تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : الأمير تركي الفيصل: تعلمت من عملي السابق في الاستخبارات الصراحة المبنية على الحقائق و


صقر الجنوب
13/07/2005, 07:37 PM
الأمير تركي الفيصل: تعلمت من عملي السابق في الاستخبارات الصراحة المبنية على الحقائق وعدم غش النفس

قال لـ«الشرق الأوسط» خلال جولة في ويلز: مهمة السفير السعي للتعرف على الناس مباشرة لأن العاصمة لا تعكس كل شيء * الملك فيصل جاء إلى بريطانيا عام 1919 لمؤتمر السلام بعد الحرب العالمية الأولى ممثلا لوالده وزار منطقة ويلز





قضى الأمير تركي الفيصل، سفير السعودية ببريطانيا، خمسة أيام الأسبوع الفائت متجولاً مع زوجته الأميرة نوف بنت فهد ووفد مرافق، في أنحاء إقليم ويلز، حيث سار على خطى والده المغفور له الملك فيصل. وكان لـ«الشرق الأوسط»، التي رافقته خلال شطر من الجولة، مقابلة واسعة مع الأمير، سعت خلالها الى التعرف على جوانب في شخصيته خطفت السياسة منها الضوء. وعلى عادته، كان الأمير تركي صريحاً عفوياً في اجاباته عما ورثه أو لم يرثه عن والده المغفور له الملك فيصل، وعن القاعدة الذهبية التي علمه اياه حول أهمية الصراحة في المجال الدبلوماسي وغيره. وتحدث عن «سلطان البيت» الآمر الناهي، والفرق الشاسع بين عمله السابق رئيساً للاستخبارات السعودية والحالي ممثلاً لخادم الحرمين الشريفين في العاصمة البريطانية. وهنا المقابلة.
* للزيارة الحالية جانب يتعلق بالماضي والذكريات لأنك تقتفي خطى المغفور له الملك فيصل في ويلز؟

ـ هذا صحيح. الملك فيصل رحمه الله في عام 1919 ميلادي، أتى إلى هذه البلاد ممثلاً للملك عبد العزيز إلى مؤتمر السلام، الذي عقد بعد الحرب العالمية الأولى وفي تلك الحقبة كانت بريطانيا هي الدولة المهيمنة على شواطئ الجزيرة العربية، إن كان من الشرق أو من الغرب. وخلال وجوده في بريطانيا في تلك الرحلة، زار منطقة ويلز: العاصمة ومحمية سنودونيا، التي تضم جبلاً يعتبر أعلى جبل في انجلترا وويلز، وغيرها من المناطق المهمة، كقلعة كانارفن، التي تعتبر رمز السلطة الانجليزية في ويلز، ويحدث فيها تكليف ولي العهد البريطاني، عندما يبلغ سن الرشد مهامه كولي عهد. وأيضاً من اسباب مجيئي لويلز، هو التعرف على المواطنين في هذه المنطقة المهمة من المملكة المتحدة، ولا شك أنني استقبلت استقبالاً كريماً جداً، وكانت الضيافة كما يقولون حاتمية. فهذا من الأمور التي اعتقد أن كل سفير يسعى لها، وهو التعرف على أهل البلد مباشرة، وألا يكتفي بالبقاء في العاصمة، حيث ان العواصم في كثير من الأحيان لا تعكس كافة الاعتبارات والمناحي لشخصيات المواطنين العاديين في البلاد. وهكذا جمعت الزيارة جانباً عملياً، بالاضافة الى الذكريات.

* وكانت زيارة الملك فيصل، رحمه الله، تلك، أول مهمة رسمية رفيعة المستوى يكلف بها، لأنه قابل خلالها ملك بريطانيا؟

ـ نعم. وقد قابل أثناءها كل الحكومة، وهو كان لا يزال في الثالثة عشرة من عمره. وكانت أول مهمة رسمية يقوم بها. وقد قال لنا، رحمه الله، في إحدى الجلسات إنه قبل تلك الزيارة بسنتين ـ عندما كان عمره تقريباً 11 سنة ـ شارك للمرة الأولى في إحدى غزوات الملك عبد العزيز، رحمه الله. فيبدو أن شباب تلك الأيام كانوا يتحملون مسؤوليات كبيرة في سن مبكرة جداً.

* أنت تتبع خطاه في ويلز، ليس فقط كنجل له، بل ايضاً كسفير للمملكة. لكن لا بد أنك اقتفيت أثره على صعيد أوسع، هو عملك الدبلوماسي ذاته. فكم أخذت عنه لجهة القواعد والأساليب، التي تتبعها في هذا المجال، على رغم الفارق الكبير بين تلك المرحلة وهذه؟

ـ كان، رحمه الله، استاذاً في العمل الدبلوماسي، وعاصر الدبلوماسية الدولية، ولا أقول فقط العربية والاسلامية منذ تلك السنين، التي زار فيها بريطانيا. ولا شك أنه تعلم الكثير من والده الملك عبد العزيز، رحمه الله، الذي كان استاذاً اكبر إن صح التعبير من الملك فيصل. وكان الملك فيصل يذكر دائماً ما تعمله هو عن الملك عبد العزيز في تعامله مع الناس، إن كانوا من الأجانب أو المواطنين. وأنا أذكر مقولة للملك فيصل كان يذكرها دائماً. كان يقول هناك البعض ممن يعتبرون او يعتقدون أن الدبلوماسية هي اللف والدوران وكتمان ما لا يفشى، والدس والعمل من خلف الظهور. وكان يقول، رحمه الله، انه في حياته بلغ دائماً مرامه وطموحاته بأقصر طريق ممكن، الذي هو طريق الصراحة، فما كان يدلس أو يدس أو يغتاب أو يستعمل أياً من الأساليب التي هي صنفت على أساس أنها سمة من سمات الدبلوماسية والعمل السياسي، بل كان دائماً صريحاً في تعامله مع الآخرين، ويصل الى ما يبتغيه بأقصر طريق ممكن. أعتقد أن هذه عبرة لنا كلنا، ليس فقط في مجال العمل الدبلوماسي والسياسي، لكن أيضاً في المجالات الانسانية، لأن الصراحة تخدمك دائماً اكثر من التستر أو التدليس أو الدس.

* إذا وضعنا الدبلوماسية والعمل السياسي جانباً، كان الملك فيصل معروفاً بموهبته الأدبية واللغوية، لا سيما أن مجالسه مع كبار شعراء تلك الفترة مثل السوري عمر أبو ريشة، حيث ارتجل كل منهما بعض الشعر، شهيرة لا تزال موضع اهتمام. فإلى أي حد اقتفيت خطاه على هذا الطريق وورثت عنه بعضاً من موهبته تلك؟

ـ والله للاسف، فإنه، رحمه الله، لم يورثني اياً من هذه الصفات. إخوتي الآخرون وأخواتي أقدر مني في هذا المجال، وكما تعرف أن اثنين منهم سيدي الأمير عبد الله الفيصل وأخي الأمير خالد الفيصل، يقرضان الشعر، بل انهما أبدعا في ذلك. ربما أخذا حصتي من هذه الخلايا من مكونات موهبة الملك فيصل، التي لم ارثها أنا.

* لكن لا بد أنك تقرأ الكثير من الشعر، فقد سمعناك تستشهد بشكسبير مثلاً في مناسبات عامة؟

ـ (ضاحكاً)، يعني القراءة اعتبرها من أمتع الفرص للتسلية، فأحب أن أقرأ بصفة موسعة، وليس لي مجال مخصص بقدر ما أستطيع أن اقرأ في أي موضوع كان لا أتردد في ذلك.

* وطبعاً هذا ينطبق على ما يكتب بالانجليزية والعربية؟

ـ نعم أقرأ باللغتين.

* حدثتنا قبل قليل عن عملك الدبلوماسي. ربما كان لعملك السابق جانب دبلوماسي، لكنه مختلف جداً عن مهنتك الحالية. فهل لك أن تحدثنا عن الفروق بينهما؟

ـ العمل في مجمله يختلف بـ180 درجة. العمل في مجال الاستخبارات يتم في الخفاء، وعمل في العلاقات الخاصة جداً جداً، سواء بمن كانوا مسؤولون عني في ذلك الحين، وهم مولاي خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي العهد وسمو الأمير سلطان وغيرهم من المسؤولين، أو حتى في التعامل مع ممثلي الدول الأخرى. ومن جهة أخرى، كانت مسؤوليتي في تلك الفترة محصورة فيما أرفعه أو أشير به أو اقترحه للمسؤولين مباشرة. فلم يكن هناك جانب عام لعملي في ميدان الاستخبارات، والمسؤولية محصورة ومباشرة على من كانوا مسؤولين عني آنذاك. أما العمل الدبلوماسي في السفارة فهو عكس ذلك تماماً. فهو عمل في العراء إذا شئت، وما تبرزه هو الشيء الذي يراه الناس بصفة عامة ايضاً، وليس خاصاً فالمسؤولية تتضاعف لأنك لا تخاطب فقط من هو مسؤول عنك، وإنما أنت في العصر الحديث، وبسبب وسائل الاتصال الحالية، تخاطب العالم كله وتتحمل مسؤولية أكبر، لأن عليك اولاً توخي الصدق فيما تقول، وثانياً اتباع التعليمات التي تأتيك من رؤسائك، وثالثاً ان توصل الرسالة بطريقة يتلقاها المستمع او المشاهد من البلد المضيف. هذه مسؤوليات لم تكن موجودة في عملي السابق.

* هل يعني هذا أن العمل الحالي أشد صعوبة وأكثر تطلباً من سابقه؟

ـ الذي أستطيع أن أقوله انه من الأشياء التي لم تتغير في عملي الحالي عن السابق، انه من يعمل في الاستخبارات، يتعلم ان يكون ليس فقط صريحاً مع المسؤولين عنه ومع نفسه حتى لا يقع في مشكلة غش النفس اذا صح التعبير. بل لا بد لصراحته ان تكون مبنية على الحقائق، وأن يوصل هذه المعلومة المبنية على الصراحة التامة لمسؤوليه بأسرع وقت، وبأقصر مادة مكتوبة أو ملقاة. فدائماً هناك تركيز على المعلومة وضرورة وصولها مجردة من أي مؤثرات أخرى للمسؤول، لأن عليك مسؤولية كإنسان يبلغ هذه المعلومة أن تصوغها بشكل يوفر له عندما يسمعها، ان يتخذ قراراً مجرداً من أي عاطفة أو أي هوى أو أي تأثير، لا دخل له بالمعلومة نفسها. وأعتقد أنني استفدت كثيراً في عملي الدبلوماسي من هذا المنحى، في العمل الاستخباري.

* قبل قليل أشرت الى ضرورة أن يحسن الدبلوماسي التواصل مع الناس في البلد المضيف. السفير البريطاني في المملكة وصف قبل أيام لـ«الشرق الأوسط»، المدى الذي يذهب اليه كي يعمق علاقته بالسعوديين، ويبدو كواحد منهم، فقال إنه يطلب من الآخرين أن ينادوه بأبي هنري. فما الذي تسعى أنت إلى القيام به في بريطانيا، كي تقترب أكثر فأكثر من الإنسان العادي؟

ـ (مبتسماً بسعادة واضحة)، دعني أقول أولاً إنني اعتقد أن السفير السير شيرار كوبر كولز، هو من أنجح السفراء البريطانيين في المملكة العربية السعودية، وأدى خدمة كبيرة جداً لبلاده وبلادي لا تقاس بالمدة القصيرة التي قضاها في المملكة. بالنسبة لي أنا، وطبعاً هذا يسري على كثير من مواطني المملكة العربية السعودية، فنحن تربينا في نشأتنا قبل كل شيء على التواضع، وان لا يكون هناك أي غرور أو كبرياء في التعامل مع الآخرين. أضف الى ذلك ان المؤمن بالله، سبحانه وتعالى، دائماً مطمئن لأن ثقته بنفسه مبنية على ايمانه هذا. ولذلك فإن تعامل من تربى في المملكة مع شخص آخر اياً كانت جنسيته وسواء في بريطانيا او خارجها، يتسم بصفتين هما التواضع من جهة، وثانياً الايمان بالله، سبحانه وتعالى، وما يتمخض عنه من ثقة بالنفس. ودائماً تجد ان التعامل مع الاخرين يصبح أكثر سهولة لمن يتحلى بهاتين الصفتين، ولذلك لم اجد أي انعكاسات سلبية، والحمد لله، حتى الآن على كيفية تعاملي مع المواطنين العاديين في المملكة المتحدة، بل لقيت الترحيب والدفء في استضافتهم لي، باعتباري ممثلاً لخادم الحرمين الشريفين.

* وكيف تقضي أوقات فراغك في لندن؟ ـ والله يا سيدي، ربما كان القول إنه عندي أوقات فراغ هو من قبيل التناقض في التعبير. خلال السنتين والأشهر القليلة التي قضيتها في لندن، كان وقت الفراغ محدوداً جداً، والانسان دائماً تحت الطلب إذ تأتيك مواضيع حتى في العطلات الرسمية سواء أ كان في نهاية الاسبوع ام في غيرها من الايام، التي تشغل وقتك بمتابعة عمل معين بين حين وآخر. لكن بصفة عامة، كما ذكرت لك، فالقراءة تستهويني. طبعاً كغيري من بني البشر في هذا العصر أصابني إدمان التلفزيون، سواء في متابعة الأخبار أو متابعة بعض البرامج التي تستقطب المشاهد. بين القراءة والتلفزيون أحب، ان توفر الوقت، ان أمشي قدر الامكان على قدمي في لندن.

* لا بد أن الانترنت يأخذ قسطاً من وقتك ايضاً، فأنا اذكر انك قلت في إحدى الجلسات ان حفيدك قد دربك على استعماله؟

ـ (ضاحكاً) يا ليتني أستطيع إدعاء المعرفة بالانترنت، فهو مجال مبهم بالنسبة لي. وإن احتجت الى خدمة معينة من الانترنت، استعين بأبنائي وبناتي في ذلك، والحمد لله كسفير في مثل سفرتنا أجد من يساعدني في هذا المجال.

* وماذا عن حفيدك، يبدو ان علاقتك به غير رسمية؟

ـ والله يا سيدي اعتقد ان هذه هي ظاهرة وسمة من سمات الحفادة، إن صح التعبير. حفيدي عمره الآن اربع سنوات، وقد التحق بمدرسة للاطفال في لندن، ودائماً أصفه بأنه سلطان البيت، لأنه يحكم بمطلق الحرية في المنزل. إذ يحكمني ويحكم جدته ويحكم أمه ويحكم كل الناس. (ضاحكاً) دائماً يحاسبني ابنائي وبناتي قائلين، نحن أولادك ولم تعاملنا بهذه الطريقة، فلماذا تسمح له ان يفعل ما يريد، بينما كنت تحاسبنا عندما كنا في سنه. وردي عليهم دائماً يكون بالقول عندما يأتيكم أحفاد في المستقبل ستعاملونهم بنفس الطريقة، التي أتعامل بها مع الحفيد.
منقول

صوت العقل
13/07/2005, 10:42 PM
دايم متميز يامدير الله يعطيك العافية وانا متاكد لو نمشي 1000 كليو في الساعة لا يمكن ان نوصلك