العمل على السجيّة وعدم التكلّف:
كلّما كانت القدوة تتصرّف بوحي من ثقتها بنفسها وإيمانها،وعلى سجيّتها دونما تصنّع ولا تكلّف ولا تمثيل،شدّ ذلك الأنظار إليها.فالقول الحسن لدى القدوة يطفح كما الماء من الينبوع بعفوية وتلقائية،والفعل الحسن يصدر عنها كما يصدر الشعاع عن الشمس والعطر من الوردة ذاتها.إنّ الوردة لو أرادت أن تتعطّر بعطر غير عطرها فلربّما فاح ذلك العطر مؤقتاً لكنّه لا يمثل أنفاس الوردة العاطرة،وإنّما هو شيء طارئ ودخيل عليها.وكذلك القدوة ففعلها وقولها ليس طارئاً وإنّما هو من شمائلها.والنفس الإنسانية ميّالة بطبعها إلى الإنسان الصادق مع نفسه ومع الآخرين،والذي يتصرّف بنقاء شبيه بنقاء الماء والشعاع والعطر،وهذا هو السبب الذي يجعل بعض الناس يؤثر فيك من غير أن يتكلّم معك،فسلوكه وحده قدوة،وهو السبب ذاته الذي يجعل الإمام جعفر الصادق (عليه السلام) يقول: «كونوا دعاةً للناس بغير ألسنتكم،حتى يروا منكم الصدق والصلاح والورع،فذلك داعية».
وقد ثبت تربوياً أنّ (التربية غير المباشرة) العملية،أكثر تأثيراً من (التربية غير المباشرة) القولية.
|