19/08/2004, 03:30 PM
|
#2
|
المؤسس والمشـــرف العــــام
بيانات اضافيه [
+
]
|
رقم العضوية : 2
|
تاريخ التسجيل : Aug 2004
|
أخر زيارة : 21/01/2025 (03:28 PM)
|
المشاركات :
64,160 [
+
] |
التقييم : 16605
|
الدولهـ
|
الجنس ~
|
MMS ~
|
SMS ~
|
|
لوني المفضل : Maroon
|
|
تابع :
4- وأما ما أوردته حيال مسألة الخطيئة الأصلية فالكلام عليه من عدة جهات :
الأولى : أن موقف العقيدة الإسلامية حيال الذنوب البشرية هو : أن الشخص كما يتحمل تبعة عمله ولا يتحملها غيره فكذلك لا يتحمل هو تبعة عمل غيره ، كما قال عز وجل : { ولا تزر وازرة وزر أخرى } ، ففكرة الخطيئة الأصلية منتفية بهذا فإذا أخطأ الأب فما ذنب الأولاد والأحفاد أن يتحملوا خطيئة عملها غيرهم ، إن العقيدة النصرانية التي تحمل الذرية خطأ أبيهم هي عين الظلم ، فهل يقول عاقل أن الذنب يتسلسل عبر قرون البشرية ، وأن ذنب الجد يلطخ الأولاد والأحفاد والأجيال ؟؟
الثانية : أن الخطأ من طبيعة البشر وقد قال نبينا صلى الله عليه وسلم : « كل ابن آدم خطاء » . رواه الترمذي 2423 ، لكن الله لم يجعل الإنسان عاجزا عند حصول الذنب لا يملك أن يفعل شيئا حياله بل أعطاه الفرصة وفتح له الباب للتوبة والعودة ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم في تكملة الحديث السابق : « وخير الخطائين التوابون » ، وتظهر رحمة الرب في شريعة الإسلام جلية عندما ينادي سبحانه وتعالى عباده بقوله : { قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم } [سورة الزمر:53] . فهذه طبيعة النفس البشرية وهذا سبيلها وحل مشكلتها إذا أذنبت ، أما أن تجعل هذه الطبيعة البشرية وهي طبيعة الخطأ سدا منيعا بين العبد وبين الرب وأن العبد لا يقدر على بلوغ مرضات الرب إطلاقا إلا بأن ينزل لهم ابنه ( المزعوم !! ) ليصلب ذليلا مهانا تحت سمع وبصر ( أبيه !! ) فعند ذلك يغفر للبشرية فأمر في غاية العجب والسخافة ومجرد حكاية هذا الكلام الباطل يغني عن الرد عليه ، وقد قلت مرة لشخص نصراني ونحن في نقاش هذه المسألة إذا كنتم تقولون أنه أنزل ابنه ليصلب فداء للبشرية الذين في عصره أو الذين سيأتوا بعد الصلب فما هو ياترى حال الذين أذنبوا وماتوا مذنبين قبل ولادة المسيح ولم يتسنى لهم أن يعرفوا المسيح ليؤمنوا بعقيدة الصلب المذكورة ليغفر لهم ؟ ، فلم يزد على أن قال : بالتأكيد عند قساوستنا رد على هذا الإشكال ! ولو وجد فإنه تلفيق فماذا عساهم يقولون .
وأنت إذ استعرضت العقيدة النصرانية حيال موضوع الخطيئة البشرية بعقل منصف وجدتهم يقولون أن الرب قد ضحى بولده البكر الوحيد ليكفر بذلك خطايا البشر وهذا الابن إله فلئن كان الإله قد ضرب وشتم وصلب فمات فإن هذه العقيدة تحمل في طياتها الإلحاد فيه سبحانه وتعالى واتهامه بالتخاذل والضعف . وهل الرب عاجز عن غفران ذنوب العباد كلهم بكلمة واحدة منه ، إذا كان كذلك وهو على كل شيء قدير ( والنصارى لا يعترضون على هذا ) فما الذي يجعله إذن يضحي بولده من أجل ذلك { تعالى الله عما يقول الظالمون علوا كبيرا } ، { بديع السموات والأرض أنى يكون له ولد ولم تكن له صاحبة وخلق كل شيء وهو بكل شيء عليم } [سورة الأنعام:101] ، وإذا كان الشخص العادي لا يرضى أن يمس ولده بسوء بل يدافع عنه ولا يسلمه إلى عدو لينال منه أو يسبه ويشتمه فضلا عن أن يتركه يواجه مصير القتل صلبا بأبشع القتلات ، إذا كان هذا حال المخلوق العادي فكيف بالرب .
الثالثة : إن عقيدة التكفير عن الخطيئة الأصلية التي يعتقدها النصارى لها أثر سلبي على واقع الحياة البشرية إذ أن العقيدة النصرانية كما أوردت لا تفرض على الإنسان أي التزامات فما عليه إلا أن يعتقد أن الله قد أرسل ابنه إلى هذه الأرض ليصلب فيموت تكفيرا لأخطاء البشر فيكون بذلك نصرانيا يضمن بذلك الفوز برضى الرب ويدخل الجنة ، وليس هذا فحسب بل يعتقد أن كل ما حدث بابن الله إنما هو لتكفير خطاياه السالفة والحاضرة والمستقبلية ولا تتساءل بعد ذلك عن سبب ما تعيشه المجتمعات النصرانية من تزايد حالات القتل والاغتصاب والسرقة وإدمان الكحول إلى غيرها من الخطايا .. أليس المسيح قد مات لتكفيرها وقد كفرت ومحيت فلما لا يتوقفون عن عمل المعاصي . وقل لي بربك لماذا تعدمون القاتل أحيانا ، وتسجنون المجرم ، وتعاقبون بالعقوبات المختلفة إذا كان المجرم في نظركم قد كفرت ذنوبه وغفرت سائر جرائمه بدم المسيح ؟ أليس تناقضا عجيبا ؟
5- ما أوردته في كلامك من أن المسلمين ما داموا يعتقدون أنهم المصطفون من البشر فلماذا لا ينشرون عقيدتهم ، فالجواب أن المخلصين منهم العاملين بالكتاب الكريم قد قاموا بذلك وإلا فما الذي أوصل الإسلام من مكة إلى أندنوسيا وسيبريا والمغرب والبوسنة وجنوب أفريقية وسائر بلاد الشرق والغرب ، والأخطاء الموجودة في سلوكيات بعض المسلمين اليوم لا يتحملها الإسلام وليس سببا فيها بل إنها لم تحصل إلا نتيجة مخالفة الإسلام ، وليس من العدل أن يحمل المنهج أخطاء بعض أتباعه الذين خالفوه وانحرفوا عنه . أليس المسلمون أعدل من النصارى عندما يقرون بأن المذنب مهدد بعقاب الله مالم يتب وأن من الذنوب ما فيه حد يردع في الدنيا ويكون كفارة في الآخرة كحد القتل والسرقة والزنا .. إلخ .
6- وأما ما ذكرته من سهولة الدخول في النصرانية بالنسبة للإسلام فخطأ ظاهر فإن مفتاح الإسلام عبارتان لا غير : أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله يدخل بها الشخص الإسلام في ثوان لا يحتاج إلى تعميد ولا قسيس ولا ذهاب إلى مكان معين لا مسجد ولا غيره ، قارن بين هذا وبين إجراءات التعميد المضحكة التي يفعلها النصارى إذا أرادوا إدخال شخص في النصرانية . ثم يقدس النصارى الصليب الذي آذى عيسى لما صلب عليه - بزعمهم - وآلم ظهره وأوجعه فيجعلونه مقدسا وبركة وشفاء بدل أن يذموه ويكرهوه ويعتبروه رمزا للظلم وشكلا بشعا لموت ابن الإله !! وهو الذي أوجع ظهره وحرمه النوم .
7- ألا ترى معي بأن المسلمين أولى بالحق من غيرهم وهم يؤمنون بجميع الأنبياء والمرسلين ويجلونهم ويعتقدون أنهم على الحق والتوحيد جميعا وأن كلا نبأه الله أو أرسله إلى قومه بشريعة تناسب ذلك الزمان والمكان ، إن النصراني المنصف إذا رأى أهل الإسلام يؤمنون بموسى وعيسى ومحمد عليهم صلوات الله وسلامه وبالتوراة والإنجيل الأصليين والقرآن الكريم ، ثم يرى بني قومه من النصارى يكفرون بمحمد صلى الله عليه وسلم ويجحدون نبوته ويكذبون بكتابه ، ألا يقوده إنصافه إلى ترجيح كفة المسلمين ؟
8- أما ما ذكرته من أن قول المسيح : لا أحد يستطيع أن يصل إلى الأب إلا من خلالي . فإنه لا بد من إثبات هذه المقولة وصحة نسبتها إلى عيسى أولا ، وثانيا : إنها واضحة البطلان فكيف عرفت البشرية الله في عهد نوح وهود وصالح ويونس وشعيب وإبراهيم وموسى وغيرهم من الأنبياء ؟ ولو كانت المقولة إن بني إسرائيل في عهد عيسى عليه السلام وعصره وما بعده إلى عهد خاتم الأنبياء محمد عليه السلام - لا يستطيعون الوصول إلى دين الله وشريعته إلا من طريق عيسى عليه السلام فقط لقلنا إن ذلك قول صحيح وعبارة وجيهة .
9- أما ما ختمت به من قول المسيح أنا والأب واحد فهذه عقيدة مرفوضة ولو سلكت سبيل الإنصاف وتجردت عن الهوى لتبين لك أن قولة : " أنا والأب " ، مركبة من معطوف ومعطوف عليه وأداة العطف بينهما ، والعطف في علم اللغة يقتضي التغاير أي أنه شئ والأب شئ آخر ، ولو قال شخص أنا وفلان لعلم كل عاقل أنهما اثنان مختلفان ، ومعادلة 1+1+1=1 هي معادلة مرفوضة عند جميع العقلاء من الرياضيين وغيرهم .
وختاما أوصيك وما أظنك ترد ذي الوصية أن تقوم لله متفكرا في نفسك فيما قرأت من الكلام متجردا عن أي خلفية أو مقالة سابقة وعن كل هوى أو عصبية صادقا في طلب الهداية من الله وحده ، والله أكرم من أن يخيب عبدا هذا شأنه . والله الهادي إلى سواء السبيل ، وهو حسبنا ونعم الوكيل
مع خالص ودي وتقديري للجميع وأرجو أن تعم الفائدة بمانقلت .
والله أسأل أن يكون عملي هذا خالصاً لوجهه الكريم .
منقول
|
|
|