تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : أهازيج الزراعة والسقاية والحصاد بالباحة


صقر الجنوب
12/08/2005, 02:34 AM
تختلف العادات والتقاليد بمنطقة الباحة وفقاً للتباين في طبيعتها الجغرافية والبيئية التي تنقسم إلى ثلاثة أقسام رئيسية هي:

أولاً : قسم البادية : وهي أرض صحراوية متصلة بنجد من الجهة الشمالية الشرقية.

ثانياً: قسم السراة وهي تلك المرتفعات الشاهقة وتمتد من الطائف حتى عسير.

ثالثاً: تهامة وهي مادون السراة باتجاه الساحل الغربي وتمتد مابين منطقتي مكة المكرمة وعسير.

وبهذا التعريف يتضح التباين في التضاريس والبيئة التي جعلت من هذه المنطقة مورداً خصباً ومتنوعاً في مأثوراتها الشعبية. وإذا كان الأمر كذلك في إقليم واحد فكيف ببقية مناطق المملكة المتسعة الأرجاء؟ التي هي بحق أشبه بقارة جمعت كل هذا الشتات من الثقافات على صعيد واحد.

ولإيضاح تلك الرؤية فإن أهازيج الزراعة مثلاً في منطقة الباحة تنقسم إلى ثلاثة أقسام تختلف باختلاف البيئة المشار إليها ومنها:

- أهازيج الزراعة في قسم السراة:

لا شك أن مناخ المرتفعات من جبال السراة كان ملائماً لزراعة الحبوب والفواكه بشتى أنواعها، كما أن طبيعتها الجبلية ساعدت على بناء تلك المدرجات والمصاطب الزراعية، وفيما يتعلق بأهازيج الزراعة يقول المزارع/ عبدالله بن مستور الغامدي 75 عاماً: كنا ندعو بأدعية عند البدء في (المذرَّى) وهو نثر الحب على الأرض قبل حرثه فنقول:

(اللهم إنا متوكلين عليك وحالنا ما يخفى عليك، اللهم لنا ولمن شبره من المسلمين ذرّينا لنا وللشَّابرين، وللطيور النافرين، بسم الله) ونبدأ بنثر الحب في كل أرجاء الركيب (الأرض الزراعية) ليبدأ بعد ذلك الحرث بواسطة الثيران، حيث يتم إحضار ثورين يوضع على عنقيهما (الضمد) فيقال ثوران مضبوبان، والضمد يصنع من خشب (الغَرَبْ) و(السدر) و(الطلح) وأشجار (العتم) لأنه قوي لاينثني أو ينكسر عندما يقوم الثور بسحب عود الحرث بواسطة (العصم) وهو حبل مصنوع من الجلد يربط بالعود الذي يغرز في الأرض فيسحبه الثوران وهو متصل بعصا بارتفاع متر تمكن المزارع من مسك عود الحرث (المحراث) من التوازن ويتم الضبط عليه ومؤخرة عود الحرث المتصل بالأرض مزودة بحديده مثلثة الشكل مثبته في العود من أسفله بزاوية شبه منفرجة. ويتابع المزارع عبدالله: كنا نردد بعض الأهازيج التي تعيننا وتنسينا التعب فهي مسلية وتدفعنا للحماس في تأدية هذه المهمة، فنقول أثناء الحرث:

يالله اليوم يا ربي

يا عويناً لطلابه

يا الذي تنبت الحبّي

يابس يوم نذرى به

ويلاحظ من تلك الأهزوجة أنها دعاء يتكرر أثناء تأدية الحرث، كما أن هناك أهازيج وعظية تقرع في آذان الصغار من الأطفال ويسمعونها ويرددونها مع والديهم أثناء تأدية الحرث، وفي ذلك يقول المزارع/ عبدالله بن تركي الدوسري 70 عاماً: كنا في أثناء الحرث في موسم زراعة الحنطة والشعير في أواخر فصل الشتاء نقول:

أبوصيك يا ولدي تزرع الحب

قليلك يغانيك عن أهل الكثيري

ومنّوك ذولا وغرّوك ذولا

تعود على قدمك تستديري

ويضيف العم عبدالله الدوسري: إن لموسم الزراعة دوراً في قول الأهازيج فلفصل الشتاء أهازيجه ولفصل الصيف أهازيجه وكذلك الخريف. فكنا نقول في فصل الخريف الذي نزرع فيه الذرة الأهازيج التالية:

الليل هيّا والنهار هيّا

يا راقد في فيحة الثريا

تناهبتك اليوم وأنت حيّا

ويقول المزارع ذلك في فترة قصيرة من برج الثريا عندما يشير ظل الحصن الذي كان أشبه بالمزولة الفلكية إلى مردم الفيحة والمردم هو العلامة المبنية بالمرو أو الأحجار في الجهة المقابلة للحصن الزراعي مما يلي شروق الشمس للتعرف على دخول هذه الفترة التي تتراوح بين 5-8 أيام حيث تكون فيها زراعة الذرة صالحة للغاية ولذلك يقال عن هذه الفترة (في فيحة الثريا يفترق العصباء) وهم المشتركون في الثيران التي تؤدي عملية الحرث فهم لا يتفقون في هذه الفترة فكلاً منهم يريد اغتنام فرصة اللحاق بهذه الفترة الوجيزة التي تسمى (فيحة الثريا).

- أهازيج الدمس والقصاب:

أما المواطن عثمان بن معيض الكناني فيقول: بعد الانتهاء من مرحلة الحرث تأتي مرحلة الدمس وهي: تسوية الأرض المحروثة بواسطة (المدمسة) التي هي عبارة عن خشبة عريضة تربط طرفين من مقمة الوسط لهذه الخشبة وتوضع بدلاً من عود الحرث الذي كان مربوطاً في الثورين ويسحبها الثوران على سطح التربة ويقف عليها المزارع أو أحد أبناءه لزيادة الضغط على المدمسة التي تعمل على تسوية الأرض، ويلي هذه المرحلة مرحلة (القِصَّاب) في الأراضي المسقوية وهي التي تسقى من الآبار حيث يقوم مجموعة من الرجال والنساء بتقسيم الأرض المحروثة بواسطة المقاصب الخشبية إلى مربعات متساوية تقارب مترين في ثلاثة أمتار ومن الأهازيج التي يرددها النساء والرجال في هاتين المرحلتين:

أولاً: الدمس حيث يقال في هذه المرحلة:

على محمد صلاة العجومي

وصلى طيرٌ في السما يحومي

الدمس ما بقى له اللحومي

إلا العصب والجلد عالعضومي

أما أهازيج الرجال والنساء معاً في المرحلة التالية والأخيرة (القِصَّاب) فيقال:

مدّي رقابك يارقاب الصيدي

مدّي رقابك وانفحي بالأيدي

ويقال أيضاً:

إلى شريت الثور فاشر الوافي

وإن باح لحمه شيل بالكتافي

ويلي ذلك مرحلة (السِّقاية) بواسطة الثيران والجمال وهي (السواني) حيث يقوم بالسقاية رجل ويعمل على (التحريف) أي تصريف الماء امرأة أو رجل آخر فيقول الساقي بالسواني على البئر:

سرحت راس البير يوم أشرق النور

وقلت هيّا إن كان في جمتك غور

عبيت لك سهلان الأيدي وعدّه

فيما تردد المرأة التي تعمل على تصريف الماء وتقول رداً على الساقي:

أنا دخيلك كف عالكفر والجور

لاتذبح الثور، ما بتلحق الغور

يا ما نشا قبلك صفوفٌ وشدّه

- أما أهازيج (الصِّرام): وهو (الحصاد) بعد اكتمال نمو المحصول الزراعي فتبدأ عملية الحصاد بواسطة (الأمحاش) واحدها محش وهي الأداة المستخدمة يدوياً لحصاد المحصول، ويتم ذلك بواسطة النساء بمساعدة الرجال حيث يصطف مجموعة من النساء والرجال على خط واحد معاً وتبدأ المباراة النسوية لتبدي كل واحدة منهن مهارتها وما تمتاز به من خفة الحركة والرشاقة مع ترديد الأهازيج الواحدة تلو الأخرى فتبدأ الأولى بقولها: (غطرفي ياحديّا) وتليها الأخرى فتقول: (وأنت ياذيب غنّه) والتي تجاورها تقول (من تمنّى لقانا) وترد الأخرى (بشره بالمجنة) وهكذا وتكون تلك الأهزوجة كاملة كما يلي:

غطرفي يا حديّا

وأنت ياذيب غنه

من تمنّى لقانا

بشره بالمِجنّة

أما الرجال فيرددون أهزوجة الحصاد المحببة إلى نفوسهم ويتم ترديدها شطراً كما يلي:

يالله يا محيي العظام اللي هشيمة

تقطع الراس الذي ما فيه شيمه

وفي نهاية الحصاد أو عند الاقتراب من نقطة النهاية لحصاد الأرض يردد الجميع رجالاً ونساءً هذه الأهزوجة:

قـَيـَّـل الذيب؟... والله ما قيّل

قـَيـَّـل الذيب على الغزيّـل

وعند الاستعانة بأهالي القرية وهو ما يسمى (الفزعة) حيث يتكاتف الجميع ويذهبون رجالاً ونساءً إلى المزرعة المراد حصادها، وفي أثناء طريقهم إلى المزرعة ينقسمون إلى قسمين أو صفين ويردد الصف الأول:

ما لفينا مع الفجر الأول

غير حشمة وقدر الرفيق

فيرد الصف الآخر ويقول:

حي من يهزع الصف الأول

مثل هزع البرد جال فيق

ويبدو من البيت الأول إبداء الاهتمام والتقدير لصاحب المزرعة المراد حصادها، أما البيت الآخر في الرد فهو إثارة للحماس والتحدي للصفين من الرجال والنساء فهم ذاهبون معاً لميدان الحصاد وكلمة يهزع بمعنى يتغلب مثل هزع البرد أي قمع البرد في وادي فيق المليء بأشجار الفواكه سريعة التضرر بضرب البرد لنعومتها مثل الأعناب والخوخ والتفاح.

-----------------------------------------

تحقيق / إبراهيم الزهراني

عن مجلة (الباحة) العدد (96)
منقول

صوت العقل
12/08/2005, 02:45 PM
الله على ايام زمان

يعطيك العافية

مشهور
13/08/2005, 03:23 AM
شكرا لك على هذه المعلومه القيمه وهذا الطرح الجيد سجلو ياشباب ماكا يقال وتذكرو فستذكرو الاجيال القادمه ماكان يعمل الابا ولاجداد تحية وتقدير