الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
إن الموهبة الشعرية تستأثر بها وتمنحها قوّة خارجية غير انسانيه فهي تلهم الشاعر أو توحي له بما يقول ويرفع الشعراء ويرفع الشعراء توسلاتهم من أجل استنزال الإلهام وقد قال شيشرون الخطيب الروماني عن الإلهام في عدة مواضع من خطبه وكتاباته فقال لا أحد يستطيع أن يكون شاعراً عظيماً دون إلهام إلهي .
ولا يستطيع شخصاً أن يكون شاعراً جيداً ما لم مالم يشبهه شيء يشبه هياج من أصابهم المسّ وكان العرب في الجاهلية يقولون الشاعر متصل بجن خاص بهي لهمة الشعر دون تحديد العدد
وهذا ما يؤكده الشعار في قصائدهم بأن الشاعر متصل بالجن
يقول حسان بن ثابت:
ولي صاحب من بني الشيصبان ** فطَوراً أقول ُ وطوراً هُوهْ
ومن خلال هذا البيت نجد أن حسان يقرر ثلاثة أمور وهي
أولها : إن اه صاحب غير إنسي
ثانيها : أن هذا الصاحب ينتسب إلى الشيصبان وبنو الشيصبان اما يكون أبناء جني يعرف بهذا الإسم أو يكون اسم قبيلة من قبائل الجن
ثالثها : أن حسان وشيطانه يتناوبان القول فتارة يقول حسان وتارة يقول شيطانة
وأيضا الشاعر الأعشى ميمون بن قيس وصاحبه اسمه (مسحل) وذكره في عدة مواضع منها
دعوت خليلي (مسحلاً) ودَعَوْا له ** جُهُنّام جدْعاً للهجين المذمّم
وذكره مرة أخرى
وما كنت ذا خوف ولكن حسبتني ** إذ (مسحل) يسدي لي القول أنطقُ
شريكان فيما بيننا من هوادة ** صفيان انسي وجن موفّقُ
يقولُ فلا أعيا بما يقولهُ ** كفاني لاعيّ ولا هو أخرق
ولعل الفرزدق أن يكون من أكثر الشعراء ترديداً لشيطانه ويقول إن اسم شيطانه (عمرو)
إن ابن ابليس وابليس ألينا ** لهم بعذاب الناس كل غلام
هما نفثا في فيّ من فمويهما ** على النابح العادي أشد رجام
ويشير شاعر يسميه الجاحظ أعشى سليم إلى أن شيطان المخبل من أقوى الشياطين
وماكان جني الفرزدق قدوه ** وما كان فيهم مثل فحل المخبل
ويقول شاعر آخر:
إني وكل شاعر من البشر ** شيطانه أنثى وشيطاني ذكر
وإنما ذهب إلى تذكير شيطانه وتأنيث شيطان الآخر تمدحاً بقوله وفوزه
ولبشار موقف متفرد إذ كان يعتقد أنه ليس بحاجة إلى شيطان ملهم لأن استقلاله يكون أقوى ويسمي الشيطان الذي عرض عليه (شنقناق) ويقول:
دعاني شنقناق إلى خلف بكرةٍ ** فقلت أتركني فالتفرد أحمد
أي أن هذا الشيطان دعاه ليركب خلفه على الناقة فهو يقول له أحمد في الشعر أن لا يكون لي عليه معين
وهذا يعني أ ن كل شاعر بحاجة إلى شيطان (جني) سواء كان فحل أو غير فحل وتتمايز الشياطين انفسهم
فالشاعر الفحل له شيطان (المخبل) والشاعر الغير فحل يدعي من باب المفاخرة أن شيطانه فحل أيضاً والاسلام لم يجتث الشعر ولم يضعفه في البداية وذلك أن الاسلام أقر لهم (الشعراء) بعالم مستقل وميزهم بالإنحياز إلى الخيال دون أن يسمي ذلك خيال
وعمد الالحاح على التطابق التام بين العالمين الجني والانسي وأن بيئة الجن تماثل بيئة الإنسانوتحمل الجن اسم قبيلة الانسان
اسم الشاعر اسم شيطانه الجني
امرؤ القيس عتيبة بن نوفل
المتنبي حارثة بن المغلّس
النابغة الذبياني هادر بن ماهر
طرفه بن العبد عنتر بن العجلان

شخص@الزهراني