المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : «حــــادي بــــادي» - وهيب سعيد بن زقر


صقر الجنوب
27/08/2005, 11:42 AM
«حــــادي بــــادي»




http://www.aleqt.com/SiteImages/RayAuthors/83.jpg


وهيب سعيد بن زقر
27/08/2005

وأنا في طريقي، عند منتصف الليل، لرحلة عمل خارج المملكة لبضعة أيام، سمعت، رنين ''المضروب'' على عينه ''المحمول''، في هيئة صوت يستوضح عما إذا كان سعر برميل النفط ''سيضرب'' فوق المائة دولار أمريكي قريباً، ومعدل سوق الأسهم ينطلق ''عليوي''، محققاً معدلات غير مسبوقة، مع تكاثر السيولة التي جعلت ''رمي النقود''، وراء الأسهم والسندات، أسهل من رمي الجمرات، لانشغال الناس في ''التكاثر''، حتى نسوا أنفسهم وفقدوا روعة وسطية التعايش وفوائد الترابط ومتعة التكامل وأمان التوازن واستقرار الأحوال لتقارب المصالح وتوافر الفرص. وأصبحت نفوسهم منفتحة لزيادة الماديات النقدية والركض خلف مصادرها، مثل جهنم إذا قيل لها هل ''امتلأتِ'' قالت ''هل من مزيد''.
لقد صاحب ظهور سوق المال توفير البنوك المحلية، صالات عرض سينمائية لأفلام يومية ''لحواديت جهنمية''، دون اهتمام الجهة الرقابية، مما دفع الصحف المحلية أنْ تفرد مساحات تزاحم صفحات الرياضة، وأصبحت مكانا لاستعراض العضلات وظهور ''محللين'' لمعلقات ''دخلنا خرجنا'' من غير ما نعرف ايش اللي ''حيصير'' بعدما ''طاح الفاس على الراس''، وسال دم ''رية وسكينة''، من غير سالفة، ودون فائدة من تقارير المحللين. إن سوق الأسهم للمواطن العادي، مما نسمع ونقرأ، أصبحت على حال ليست أقل من ضرب من ضروب القمار المشروعة للدخول فيها بحذر كبير، وبالقدر المتوافر من المال الزائد عن الحاجة، ولا يتضرر الإنسان من ضياعه، وتتصرف فيه بعلم ودراية مكاتب متخصصة وأشخاص مهنيون مرخص لهم من الجهة الرسمية المسؤولة، سواء كانت وزارة المالية أو هيئة سوق المال أو وزارة التجارة. علماً أن قيام مثل هذا التصرف المسؤول في حكم المستحيل، لأن الجهات الحكومية لم تصل بعد إلى النضج الذي ترى فيه أن علاقتها بالمواطن خدمية أكثر من كونها إصلاحية عمقية، وألا يصبح نشاط سوق الأسهم لمحدودي الدخل مثل من ''يشتري حمام ويطيره''، وأن تتوفر له أجهزة حكومية وأهلية وخاصة توجهها ليزيد من دخله من عمل منتج ونشاطات اجتماعية تفيد أسرته وأقاربه، وتبعده عن الركض وراء سراب يضيع على المواطن ''الواطي والعالي''.
إن المجتمع بجميع أطيافه وسلوكياته وأدبياته، مرتاح لزيادة معدل سوق الأسهم يومياً، ويكثر من دعائه في أنْ يتوجه جاهه إلى الأعلى حتى يصل فوق السحاب، طالما أن المؤشرات لتحركاته الإيجابية مستمرة، وسعر النفط عالمياً في تصاعد، والإنفاق متنامٍ لدرجة أن سهم شركة من أحسن الشركات المحلية في سوق التداول ارتفعت قيمته السوقية خمسة أضعاف دون أي تغير في قيمتها الحقيقية الدفترية، وتدنت النسبة المئوية للعائد السنوي لربح السهم إلى مستوى منخفض، بينما بالمقابل المقارن لشركة عالمية مماثلة لها في فرنسا، فإن القيمة السوقية ارتفعت لنفس المدة لضعفي القيمة الحقيقية الدفترية، والنسبة المئوية للعائد لربح السهم ارتفعت، وأصبحت القيمة الورقية للشركة المحلية أضعافا مضاعفة للقيمة الدفترية الحقيقية للشركة العالمية... فلا غرابة إذن أن ''تحلو'' الدنيا في عيوننا، لأن كثرة الجراد رخصت أسعار اللحم.ي حكم
إن الوضع الذي عليه سوق الأسهم السعودية وتحركات الأسعار وتصرفات المضاربين، وصفقات البيع والشراء ومتابعة الجهات المعنية والآلية لتصريف التعاملات، أعمال تطورت في ظل تنظيمات وأحكام مستوردة وجديدة على حياتنا العملية، وتفاعلت مع أوضاع اجتماعية قائمة ومفاهيم مبنية على افتراضات وهمية، ونتائج مخفية. إن الخوف من الأوضاع التي تعيشها سوق المال، ينحصر في الظاهر منها الذي يتمثل في ارتفاع الأسعار، ويتعداه دون ذلك من أضرار اجتماعية وخسارة تجعل ''السوق'' في المفهوم المجازي ''حلبة للمقامرة'' تحت إشراف تتوافر له جميع عناصر الإدارة الجيدة في اقتصاد مكتمل النمو مثل المملكة المتحدة أو فرنسا. إن سوق الأسهم في السعودية ليست متخلفة ولا مكتملة النمو. إنها سوق استهلاكية للطري واليابس، ولا ترحم الضعيف وتخشى بطش القوي، وحتمية توافر بداهة شفافية التناغم بين اختزال النظم والقوانين الأجنبية، مفترضةً إضافةً إلى براعة التنفيذ الغربي المتصرف لترويج مفهومية ''فراخة'' العقلية المحلية في تصريف الأمور وفبركة المعطيات. إن هيبة الإدارة الفوقية ''ما تسقي بُقْ موية'' وذهب السكوت لا ينفع في سوق كثرته ''عطاشى''، بينما تجري من حوله ''أنهار'' المعاملات الداخلة والخارجة دون معرفة الفرق بين المضروب والسليم لأن كلاً له أيده .. والضعيف ليس له وضع من الإعراب في هذه التعاملات، وإقراض البنوك يصبح بدون طعمة!.
إذا قبلنا أن هنالك شبه إجماع على مبررات زيادة معدل سوق الأسهم، فيمكن أنْ ''نحط في بطننا بطيخة صيفي''، ونطرب لفكر زيادة سعر برميل النفط، حتى ليتخطى المائة دولار، دون اهتمام لعدم منطقيته، وحكمة استمراره، وتزايد معلوماتنا من مصادرهم الغربية، وجهلنا بمستقبل اقتصاد بلادنا في ظل هذه التغيرات وزيادة الأسعار، واتكالنا على مراكز الغرب البحثية، لأننا لا نعرف عن مراكز بحثية محلية نلجأ لها ولا نتحصل على نتائج أبحاثهم، ونقرأ عن شكوى الأكاديميين وحملة المؤهلات العلمية العالية بعجزهم عن توفير الأبحاث العلمية المفيدة، وحجتهم عدم توافر الأموال، لأن المقدر سنوياً عالمياً للبحث العلمي في حدود 2 في المائة من الدخل القومي، والمخصص في الميزانية العامة لبلادنا في حدود 025 في المائة.
إن الفكر الذي نحن عليه، فيما يتعلق بالتغيرات في سعر النفط والمستقبل الذي ننتظره من تنامي الاستهلاك مع زيادة الدخول، فإنه متأثر بالمعلومات الغربية المتوافرة لنا، وبصرف النظرة الوطنية المحلية أن ما ينفق للبحث العلمي لا يزيد على 025 في المائة من الدخل القومي، والسمعة الحسنة التي تتمتع بها مدينة الملك عبد العزيز التقنية في اهتماماتها بالأبحاث العلمية، فإن نتائج الأبحاث وفوائد الإنفاق غير ملموسة وليست متوافرة، والوضع يتطلب معرفة سبب نُدرة الأبحاث قبل مناقشة جدوى زيادة المخصصات.
ربما لا خوف على الاقتصاد الوطني من اعتمادنا الكامل على مصادر غربية للمعلومات حول صناعة النفط، لأن المعلومات المقدمة كثيرة ومتضاربة، ولكنها مصاغة في قوالب تستهدف مصالح اقتصاداتهم ومواطنيهم، وإفهامهم أن خطر النفط المستورد أكثر فتكاً من ''الإرهاب''. ويقول بروفيسور الفيزياء في جامعة نيويورك المستر فارلن هوفيرت ''الإرهاب لا يزعزع فاعلية القلب النابض لنمو حياتنا التقنية الراقية ، لكن الطاقة تسبب ذلك'' . إن من منظورنا الوطني، فنحن نعيش في ''جهالة طبيعية''، طالما أن المعلومة المفيدة غير متوافرة، وأننا لا نأبه بذلك، وننعم بتخمة ما نحن فيه . إذاً الجهالة مفروضة علينا ونحن راضون بها، فإن ''الحالة الطبيعية'' التي نحن عليها تعتبر نعمة إلهية نتذرع بها ونعقلها ونتوكل، في أنه ليس هنالك مال سائب مدى الحياة، ولا يمكن أنْ يكون لصالحنا ومضرا لغيرنا. وضمن هذا الفكر نحاول أنْ نجد ضالتنا ونسعى لتوفير الأسباب لحماية مصالحنا والدفاع عن حياتنا وتأمين مستقبل الأجيال المقبلة.في تص
خلال نصف قرن مضى، تحول الغرب الصناعي من فرض قبضته على أسعار النفط إلى حالة غير مبال لزيادة الأسعار، ولا مهتم للغط الدائر، ولا مبال للغوغائية المتسببة في زيادة الأسعار لمستويات تُحسن فرص رواج اقتصاديات البدائل لمنتجات الطاقة المحركة للتقنية الغربية لتصبح منتجات الطاقة مقبولة في حد ذاتها للنفط عند مقارنة السعر والأداء في المستقبل القريب، وأنْ تتدرج مفاضلة زيادة كفاءتها الأدائية والسعرية مقارنة بالنفط. لقد استطاعت البرازيل، وتعدادها لا يقل عن 200 مليون نسمة، أنْ تزيد من كفاءة منتوج الطاقة ''الألكو'' من قصب السكر، وبيعه بدون دعم حكومي في محطات البنزين، ويمثل استهلاكه 40 في المائة من السيارات العاملة في البلاد. كما تنتج البرازيل سيارات تعمل بالنظامين النفط و''الألكو''.
الصناعية والحياة الاستهلاكية الغربية أخذت تتحول من تطوير وتوفير بدائل للنفط لتصل إلى واقع تنظيم حياتهم ومعيشتهم وأعمالهم على تعددية منتجات الطاقة المحركة، بحيث أنْ تتناسب وتتناسق مع الفائدة المجنية من تكلفة نفطية محددة، وتجاري النتائج المتوقعة من منتجات الطاقة المتوافرة لهم، وهذا لا يمكن الوصول إليه إلا بزيادة سعر النفط إلى المستويات التي تحقق التزاحم النسبي، لمنتجات الطاقة الأخرى، واسترسالاً مع هذا الفكر، فإن سعر النفط، في المدى البعيد، سيتراجع مع زيادة كفاءة المنتجات الإضافية وتقليل تكلفتها. إن زيادة سعر النفط والتوجه للمنتجات الإضافية وأهمها الطاقة النووية والشمسية والهوائية والرياح والمنتجات الزراعية مثل قصب السكر والذرة.. إلخ، لكن نقطة البداية لبرنامج تنوع الطاقة المقبولة للغرب الصناعي للنفط لسعر نفط مرتفع ثلاثة أو أربعة أضعاف لما كان عليه في بداية القرن الواحد والعشرين، ويترتب عليه زيادة تكلفة المصنوعات والمنتوجات الغربية، وخاصةً التصديرية. إن التوجه الذي يسير عليه الغرب للفلسفة التي يتوجهون نحوها، في أن أهم الدول المنتجة للنفط استهلاكية المعيشة ومستوردة كامل احتياجاتها من منطقة اليورو أو الدولار، وأن الزيادة في أسعار النفط على الدول الصناعية سيستعيدها الغرب الصناعي من قيمة مستورداته لمنتجات أسعارها مرتفعة، وأن الفوائض المالية للاقتصاديات النفطية، ستستثمر في سندات وعقارات.. إلخ غربية وتودع في مصارف الغرب.
طالما أن قدرات الدول النفطية متخلفة في الاستفادة من خيرات بلادها النفطية المتزايدة، في كسب العلم والمعرفة والتقنيات والعمل بجدية العصر الذي نحياه، فإن رجالهم وسيداتهم سيتسابقون في اقتناء أفخر مبتكرات الغرب، ويتبارون في تحقيق توجهات مبتكرة للبذخ والحياة الغربية الحديثة.ة
يقول فلاسفة غربيون وعقول مفكرة ''إن المحافظة على الطاقة تبقى حتى يوم الميعاد، لكن لا يمكن لهم المحافظة على ثروة غير متوافرة في أيديهم. إن المهم زيادة الجهود البحثية عن الطاقة المنتظرة لتغذية القوة الإنسانية''. إنهم متفقون في التوجه الذي يسيرون عليه في أن الطبيعة لا توفر نوعاً واحداً للطاقة يتماثل مع النفط، ولكن الطبيعة توفر مجموعة من منتجات الطاقة المحركة، تعمل بفعالية أقل من النفط وتكلفة أعلى منه، وتصبح مقبولة اقتصادياً واجتماعياً طالما أن سعر النفط ارتفع للمستوى الذي يساعد العلماء والمشرعين على تكثيف الجهود البحثية والنظم المساعدة لنشر الأفكار الإنتاجية الجديدة، وتوفر للعالم الصناعي مجموعة من القوى المحركة ذات فوائد اقتصادية للدول الغربية لتقليل اعتمادها على مصادر خارجية، وتوفير عملات وزيادة الدخول والعمل بصورة غير مباشرة على أنْ تدفع الدول المصدرة للنفط تكاليف اكتشاف وظهور منتجات مزاحمة للنفط بتنظيمات يضعها الغرب الصناعي ''على عينك يا تاجر''، ولا تترك للأوبيك إلا أنْ يرجع مثل التاجر المفلس لدفاتره القديمة من الفرقة والشقاق بين أعضائه.
إن العالم الغربي الصناعي في طريقه لقبول حتمية زيادة وارتفاع أسعار النفط والاستفادة منه في الإنفاق لتوفير الطاقة المقبولة للحياة، والعمل الغربي لتعجيل ظهور باقة من منتجات الطاقة حتى لو كانت تكلفة مرتفعة وكفاءة منخفضة واستقرار أفضل من الاتكال على النفط الذي يشجعون زيادة سعره لما يسهل عليهم إنجاح البرنامج النبطي الذي هم سائرون عليه. إن زيادة الأسعار التي تحبها الدول المنتجة للنفط ستعود في هيئة صادرات للغرب الصناعي مرتفعة السعر، وتدوير للأموال الفائضة لإدارتها بواسطة مؤسساتهم المالية. إنهم يعتبرون الاقتصاديات النفطية استهلاكية، وأن استهلاكها يتزايد مع برامج التنمية التي لا تربط الإنفاق بالنتائج المحققة ولا بالدخول المتولدة. إنهم يعتبرون أن الفكر الاقتصادي للدول المصدرة للنفط، ما زال استهلاكيا، يغلب عليه البذخ والمبالغة في الإنفاق، وأن التنظيمات الجديدة ليست تحديثاً بقدر ما هي وسائل وطرق لتبرير زيادة الإنفاق المترتب على زيادة تكلفة إنتاج الزيت الخام وأقيامه لتسديد الاحتياجات المتزايدة ، وتأثيراته تنعكس على زيادة أسعار الأراضي والأسهم وتكاليف المعيشة واستهلاك المقتنيات الغربية.. والله أعلم.

الواد سيد الشغال
27/08/2005, 11:55 AM
متشكر اخ صقر الجنوب