((القصة الرابعة))
توبــــة وليلى
قصة حب عنيف عفيف ،صادف قلبا خاليا فتمكن !
وفرقت الأيام بين جسديهما، لكنهما ظلا على وفائهما فما الحب إلا للحبيب الأول.
وليلى الأخيلية من النساء المتقدمات في الشعر شأنها شأن الخنساء في الإسلام. وكان توبة يهواها، ويقول فيها شعرا على عادة العرب.. وعبر لأهلها عن رغبته بالاقتران بها فقابلوه بالرفض لا لشئ يعيبه إلا أنه تناولها في شعره وإن كان عفيفا!
حيث أن العرب الأقدمي كانوا لا يزوجوا بناتهم ممّن شهّر بهن.. وهكذا زُوجت ليلى برجل آخر وحُرم الحبيبن من بعضهما إلى الأبد!!
وهام توبة على وجهه يبكي ليلاه، وحظه العاثر ! وعاشا الحبيبين على البعد..كل في طريق..وكان (توبة) كثير الغارات.. فقتل في إحدى غاراته ..وسجل التاريخ أروع رثاء قالته مُحبة في حبيب فرقت بينهما الأيام.
أقسمت أرثى بعدَ توبةَ هالكـــــــــــا وأحفِلُ من دارت عليه الدوائر
لعَمرك ما بالموت عارٌ على الفتى إذا لم تصبه في الحياة المعابرُ
وما أحدٌ حيا وإن كان سالمـــــــا بأخلد ممن غيّبتــــــه المقابـــــرُ
ومن كان مِما يُحدثُ الدهر جازعا فلابد يوما أن يُرى وهو صابر ُ
وليس لذي عيش من الموت مذهبٌ وليس على الأيام والدهر غابِرُ
ولا الحيُ مما يُحدث الدهر معتبٌ ولا الميت إن لم يصبر الحيُ ناشرُ
وكل شبابٍ أو جـــــــــــديد إلى بِلى وكلّ امرئ يوما إلى الله صائرُ
وكلُ قريني أُلـــــــــــــــــــفةٍ لتفرقِ شتاتا، وإن ضنّا، وطال التعاشُرُ
فلا ُيبعدنك الله يا توبَ هالكـــــــا أخا الحرب إن ضاقت عليه المصادرُ
فأقسمتُ لا أنفكُ أبكيك ما دعت على فننٍ ورقاءُ أو طار طـــــــائرُ
قتيل بني عوف، فيا لهفتا له فمـا كنتُ إياهم عليه أُحــــــاذرُ
.... ومرت أيام وأعوام ، ذهب فيها سباب ليلى ، وذبلت زهرتها! وأسنت وعجزت.. وكانت ليلى ذات يوم مقبلة من سفر ، فمرت بقبر توبة في طريق عودتها.
فقالت : السلام عليك يا توبة!
أنتم السابقون وإنا إن شاء الله بكم لاحقون ! وسكتت قليلا ثم حولت وجهها إلى القوم ممن حولها وقالت : أشهد أنني لم أعرف له كِذبة قط قبل يومنا هذا!!
عجب القوم وقالوا : كيف ذلك؟
قالت ألم تسمعوه يقول :
ولو أن ليلى الأخيلية سلّمت علّي، ودوني جندلٌ وصفائـــــح
لسلمتُ تسليم البشاشة أو زقا إليها صدى من جانب القبر صائحُ
وأُغبطُ من ليلى بما لا أناله ألا كل ما قرت به العين صالـــــــــــح
النهاية الأليمة:
وكانت إلى جانب القبر ‘بومة‘ مختبئة، فلما رأت الهودج..فزعت.. وطارت مذعورة في وجه الجمل ! فخاف الجمل واضطرب وهاج ورمى بليلى فسقطت على رأسها فماتت لوقتها، ودفنت هناك على مقربة ممن كان أحب الناس إلى قلبها..وأقربهم إلى روحها!