نهرالعسل
09/09/2004, 12:15 AM
سقطت في يدي ذات مرة مجلة صغيرة للطالبات، تخرجها مدرسة معروفة بصلاح التوجه وقوة النشاط، فأخذت أتصفحها وقد جذبتني بحسن إخراجها الفني، وألوانها الزاهية.
لكني ما أن أنهيت الاطلاع على صفحاتها الثمان، حتى تملكني إحباط شديد وأسف بالغ، وتداعت في نفسي عشرات الأسئلة المتعجبة، فتصوروا، أنه بلا أدنى مبالغة كانت 90% من مادة المجلة عن الحجاب.. والحجاب.. والحجاب فحسب!
وهكذا، يتركز التوجيه بأسره ويتحد الصوت جميعه حول هذه القضية، حتى تخيلت الفتاة وقد سترت جسدها بالسواد من أعلاه حتى أخمص القدمين، وسترت معه على عيوب في الشخصية جمة، وشح في الأخلاق، واهتزاز في المبادئ، وهشاشة في ركائز العلم! وإلا فأين نصيب هذه من الجهد؟
إن هذه مشكلة من أبرز مشاكل العمل الدعوي الموجه للمرأة، ألا وهو دوران الأفكار حول محاور معينة، كالحجاب، وقضية التحرير، والعمل خارج المنزل، ثم تقدم للجمهور بأسلوب مباشر يتسم بالرتابة والتكرار، مما يسبب ضعفا في الفكرة، ومللا لدى المتلقي، ومن ثم عزوف أكثر الملقين كذلك عن هذه الأمور، فتتراكم الأخطاء والسلبيات، ونظل ندور في حلقة مفرغة!
والحل، ليس في الإعراض عن تناولها بحجة أننا أشبعناها بحثا وكتابة وإلقاء، كلا، فالمتأمل في حال المجتمع، خاصة مع الفكاك من ضيق الإقليم إلى سعة الأمة، يجد أن المرأة المسلمة ما زالت بحاجة إلى توعيتها في ذلك، فالحجاب في تدهور باد للأعيان، وقضية التحرير ما زالت أصوات الغربان تنعق بها، والبرود الجليدي يكتسح دفء بيوتنا نتيجة خروج المرأة للعمل، إذن فالناس يبقون في حاجة، وما دامت المشاكل تطل بأعناقها المخيفة في مجتمعنا، فستظل أكفنا تجتث الشر وتزرع الخير..
لكن السر، يكمن في أمر "التجديد" في الطرح..
إننا في أمس الحاجة إلى تناول هذه الأمور من زوايا أخرى، حتى لو بعدت نوعا ما فلا ضير ما دامت النتيجة تؤدي إلى الصلاح وحل المشكلة، فمثلا بالنسبة للحجاب، يمكن تأسيس قواعد نصيحة به قوية ترتكز على إثارة العبودية لله، واستشعار جلاله وعظيم سلطانه، وعزة جبروته، ثم بعد أن تخشع النفس في محراب الذل، نبين لها أن الحجاب عبادة وأمر، ينبغي عليها أن تبذل قصارى الجهد في إحسان القيام به، والاجتهاد في بلوغ الكمال فيه، قياما بالحق لهذا الخالق جل جلاله.
وللقيام بمهمة التجديد يحتاج الداعية في نفسه إلى ركيزتين، يستطيع بعدها أن يعيد طرح مواضيع متكررة فيحالفه بإذن الله النجاح فيها، ويحصل التأثر والإصلاح:
1) ما كان لله بقي، فالله الله في تجريد النية لله، الماء النقي يجري عذبا رقراقا، فيخرج به أزواجا من نبات شتى، والماء العكر يدوم مرتعا للأوبئة في نفسه، أذى بروائحه وأمراضه على الناس، وليست النائحة الثكلى كالنائحة المستأجرة.
2) الهمة العالية، هي التي تمد الحماس بالوقود ليستمر ويبقى، أما من كانت همته تتمرغ في أوحال أهداف شخصية، فسرعان ما ستخمل عزيمته وتفتر إرادته، وهذا هو أضعف الناس في التجديد، وأقواهم في التخذيل والتشبيط!
وفي الختام، لا تجرين هذه الفكرة تطبيقا على كل الناس، فمنهم من تحدثه بحديث من تلك التي تراها قد قتلت تناولا، فإذا به يذعن وينيب ويتأثر، كما حدث لإحدى الأخوات، حيث رأت مطوية تتناقلها أخواتها المراهقات عن "ذئاب الهاتف"، تقول: استهنت بها كثيرا، واستبعدت أن يتأثر أحد بها، فهو من أشد العناوين إملالا في الساحة بالنسبة لي! لكني فوجئت بأخواتي يحكين بحماس عن سرعة تناقل هذه المطوية في مدرستهن المتوسطة، وشديد تأثر الطالبات بها
لكني ما أن أنهيت الاطلاع على صفحاتها الثمان، حتى تملكني إحباط شديد وأسف بالغ، وتداعت في نفسي عشرات الأسئلة المتعجبة، فتصوروا، أنه بلا أدنى مبالغة كانت 90% من مادة المجلة عن الحجاب.. والحجاب.. والحجاب فحسب!
وهكذا، يتركز التوجيه بأسره ويتحد الصوت جميعه حول هذه القضية، حتى تخيلت الفتاة وقد سترت جسدها بالسواد من أعلاه حتى أخمص القدمين، وسترت معه على عيوب في الشخصية جمة، وشح في الأخلاق، واهتزاز في المبادئ، وهشاشة في ركائز العلم! وإلا فأين نصيب هذه من الجهد؟
إن هذه مشكلة من أبرز مشاكل العمل الدعوي الموجه للمرأة، ألا وهو دوران الأفكار حول محاور معينة، كالحجاب، وقضية التحرير، والعمل خارج المنزل، ثم تقدم للجمهور بأسلوب مباشر يتسم بالرتابة والتكرار، مما يسبب ضعفا في الفكرة، ومللا لدى المتلقي، ومن ثم عزوف أكثر الملقين كذلك عن هذه الأمور، فتتراكم الأخطاء والسلبيات، ونظل ندور في حلقة مفرغة!
والحل، ليس في الإعراض عن تناولها بحجة أننا أشبعناها بحثا وكتابة وإلقاء، كلا، فالمتأمل في حال المجتمع، خاصة مع الفكاك من ضيق الإقليم إلى سعة الأمة، يجد أن المرأة المسلمة ما زالت بحاجة إلى توعيتها في ذلك، فالحجاب في تدهور باد للأعيان، وقضية التحرير ما زالت أصوات الغربان تنعق بها، والبرود الجليدي يكتسح دفء بيوتنا نتيجة خروج المرأة للعمل، إذن فالناس يبقون في حاجة، وما دامت المشاكل تطل بأعناقها المخيفة في مجتمعنا، فستظل أكفنا تجتث الشر وتزرع الخير..
لكن السر، يكمن في أمر "التجديد" في الطرح..
إننا في أمس الحاجة إلى تناول هذه الأمور من زوايا أخرى، حتى لو بعدت نوعا ما فلا ضير ما دامت النتيجة تؤدي إلى الصلاح وحل المشكلة، فمثلا بالنسبة للحجاب، يمكن تأسيس قواعد نصيحة به قوية ترتكز على إثارة العبودية لله، واستشعار جلاله وعظيم سلطانه، وعزة جبروته، ثم بعد أن تخشع النفس في محراب الذل، نبين لها أن الحجاب عبادة وأمر، ينبغي عليها أن تبذل قصارى الجهد في إحسان القيام به، والاجتهاد في بلوغ الكمال فيه، قياما بالحق لهذا الخالق جل جلاله.
وللقيام بمهمة التجديد يحتاج الداعية في نفسه إلى ركيزتين، يستطيع بعدها أن يعيد طرح مواضيع متكررة فيحالفه بإذن الله النجاح فيها، ويحصل التأثر والإصلاح:
1) ما كان لله بقي، فالله الله في تجريد النية لله، الماء النقي يجري عذبا رقراقا، فيخرج به أزواجا من نبات شتى، والماء العكر يدوم مرتعا للأوبئة في نفسه، أذى بروائحه وأمراضه على الناس، وليست النائحة الثكلى كالنائحة المستأجرة.
2) الهمة العالية، هي التي تمد الحماس بالوقود ليستمر ويبقى، أما من كانت همته تتمرغ في أوحال أهداف شخصية، فسرعان ما ستخمل عزيمته وتفتر إرادته، وهذا هو أضعف الناس في التجديد، وأقواهم في التخذيل والتشبيط!
وفي الختام، لا تجرين هذه الفكرة تطبيقا على كل الناس، فمنهم من تحدثه بحديث من تلك التي تراها قد قتلت تناولا، فإذا به يذعن وينيب ويتأثر، كما حدث لإحدى الأخوات، حيث رأت مطوية تتناقلها أخواتها المراهقات عن "ذئاب الهاتف"، تقول: استهنت بها كثيرا، واستبعدت أن يتأثر أحد بها، فهو من أشد العناوين إملالا في الساحة بالنسبة لي! لكني فوجئت بأخواتي يحكين بحماس عن سرعة تناقل هذه المطوية في مدرستهن المتوسطة، وشديد تأثر الطالبات بها