![]() |
سنن الطواف للقدوم أو للعمرة - الاضطباع و الرَّمَل
سنن الطواف للقدوم أو للعمرة
أولاً : الاضطباع : من سنن الطواف الأول الذي هو طواف العمرة ، أو طواف القدوم ؛ أنه إذا وصل إلى المطاف ، فإنه يضطبع بالرداء ؛ بمعنى : أنه يجعل وسط الرداء تحت إبطه الأيمن ، ويجعل طرفيه على كتفه الأيسر ، فيكون الكتف الأيمن مكشوفاً هو والعَضُد ، ويكون الكتف الأيسر مستوراً بالرداء ، ويسمى هذا بالاضطباع ؛ لأن الاضطباع : إبداء الضبع ، وهو الكتف والعضد ؛ اقتداءً بالنبي صلى الله عليه وسلم ، ولأن هذا فيه إظهار للقوة ، وإعانة للطائف على أن يتحرك بقوة ، فيضطبع للطواف الأول ، سواء كان طواف عمرة ، أو طواف قدوم ، من بداية الطواف إلى نهايته . فإذا انتهى الطواف ، أعاد الرداء إلى حالته ، وستر الكتفين ، فالكتفان مستوران بالرداء قبل الطواف وبعد الطواف ، وإنما يكشف الكتف الأيمن في حالة الطواف فقط ، ويغلط في ذلـك بعض الناس ـ وهم كثير الآن ـ فإنهم إذا أحرموا من الميقات اضطبعوا واستمروا على ذلك ، وهذا غلط ، لأن هذا ليس مشروعاً ، فلا يضطبع إلا عند بداية الطواف ، وإذا انتهى الطواف أعاد الرداء على كتفيه وسترهما ، هذا هو المشروع . أما طواف الإفاضة ، إذا طاف وهو محرم ، فإنه لا يضطبع فيه ؛ لأن هذا شيء لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم . ثانياً : الرَّمَل : كذلك من سنن الطوافِ الأول للحاجِّ ؛ طواف القدوم أو طوافِ العمرة : أنه يَرْمُل في الأشواط الثلاثة الأول ، والرَّمَل : هو الإسراع في المشي مع تقارب الخطى إذا تيسر له ذلك ، أما إذا كان ضعيفاً ، أو مريضاً ، أو كبير السن ، أو امرأة ، فلا يشرع له الرمل ، إنما هذا في حق الرجل القوي الذي يجد فرصة ، وأما إذا كان المكان مزدحماً ، وصار يضر الناس بمدافعته ، فلا يرمُل ، بل يمشي على هينته ، رفقاً بالناس ، ورفقاً بنفسه . وأصل الرمل : أن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه لما جاؤوا للعمرة ؛ عمرةِ القضاء أو القضِيَّة التي بعد صلح الحُديبية ؛ كان قد تفاوض مع المشركين عام الحُديبية على أن يرجع إلى المدينة ، وأن يأتي من العام القادم هو وأصحابه ويؤدوا العمرة ، وتقاضَوْا على هذا ، وهذا من ضمن الصلح الذي تم بينه وبين المشركين . فلما جاؤوا لهذه العمرة ، قال المشركون : سيقدُم عليكم قوم وَهَنَـتْهم حُمَّى يثرب ؛ أي : حمى المدينة ؛ لأن المدينة كان فيها حمى في ذاك الوقت ، فهم يريدون تنقُّص المسلمين ، وإظهار الفرح بضعفهم ، فأخبر الله نبيه صلى الله عليه وسلم بما قاله المشركون ، وتجمع المشركون في دار الندوة الواقعة في الجهة الشمالية للبيت لينظروا إلى الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه وهم يطوفون . فالنبي صلى الله عليه وسلم أمر أصحابه بالرمل إظهاراً للقوة ؛ ليغيظ المشركين ، فكانوا يرمُلون إلى أن يصلوا إلى الركن اليماني ، ثم يمشون ما بين الركن إلى الحجر؛ لأن المشركين كانوا في الجهة الثانية ، ولا يرون الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه ، وكان يأمرهم بالمشي ؛ إبقاء عليهم، ورفقاً بهم ، فإذا تبينوا أمام المشركين ، رملوا ؛ إغاظة لهم ، فلما رأوهم يرملون ، قالوا : هؤلاء القوم أقوى من الغزلان ، فغاظهم ذلك ، ورأوا قوة الصحابة وقوة الرسول صلى الله عليه وسلم . فهذا دليل على أن المسلمين يجب عليهم ألا يضعفوا أمام عدوهم ، وإنما عليهم أن يظهروا القوة أمامه مهما أمكنهـم ذلـك ، قـال تعـالى : (وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لا تَعْلَمُونَهُمْ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ) [الأنفال:60] . فبقي الرمل سُنة مستمرة إلى يوم القيامة ، وإن زال السبب الذي شُرع من أجله ، لكن بقي الرمل سُنة مستمرة إلى أن تقوم الساعة ، فنحن نرمُل اقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم ؛ لأنه صلى الله عليه وسلم رمل هو وأصحابه في حجة الوداع بعد عمرة الحديبية ، فدل على بقاء الرمل ، وهذا يذكر بحالة الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه ، والمسألة مسألة اقتداء واتباع ، فنحن نفعل هذا الرمل إذا تمكنا منه . ثالثاً : الدعاء : ومن سنن الطواف الدعاء في أثنائه ، فالطائف لا يسكت ، بل يدعو ، أو يقرأ القرآن ، أو يذكر الله بالتهليل والتكبير والتسبيح ؛ لأنه في عبادة ، فيشغلها بذكر الله عز وجل ، إما بأن يقرأ القرآن ، أو يدعو لنفسه وللمسلمين ، أو يسبح ويكبر ويهلل ، فيشغل الطواف بالذكر ، ولو طاف ولم يذكر الله ، ولم يدع ، وكان صامتاً من أول الطواف إلى آخره ، صح طوافه ، ويكون إنما ترك سنة من سنن الطواف ، لكن ما يفعله بعض الحجاج الآن أنهم يلتزمون أدعية معينة ويأخذون معهم كتباً ويقرؤون منها الدعاء هذا لا يتعين فلو دعا بغير ما في هذه الكتب لصح . وأشد من ذلك أنهم يدعون جماعيّاً ، ويرفعون أصواتهم جماعيّاً ، وربما يقرأ الدعاء واحد والبقية يرددون ما يقوله ، وهم لا يعرفون معنى الكلام ويغلطون ، فهذا ليس بمشروع ، وهذا يشوش على الناس ، وليس للطواف دعاء معين يداوم عليه ، وإنما تدعو بما تيسر لك ، فحوائج الناس تختلف ، فتدعو الله بحوائجك التي تحتاجها أنت ، وليس هناك دعاء معين ، وإنما المسلم يجتهد بالدعاء منفرداً عن الناس ، ولا يكون بصوت جماعي ولا تقليدي ، فكل هذا من البدع ، وقد ورد أن الطائف يقول بين الركن اليماني والحجر الأسود (رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ) [البقرة:201] ، فإذا قال ذلك في هذا المكان فلا بأس . * * * |
بارك الله فيك
تسلموووووووو |
الساعة الآن 09:36 PM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010
جميع الحقوق محفوظة © لأكاديمية العرضة الجنوبية رباع