عرض مشاركة واحدة
قديم 09/06/2005, 04:15 AM   #2
عضو المساريه


الصورة الرمزية ألمنكفح
ألمنكفح âيه ôîًَىà

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 382
 تاريخ التسجيل :  Mar 2005
 أخر زيارة : 31/07/2011 (11:26 PM)
 المشاركات : 83 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue


يا عطر خرّج على نجد العزايم والأزيار



( ياعطر ) الياء صيغة نداء , وعطر منادى يجمع بين رمزية المعنى , وبين تشبيه المحسوس بمعقول , حيث الشاعر بن خماش لايستطيع التصريح بحقيقة تلك الأنثى التي سارع بندائها فجعل المشبه المحسوس رمزاً , وأختار لذلك الرمز صفةً عجيبة بأن جعله عطراً .

( خرّج ) بمعنى ظَهَرَ من بعد الخفاء , وهذا يدل على أن عطر بن خماش كان غائباً لسببٍ ما .. ولكـن مالذي دفعه الى الخـروج !

( على نجد العزايم والأزيار ) قد يظن البعض عند قراءة البيت قراءةً أولية أن المقصود من ذلك هو خروج العطر الى بلاد نجد , إلا أن المعنى غير ذلك , فذلك العطر الذي كان غائباً عن الجميع وخرج بعد ذلك إنما كان خروجه من أجل العزايم ومفردها عزيمه , ومن أجل الأزيار ومفردها زير ..

ويكون معنى الجملة { خرج من أجل المشاركة في الشِّـبْك على نغمات زير العزيمة }

وبيت الشاعر بن خماش في مجمله يصف امرأةً شبهها بالعطر , ويخبر عن حال تلك المرأة بأنها حضرت الى ساحة اللعب لمشاركة القوم في الشِّـبْك .

وللأمانة البلاغية فوصف الشاعر بن خماش للإنثى بالعطر فيه بديعياتٌ أخيلية تجمع بين المحسوس وبين الفصاحة والتشويق وقوة البيان .

***

مدري من الهند والا واردٍ من جبل قاف

هنا يبدأ الشاعر علي بن خماش رحلته التشويقية لإخبارنا شيئاً عن أسرار هذا العطر ... فقــال

( مدري ) وكلمة مدري التي استخدمها الشاعر لاتدل على الجهل التام , بل هي دالةٌ على جهلٍ جزئي , وهذا الجهل الجزئي ذو أسبابٍ خاصة سأخبركم عنها فيما بعد ..

( من الهنــد ) اشتهرت الهند قديماً وحديثاً بأجود أنواع العطور , فمن أرض تاج محل نُقلت بضائع العود الهندي , والصندل , والبخور , والتوابل .. وعندما يصف بن خماش عطره بأنه من بضائع الهند فهو أمرٌ جلل يقرع أجراس القلوب ..

فـ " أولئك " البسطاء الأنقياء في أرض الجنوب يعلمون تمام العلم بأن تلك البضائع الهندية غالية الثمن ونادرة الوجود في أرضٍ جُلّ ما يعرفون أهلها البرك والريحان الجبلي .

( والا واردٍ ) بمعنى أن ذلك العطر ليس كالريحان والبرك والنيفلان , بل هو " واردٌ " من أقاصي الأرض دلالةً على كمال جودته .


( جبل قـاف ) جبل الأساطير والخرافات , ذلك الجبل الذي أحجاره من زمردٍ أخضر , وأنهاره من لبنٍ وعسل الى غير ذلك من خرافات المتقدمين .. بل من أعاجيب مفسري القرآن الكريم وصفهم لذلك الجبل بأنه المحيط بالأرض .. الى غير ذلك من الأوهام والخرافات ...!


ولقد بحثت طويلاً عن موقعٍ جغرافي لجبل قاف فلم أجد الإ تكهناتٍ ربطها بعض الجغرافيين الإسلاميين بمقر سفينة نوحٍ عليه السلام " الجودي " وهم في ذلك يشرقون ويغربون بين أرض اليمن , وتركيا , بل أن البعض منهم شطح بتفكيره فأصبح يظن بوجوده في صحراء سيبيريا في أواسط روسيا البيضاء , والأعجب من ذلك هو قول بعض الجغرافيين بأن جبل قاف هو سلسلة جبال القوقاز .. ورغم تلك الأقوال المتنافره يبقى جبل قاف مسمىً وهمياً لايجب لأرباب الطبيعة والجغرافيا أن يشتغلوا به .

تلك الخرافات والترهات أوجدت لدى المتقدمين من سكان بلاد زهران وغامد حقيقة جبل قاف , بل تفرّد أصحاب تلك الأرض ( غامد و زهران ) برأيٍ خاصٍ في جبل قاف فقالوا هو الجبل الذي تغرب من خلفه الشمس , وقال بعضهم بل حمأ الشمس موجودةٌ في هذا الجبل .. ومن ذلك قول الشاعر ابن عبدالباري رحمه الله ..

لازاع نور الصبح من كل مشراف

تبدي وتطمي عينها في جبل قاف

أما قول الشاعر بن خماش ( والا واردٍ من جبل قاف ) فهو تشبيهٌ تعجيزي أراد منه الشاعر إسكات العقول التي حاولت التفكير بصعوبة الإتيان بعطرٍ من بلاد الهند , إضافةً الى أن تشبيه الشيء بالغموض وإضافته الى الخرافة والأسطورة يضيف الى النفس شيئاً من المهابة , ويساعد ذلك كثيراً على جذب القلوب والأسماع .

***

معي عليه الشبه ومعي عليه الشواذي

( معي عليه الشبه ) أخبرتكم سابقاً بأن الشاعر استخدم كلمة " مدري " عند تحديد مصدر العطر ..

وعندما يقول { معي عليه الشبه } فمعنى ذلك أن هذا العطر ليس بغريبٍ على الشاعر , قد استنشقهُ فيما مضى , و شبهه بشيءٍ في نفسه ..
والمعنى من ذلك أن العطر بل " المرأة " التي خرجت الى الشِّـبْك يعرفها الشاعر علي بن خماش .

( ومعي عليه الشواذي ) الشواذي مفرد لهجة " أتشذاه " وهي كلمةٌ تعني عند أهل المنطقة : تذكر أمرٍ قديم , وذلك التذكر لايكون متكاملاً بل مفقوداً بعض الشيء .

والقصد من ذلك أن الشاعر علي بن خماش ذو معرفةٍ قديمة بذلك العطر " المرأة "

***

من دونه أهل السيوف وناس بالشر قياما

( من دونه ) بمعنى يحافظ على ذلك العطر الثمين ..

أكمل وقال :

( أهل السيوف ) حدّد الشاعر المحافظين على ذلك العطر بأنهم أهل سيوف ..

وإختيار الشاعر للسيف دون غيره من الأسلحة يدلُ على شدة أولئك القوم , فالجنبية قد تُصيب دون المقتل , والأسلحة الأخرى قد تُخطيء هدفها عند التصويب , أما السيف فإنه لايخطيء الأعناق .

( وناس بالشـر قياما )

ألم أقل لكم بأن العطر باهظ الثمن , وثمن ذلك العطر جعل المحيطين به يتخذون من الشر صفةً لهم .. فهم لاينتظرون هجوماً من عدو , بل هم يسارعون الخُطى الى قتال العدو قبل أن يسارع الى قتالهم .. ( بالشر قياما ) أصحاب ضرباتٍ استباقية .

***

مبقشٍ في ثيابٍ خُضر ويكيفلونه

( مبقشٍ ) البقشه صرةٌ من القماش توضع بها الملابس وحاجيات المرأة , والبقشة قديماً تقوم بمهام ما يُعرف اليوم بخزانة الملابس , ودولاب الثياب .

وقول الشاعر ( مبقش ) بمعنى أن ذلك العطر داخل بقشةٍ سيصف لنا لونها عندما يقـول :

( في ثيابٍ خُضر ) بمعنى بجوار ثيابٍ خضرٍ توجد داخل تلك البقشة التي أخبرنا عن آخر أخبارها فقــال :

( ويكيـفلونه ) بمعنى رغم وجود ذلك العطر داخل تلك البقشة وبجوار تلك الثياب الخُضر , إلا أن ذلك العطر محفوظٌ تمام الحفظ , فأهل تلك البقشة دائماً ما يغلقون دونه الهواء بوضع مزيدٍ من ثياب الأقمشة عليه .


والشاعر بن خماش يقصد بذلك كله أن تلك المرأة ( العطر ) ذات ثيابٍ خضراء .. وتلك الثياب الخضراء ساترةٌ لما دونها ..


وفي هذا يشير الشاعر في خفاءٍ رمزي الى أن ذلك العطر ليس لمن هب و دب , بل هو مصيونٌ عما يُدنسه , وأن علاقته بذلك العطر علاقةٌ بريئة بعيدةٌ كل البُعد عما سيظنه سعيد الأصوك فيما بعد .






منقووووووول


 
 توقيع : ألمنكفح

ويش رايكم بعائله الكرتون هذي مو احسن من تواقيعكم

ألمنكفح

التعديل الأخير تم بواسطة ألمنكفح ; 11/06/2005 الساعة 11:37 PM

رد مع اقتباس