاتجاه الصحيح - عقل وعاقل فمعقول - كانت النتيجة هداية وإلا انقلبت فكانت غواية - جهل وجاهل فمجهول .
نسأل الله الهداية والرشاد ونعوذ به من الغواية والضلال
مقال
كاتبه ادريس ابكر مجرشي
http://atm.nokiagate.com/attachment.php?attachmentid=292416&thumb=1
إن القدرة على التفكير من خصائص الإنسان التي كرّمه الله بها فإذا أحسن الإنسان استخدام هذه الصفة ارتقى في سلم النجاح وإذا عطل الفكر كان ذلك من أهم أسباب الفشل في الحياة بل يمكن القول: إذا خلت الحياة من التفكير خلت من النجاح.
ولذلك لا نريد لعقولنا أن تكون كالأسفنج الذي يتشرب أي سائل يوضع فيه ثم يتبخر في أي لحظة وتحت أي ضغوط، فالتحرر المنضبط والاستقلالية عن التقليد بقدر الإمكان يمنح العقل التوازن والتصحيح المستمر. وهو ما أرشد إليه الكتاب العزيز قال تعالى: (وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْاْ إِلَى مَا أَنزَلَ اللّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ قَالُواْ حَسْبُنَا مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ شَيْئاً وَلاَ يَهْتَدُونَ) المائدة104
إن كثيرا من العقلاء لا يريدون أن يكونوا مزيجا من أفكار الآخرين. بمعنى لا يريدون تعطيل خاصية العقل التي وهبهم الله، ولا أن تصاب بالترهل والجمود، ولا يريدون لعقولهم أن تكون طفيلية تعتمد فقط على عقول الآخرين حتى في أخص الأمور وأبسطها؟!
نعم هناك مجال للاستفادة من خبرات الآخرين وتجاربهم في الحياة بل وأخذ المشاورات منهم وهو توجيه شرعي قال تعالى: (وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ) آل عمران159. كما أنه واقع اجتماعي لا ينفك عنه أحد.
والمقصود بالدرجة الأولى هو تنمية الفكر لدينا بنوع من الاستقلالية عن تأثير وضغط الغير وبعيدا عن التقليد السلبي الذي يؤدي في النهاية إلى التواكل والاعتماد على الآخرين وتعطيل طاقتنا وتهميش ذواتنا.
فالله خلقنا في هذه الحياة لنكون مبدعين متفكرين في ملكوت السموات والأرض قال تعالى: (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً) والتكريم هنا يشمل التكريم بالعقل والتكريم بالإيمان.
والتفكير هو أشبه بمعالجة كم هائل من المعلومات تنتج عنها جميع تصرفاتنا وسلوكياتنا في الحياة. وتنمية وزيادة معدل هذه المعالجة وزيادة فعاليتها تجعل من التقليد أمراً هامشيا لأنها تهتم وتعنى بإدخال بيانات وإخراجها بالشكل الصحيح وفق قوانين المعالجة المنضبطة والذي يمر من خلال برمجة معينة، ولا يعتمد على تلقي المعلومة فحسب بل وتهذيب هذه المعلومة في نسق معين.
بهذه المنظومة أو النظرة الإيجابية في استخدام العقل يمكننا أن نحسن ونصحح من معتقداتنا * وأفكارنا وتصرفاتنا وغيرها في شتى مجالات حياتنا.
والمرء القادر على التفكير له خصائص يتميز بها عن غيره، ومنها الرؤية النافذة لحقائق الأشياء وجوهرها وعدم الاكتفاء بالنظرة السطحية للأمور.
لكن أعود فأقول: هل العقل يكفي لإدراك الحقائق والأشياء كلها؟؟
من وجهة نظري الشخصية لا يكفي، بل الاعتماد على العقل بشكل كلي يمكن أن يسبب المفارقات والمتناقضات خاصة فيما يتعلق بالعقيدة والدين.
فمثلا لا يمكن معرفة كل شي عن ذات الله وأسمائه وصفاته أو ما يحبه الله أو ما يبغضه عن طريق العقل المجرد فالتاريخ يروي لنا كيف ضلت عقول البشر وتاهت عندما حاولت أن تهتدي إلى الله أو إلى الدين بعقولها فقط فمنهم من عبد البشر ومنهم عبد الحيوان والجماد والأفلاك وغيرها ولذلك ربما يخطئ بعض من يقول: (الله ما شفناه بس بالعقل عرفناه ؟!) ما شفناه بالعين المجردة نعم لكن ليس بالعقل فقط عرفناه. بل هناك ما هو أسمى من العقل البشري المحدود الضعيف وهو أيضا من مصادر المعرفة لدى الإنسان وهو ما يسمى (بالخبر الصادق). كثير من الأمور نعلمها بالخبر وهو: أن تصلك المعلومة بواسطة شخص أوسيلة معينة لا دخل للعقل فيها إلا من جهة التحليل.
مثلا لا يمكن فجأة بعقلك أن تتوقف لحظة ثم تعرف مباشرة أنه وقع حادث على أحد أقاربك في مدينة كذا في طريق كذا لا يمكن، إلا إذا اتصل بك شخص ما وأخبرك بذلك الحادث. وكذلك عند سماعك للأخبار مثلا تكتسب معرفه جديدة بأحداث لم تكن في حسبانك ولا في عقلك. فكذلك بالنسبة لذات الله عز وجل وله المثل الأعلى لا يمكن بالعقل معرفة كل شيء عنه ولذلك يتفضل الله ويمن بإرسال الرسل ليخبرونا عن الله وذاته وصفاته وأسمائه بل ويخبرونا عن الدين وتشريعاته.
فالله عرفناه حق معرفته بالخبر الصادق وتمم العقل ذلك بالتفكير والنظر السليم في كل دلائل الألوهية وكمال الربوبية.
فيا عجباً كيفَ يعصي الإِلهَ أم كيفَ يَجْحَدُه الجاحدُ
وفــــي كُــــــــــلِّ شــــــيءٍ لـــــه آيـــــــــــةٌ تــــــــــدلُّ علـــــــــى أنـــــه واحـــدُ
وعلينا أن ندرك أن مصادرة المعرفة لدى الإنسان متعددة وليست العقل فقط ومنها الخبر الصادق كما ذكرنا آنفا.
والعقل إنما هو بمثابة المعالج للكم الهائل من المعلومات بحسب القيم والمعطيات ولكنه في نفس الوقت محدود.
فإذا كانت معالجتنا صحيحة وسليمة كانت النتائج صحيحة وسليمة والعكس.
والعقل نعمة من الله تعالى فإذا استخدم في الاتجاه الصحيح - عقل وعاقل فمعقول - كانت النتيجة هداية وإلا انقلبت فكانت غواية - جهل وجاهل فمجهول .
نسأل الله الهداية والرشاد ونعوذ به من الغواية والضلال
مقال
كاتبه ادريس ابكر مجرشي