![]() |
أمى كذبت علي - من روائع مصطفى العقاد
أمى كذبت علي من روائع مصطفى العقاد ليس دائما ً: تقول أمي الحقيقة !!..ثماني مرات : كذبت أمي عليّ !!!.... تبدأ القصة عند ولادتي، فكنت الابن الوحيد في أسرة شديدة الفقر فلميكن لدينا من الطعام ما يكفينا .. وإذا وجدنا في يوم من الأيام بعضاً من الأرزلنأكله ويسد جوعنا: كانت أمي تعطيني نصيبها .. وبينما كانت تحوِّل الأرز من طبقهاإلى طبقي كانت تقول: يا ولدي تناول هذا الأرز، فأنا لست جائعة .. وكانت هذه كذبتهاالأولى. وعندما كبرت أنا شيئا قليلا كانت أمي تنتهي من شئون المنزل وتذهبللصيد في نهر صغير بجوار منزلنا، وكان عندها أمل أن أتناول سمكة قد تساعدني على أنأتغذى وأنمو، وفي مرة من المرات استطاعت بفضل الله أن تصطاد سمكتين، أسرعت إلىالبيت وأعدت الغذاء ووضعت السمكتين أمامي فبدأت أنا أتناول السمكة الأولى شيئافشيئا، وكانت أمي تتناول ما يتبقى من اللحم حول العظام والشوك، فاهتز قلبي لذلك، وضعت السمكة الأخرى أمامها لتأكلها، فأعادتها أمامي فورا وقالت: يا ولدي تناولهذه السمكة أيضا، ألا تعرف أني لا أحب السمك .. وكانت هذه كذبتهاالثانية. وعندما كبرت أنا كان لابد أن ألتحق بالمدرسة ، ولم يكن معنا منالمال ما يكفي مصروفات الدراسة، ذهبت أمي إلى السوق واتفقت مع موظف بأحد محالالملابس أن تقوم هي بتسويق البضاعة بأن تدور على المنازل وتعرض الملابس على السيدات، وفي ليلة شتاء ممطرة ، تأخرت أمي في العمل وكنت أنتظرها بالمنزل، فخرجت أبحثعنها في الشوارع المجاورة، ووجدتها تحمل البضائع وتطرق أبواب البيوت، فناديتها: أمي ، هيا نعود إلى المنزل فالوقت متأخر والبرد شديد وبإمكانك أن تواصلي العمل فيالصباح، فابتسمت أمي وقالت لي: يا ولدي .. أنا لست مرهقة .. وكانت هذه كذبتهاالثالثة. وفي يوم كان اختبار آخر العام بالمدرسة، أصرت أمي على الذهاب معي ،ودخلت أنا ووقفت هي تنتظر خروجي في حرارة الشمس المحرقة، وعندما دق الجرس وانتهىالامتحان خرجت لها فاحتضنتني بقوة ودفء وبشرتني بالتوفيق من الله تعالى، ووجدتمعها كوبا فيه مشروب كانت قد اشترته لي كي أتناوله عند خروجي، فشربته من شدة العطشحتى ارتويت، بالرغم من أن احتضان أمي لي: كان أكثر بردا وسلاما ، وفجأة نظرتإلى وجهها فوجدت العرق يتصبب منه ، فأعطيتها الكوب على الفور وقلت لها: اشربي ياأمي، فردت: يا ولدي اشرب أنت، أنا لست عطشانة .. وكانت هذه كذبتهاالرابعة. وبعد وفاة أبي كان على أمي أن تعيش حياة الأم الأرملة الوحيدة،وأصبحت مسؤولية البيت تقع عليها وحدها، ويجب عليها أن توفر جميع الاحتياجات،فأصبحت الحياة أكثر تعقيدا وصرنا نعاني الجوع، كان عمي رجلا طيبا وكان يسكنبجانبنا ويرسل لنا ما نسد به جوعنا، وعندما رأى الجيران حالتنا تتدهور من سيء إلىأسوأ، نصحوا أمي بأن تتزوج رجلا ينفق علينا فهي لازالت صغيرة، ولكن أمي رفضتالزواج قائلة:أنا لست بحاجة إلى الحب .. وكانت هذه كذبتها الخامسة. وبعدماانتهيت من دراستي وتخرجت من الجامعة ، حصلت على وظيفة إلى حد ما جيدة، واعتقدت أنهذا هو الوقت المناسب لكي تستريح أمي وتترك لي مسؤولية الإنفاق على المنزل، وكانتفي ذلك الوقت لم يعد لديها من الصحة ما يعينها على أن تطوف بالمنازل، فكانت تفرشفرشا في السوق وتبيع الخضروات كل صباح، فلما رفضت أن تترك العمل خصصت لها جزءا منراتبي، فرفضت أن تأخذه قائلة: يا ولدي احتفظ بمالك، إن معي من المال ما يكفيني .. وكانت هذه كذبتها السادسة. وبجانب عملي واصلت دراستي كي أحصل على درجةالماجيستير ، وبالفعل نجحت وارتفع راتبي، ومنحتني الشركة الألمانية التي أعمل بهاالفرصة للعمل بالفرع الرئيسي لها بألمانيا ، فشعرت بسعادة بالغة، وبدأت أحلمببداية جديدة وحياة سعيدة، وبعدما سافرت وهيأت الظروف، اتصلت بأمي أدعوها لكيتأتي للإقامة معي، ولكنها لم تحب أن تضايقني وقالت: يا ولدي .. أنا لست معتادةعلى المعيشة المترفة .. وكانت هذه كذبتها السابعة. كبرت أمي وأصبحت في سنالشيخوخة، وأصابها مرض السرطان اللعين ، وكان يجب أن يكون بجانبها من يمرضها،ولكن ماذا أفعل فبيني وبين أمي الحبيبة بلاد ، تركت كل شيء وذهبت لزيارتها فيمنزلنا، فوجدتها طريحة الفراش بعد إجراء العملية، عندما رأتني حاولت أمي أن تبتسملي ولكن قلبي كان يحترق لأنها كانت هزيلة جدا وضعيفة، ليست أمي التي أعرفها،انهمرت الدموع من عيني ولكن أمي حاولت أن تواسيني فقالت: لا تبكي يا ولدي فأنا لاأشعر بالألم .. وكانت هذه كذبتها الثامنة. وبعدما قالت لي ذلك، أغلقتعينيها، فلم تفتحهما بعدها أبدا .. إلى كل من ينعم بوجود أمه فيحياته: حافظ على هذه النعمة قبل أن تحزن على فقدانها .. |
نعم صدقت .. إلى كل من ينعم بوجود أمه في حياته: حافظ على هذه النعمة قبل أن تحزن على فقدانها ..
|
نعم .. إلى كل من ينعم بوجود أمه في حياته
حافظ على هذه النعمة قبل أن تحزن على فقدانها .. بالفعل انها نعمه عظيمه لا تعوض ابدا .. فلابد ان نحافظ عليها وان نحملها فوق رؤوسنا ولا نجعلها تلجأ لغيرنا في حياتها عند حاجتها؛ فقد اوصانا رسولنا الكريم بها لأنها نعمه عظيمه لاتقدر بمال ولا يوجد ما يغنينا عنها في حياتنا ابدا .. حفظها الله لنا ورعاها .. إنها روايه تفوق الروعه استاذي الكريم صقر الجنوب بارك الله فيك على هذه الروايه الجميله العظيمه. |
شكرا لكم على مرورك الجميل أخت رولا وحفظ الله لك والدتك ورزقك برها
|
الساعة الآن 04:01 PM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010
جميع الحقوق محفوظة © لأكاديمية العرضة الجنوبية رباع