القرية
2/33
عندما أتكلم عن قريتي فهي احد القرى الكثيرة من منطقة الباحة وهي إحدى القرى التي تقع في قمم الجبال المشهورة بزراعتها ومساحتها الشاسعة ولقريتي النصيب الأكثر في المزارع التي تحيط بالقرية منها شعب كيسان وشعب الملاحة وشعب عطا وشعب جندب وشعب الحر شاء وشعب عقيب ومضحاة سارة والنقبه ومنها الطريق الذي يربط بين الوادي والقرية وسميت بالنقبة لشدة ارتفاعها 000
كل حجر ساهم في بقائها يخفي حكاية هذه القرية وحكاية ناسها وشغلهم المتواصل من اجل العيش الكريم ومن اجل هذا قررت الدخول إلي قريتي من باب الرجوع إلي الوراء من خلال الذاكرة وليس المشي في ساحاتها والتجوال فيها 00
أول ما خطر على بالي صوت الحق الذي يرفع في المسجد القديم خمس مرات في اليوم والليلة كان المؤذنون خمسة في ذلك الوقت ليس هناك واحد معين – رحمهم الله جميعاً – كان لا احد يتخلى عن صلاة الفجر أتذكر أصوات كبار السن وهم يوقضون أهل الدار إلي الصلاة وهم يمشون في المساريب (الطريق الضيق بين المنازل القديمة ) أما النساء فينتشرن في الساحات المجاورة للمنازل للوضوء بسرعة قصوى ليعدن بعد الصلاة لتحضير الفال (الفطور) الذي يتكون من قرص وقهوة وسمن وتمر وأجمل ما في الصباح صوت المهراس (الهاوند ) وهو يسمع في كل بيت في القرية وبنبعث من البيوت المجاورة في جنبات الوادي 00
وفي هذا الوقت يعود الرجال إلي بيوتهم بعد أداء الصلاة في المسجد وكان دعائهم وتلبيتهم وتكبيرهم يعانق الغيوم فمن قولهم :
لا اله إلا الله وحده
لا اله إلا الله حد واللسان لين
لا اله إلا الله حد والكلام هين
لا اله إلا الله قبل انقطاع الصوت وقبل القبر ووحدته 00
لا اله إلا الله قبل يومك الموعود وقبل شاهد ومشهود
لا اله إلا الله قبل السراط وزلته
ففطرتهم علمتهم أن ذاك الليل أدبر وهذا شروق يوم جديد مؤمنين بقوله عز وجل :
(وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتاً (9) وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِبَاساً (10) وَجَعَلْنَا النَّهَارَ مَعَاشاً (11) )
((أما اليوم فلا حول ولا قوة – الناس في وقت النوم لا ينامون وفي وقت الفلاح نائمون ))
وعندما يعود الرجال إلي البيت ويتناولون الفال في عجلة من أمرهم لكي يذهبوا إلي مزارعهم فالرجال يتحزمون ويربطون رؤوسهم بالعمايم والنساء يعصبن رؤوسهن بأجمل ألوان المناديل الزاهية ويحضرون الدواب كل هذا قبل الشروق 0
انتهى
جمع وتأليف أم بدر الغامدي
كتبه لكم هنا صوت الباحة
انتظروني مع بقية الحلقات