![]() |
انين حنين
أنين .. حنين
الكل ينتظر ، الكل يترقب ، إنها أول جمعة بل أول خطبة سيخطبها النبي صلى الله عليه وسلم على منبره الجديد ، والذي صنعه له الأنصار ، بعد أن كان يستند إلى جذع نخلة أثناء خطبته ... هاهو ذا المنبر يقف شامخاً في واجهة المسجد بدرجاته الثلاث ، الجميع سيرى النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقف خطيباً ، يعلم ويوجه الصحابة ، ينذرهم النار ، يبشرهم بجنة عرضها السموات والأرض أعدت للمتقين ... اللحظات تمضي في مسجد رسول الله ، أشعة الشمس تتسلل من خلال السقف المصنوع من جريد النخل ، ظلال الأشياء توحي باقتراب وقت الزوال ، واقتراب حضور النبي صلى الله عليه وسلم ... بلال مؤذن الرسول صلى الله عليه وسلم يتحفز ينتظر الإمام ... دوي الصحابة بالقرآن يبعث في النفوس السكينة والطمأنينة ... منظر رائع ، الأجساد متقاربة ، والقلوب متحابة ، اجتمعت قلوبهم على محبة الله ورسوله ، فرحل الحقد والحسد والضغينة من قلوبهم ، وسكن الحب العظيم لكل شيء يقربهم من حب الله ورسوله ... خرج النبي صلى الله عليه وسلم ، توجهت الأبصار نحوه ، تراقبه تكاد قلوبهم تطير شوقاً إليه ، ودوا لو أنهم يقومون فيقبلونه و يقفون بين يديه ، لكنهم لن يفعلوا فهو لايحب ذلك منهم ، بل لقد نهاهم عن القيام له ، و طاعته لديهم مقدمة على ما تهوى أنفسهم ... تعلقت أبصارهم به ترقبه يسير في تواضع وخشية نحو المنبر ، تجاوز الجذع الذي كان يستند إليه قبل اليوم ، صعد الدرجة الأولى والثانية والثالثة ، ارتفع عالياً ، راح يتطلع إلى أصحابة ، سكن كل شيء ، أنصتت الجوارح ، خشعت الأبصار ، إلا صوتاً واحداً انطلق ليعلن نوبة بكاء ، ارتج لها المسجد ، بحث الجميع عن ثكلى تحن لفقد الزوج أو الولد ، أو صبي يئن شوقاً إلى أمه أو أبيه ، أو ثور جاء يشكو ظلماً فهو يخور خواراً حتى يسمعه رسول الله صلى الله عليه وسلم فينقذه من ظلمٍ حل به ، أو ناقة جاءت تصيح لمّا علمت من رحمة محمد صلى الله عليه وسلم بالحيوانات ... لم يعثروا على شيءٍ من ذلك ، وعادوا ليبحثوا عن مصدر الصوت من جديد ... اتفقت الأبصار والأسماع على أن مصدر الصوت هو جذع النخلة ، الذي كان قبل اليوم منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم ... تنقلت أبصارهم بين النبي صلى الله عليه وسلم وبين الجذع ... رق النبي صلى الله عليه وسلم للصوت ، فنزل من على منبره ، ومشى نحو الجذع أحتضنه بين يديه ، حتى سكن بكاؤه ، وهدأ خواره ، ثم عاد إلى منبره ، وقال : لو لم احتضنه لحنّ إلى يوم القيامة ، كانت تبكي على ما كانت تسمع من الذكر عندها ... كان الحسن إذا حدث بهذا الحديث بكى ثم قال : يا عباد الله الخشبة تحن إلى رسول الله شوقاً إليه لمكانه من الله ، فأنتم أحق أن تشتاقوا إلى لقائه ... من السيرة |
الساعة الآن 02:50 PM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010
جميع الحقوق محفوظة © لأكاديمية العرضة الجنوبية رباع