25/10/2009, 01:07 AM
|
#2
|
بيانات اضافيه [
+
]
|
رقم العضوية : 6250
|
تاريخ التسجيل : May 2007
|
أخر زيارة : 16/08/2012 (12:35 AM)
|
المشاركات :
902 [
+
] |
التقييم : 141
|
|
لوني المفضل : Cadetblue
|
|
الخطأ الثالث :
السخرية
بسبب ترادف النعم ونتيجة للتربية الخاطئة والغفلة عن وعد الله ووعيده ...
نشأ فينا فئة لا تعرف إلا اللمز والهمز ...
إن ذُكِرَ عنهم ذو منصب أثاروا الشبه حول بلوغه إياه
وإن ذُكِرَ غني أفاضوا وأسهبوا في ذكر طرائق ثروته وأسباب ثرائه
أما إن ذكر عندهم فقير فكل منهم يستقل نصيبه من لحمه
ولغلبة هذا المرض على كثير منا تأثر به الصغار قبل الكبار ...
بل لم يقف الأمر عند هذا الحد فتجد من يسخر بالله والعلماء والدعاة ومعلمي الناس الخير
يقول تعالى :
( يحذر المنافقون أن تنزل عليهم سورة تنبئهم بما في قلوبهم
قل استهزءوا إن الله مخرج ما تحذرون
وليئن سألتهم ليقولن إنما كنا نخوض ونلعب قل أبالله وءايته ورسوله كنتم تستهزءون ) ...
ولعل مرد ذلك إلى أسباب منها :
* كثرة النعم وترادف المنن
ووفود آلاف من إخواننا الفقراء والمساكين للعمل معنا وتحت إيدينا ..
كل ذلك يغري الإنسان المستكبر ويدعوه إلى الصَّلفِ والكبر والسخرية
( كلا إن الإنسان ليطغى . أن رءاه استغنى )
* الغفلة عن الموازين الإلهية التي نصبها الله لعباده
ليكون على أساسها الاعتبار والمفاضلة والتكريم والتقديم
كما قال تعالى :
( إن أكرمكم عند الله أتقاكم )
وقال صلى الله عليه وسلم :
( رب أشعث مدفوع بالأبواب لو أقسم على الله لأبره )
وقال أيضا :
( ألا أخبركم بأهل النار وأهل الجنة :
فكل ضعيف متضعف أشعث ذي طمرين لو أقسم على الله لأبره
وأما أهل النار فكل جِعظِريٍّ (1) جوَّاظ (2) جماع مناع ذي تبع )
(1) الجعظري : الفظ الغليظ ، أو الأكول الغليظ ، والقصير المنتفخ بما ليس عنده
(2)الجواظ : الضجر وقلة الصبر ، أو الضخم المختال . والكثير الكلام ، والجلبة في الشر . والجموع المنوع ، والصياح
* الغفلة عن العذاب الذي توعد الله به هؤلاء في الدنيا وفي الآخرة
* تجاهل تحذير الله ونهيه وتحذير الرسول صلى الله عليه وسلم
ونهيه عن السخرية بالمسلمين حيث قال تعالى :
( يأيها الذين ءامنوا لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيرا منهم ..) ...
* استبدال الموازين والمعايير التي نصبها لعباده – كما تقدمت –
بموازين أرضية جاهلية كالجنس والقوم والوطن والقبيلة
ولئلا يقع من تحت يدك
في هذا المستنقع الآسن بأوحال العجب والغطرسة والكبر واحتقار المسلمين
ينبغي عليك إحاطته بما يلي :
* أن يعلم علم اليقين أن من السخرية ما يُخرجه من دائرة الإسلام
كالاستهزاء بالله والملائكة والأنبياء والمرسلين والصالحين
* أن يعلم علم اليقين سوء مغبة السخرية والاستهزاء واحتقار المسلمين
وأن الله توعد على هذا العذاب الأليم
* أن يستشعر أن ما به من نعمة فمِن الله
وأن ما ابتلي به غيره من عجز وفاقة وحرمان فهو من الله
أيضا فليحمد الله على النعمة ويشكره على المنة ويسأله العافية
* أن ما يزين لك شيطانك أن تدعوك نفسك للفخر به وازدراء واحتقار من فقده
كالمال والجاه والمنصب والشرف والحسب ..
فليس لك يد فيه بل هو منة من الله أمدك به ابتلاء وحرم منه غيرك
وهو قادر على أن يحرمك منه ويمنحه لغيرك
فإذا
أعجب ولدك بممتلكاتك من سيارة ومنزل و ... ثم احتقر من حرم هذه النعم
فقل له : يا بني ، من أعطانا هذه النعم ... ؟ سيقول : الله !
ثم قل له : من حرم هذا المسكين ؟ سيقول : الله !
هنا قل له : إن الذي أعطانا وحرم غيرنا قادر على أن يحرمنا
فاحمد الله واشكره وأسأل الله العافية
وستظهر عليه آثار هذا التوجيه فحينما يهم بالسخرية يتذكر المنعم سبحانه فيحمد الله
من أخطائنا في تربية أولادنا وطرق علاجها في الإسلام
تأليف / د. محمد بن عبد الله السحيم
(ص : 42-47 )
الخطأ الرابع :
إيثار الدنيا وإهمال الآخرة
قال د. محمد بن عبد الله السحيم :
بسبب التعلق بهذه الدنيا ونسيان الآخرة
وضعف اليقين
والرغبة في مسايرة المجتمع ومشاكلة الأصحاب
تجد كثير من الآباء يهتم بدنيا ابنه ويهمل آخرته
فتراه منذ الصغر وهو يلقنه كيف يهيئ نفسه لاستغلال فرص هذه الحياة
وما السبل التي تحقق له أعلى المكاسب وأفضل المناصب وتمنحه الوجاهة الاجتماعية ...
إنه باختصار شحن نفسي يجعله لا يرى إلا هذه الغايات
(كالشهادة والوظيفة والسيارة والمنزل ) التي هي – في حقيقتها – وسائل
إننا منذ صغره نخلط بين وسائله وغاياته
فنعلقه بالوسائل ونُغْفله – بل نُغَفّله - عن الغايات
وحتى تتضح لك الصورة ...
انظر كيف يعتني الكثير من الآباء بدراسة أبنائهم * ...
ويقابل هذا الاعتناء والاهتمام بدنياه إهمال وغفلة عن دينه
فلا يسأله عن عبادته : هل يؤديها وفق ما شرع الله ؟
وهل يبذل له من الأسباب والوسائل التي تعينه على أدائها ؟
وهل يحاسبه على التقصير فيها والإهمال لها كما يفعل عندما يقصر في دراسته ؟ ...
*لست ضد العناية بالأبناء وإعانتهم على شؤون دنياهم ودفعهم إلى التفوق فيها
لأن ذلك منهج نبوي أرشد إليه الرسول صلى الله عليه وسلم في قوله :
( المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف وفي كل خير
احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز ) ...
إذا فالرسول صلى الله عليه وسلم أرشد العبد إلى أن يحرص على ما ينفعه في دينه ودنياه
ولكن الذي يلفت النظر أن يطغى الاهتمام بالدنيا على الاهتمام بالآخرة
هذا مثال ، ومثال آخر
انظر كيف يهتم بعض الآباء بدراسة ابنه في المدارس النظامية
ولا يهتم – بل قد لا يقبل – أن يسجل ابنه في مدرسة تحفيظ القرآن الكريم القائمة في مسجده *
*أما إذا طلب منه دعم هذه الأنشطة الخيرية فإنه يتوانى عن الإنفاق
وقد ينفق على لعب ولده وآلاته أضعاف أضعاف ما يُطلب منه
وما ذاك
إلا بسبب ضعف اليقين
لأنه يؤمن ويوقن بجدوى هذه الشهادة النظامية
أعظم مما يؤمن بالأجر المدخر لمن عُني بالقرآن الكريم حفظا وتعلما
وهذه التربية
تورث النشء خللا في موازينه وفسادا في تصوراته
فينشأ وكل آماله أن يتفوق في الآستحواذ على متاع الدنيا ومكاسبها وزخرفها
ومن آثار هذا الأسلوب الخاطئ :
خذلان الأمة بإهدار أعز طاقاتها – وهم أبناؤها –
لأنك بهذه التربية تخرج للأمة أفرادا ماديين يعبدون الدرهم والدينار
ولا يرفعون بالدين رأسا ولا يجعلونه لمنهج حياتهم نبراسا
وإذا وجد في الأمة مثل هؤلاء الأفراد
فعلى أيديهم تُدمر معاقل الإسلام والمسلمين ومن خلالهم تحطَّم حصوننا من داخلها
وعلى أيديهم تفتح المجالات والأبواب لكل عدو فيحقق ما يريد ...
إذ نظر هؤلاء الأفراد إلى المنصب
وقد يتحقق بمواطأة الأعداء وإلى المال وقد يرشَوْنَ به من قبل الأعداء لفتح الأبواب
وكم تعاني الأمة من أمثال هؤلاء
ومن آثاره السيئة :
أن الفرد إذا تربى هذه التربية فقد لا يكون حربا على الإسلام ولكنه سيكون خاملا ...
شغل نفسه بوسائلها عن غاياتها
تجد الإنسان من هؤلاء ينهي دراسته الجامعية وقد يحمل شهادة شرعية تؤهله لقيادة أمةٍ ...
فإذا تولى المنصب وابتنى البيت وضع رجلا على رجل
وظن أنه قد بلغ الغاية ووفّى كل ما يراد منه ...
أين واجب الدعوة وأمانة البلاغ ومسؤلية العلم ؟!
لا شيء من ذلك فكل ما هُيئ له منذ صغره حققه ( سيارة وزوجة وبيت )
فبماذا سيفكر ؛ ولماذا سيعمل ؟
وليعمل من يبحث لنفسه عن فكاكها قبل أن يأتي عليه هلاكها
إذا أراد أن يحقق التوازن في تربيته لأبنائه ومن مكنه الله من تربيتهم :
أن يتبع ما يأتي :
* أن يضع – دائما – نصب عينيه قوله تعالى :
( وكأين من دابة لا تحمل رزقها الله يرزقها وإياكم وهو السميع العليم )
وقوله عز وجل :
( قل إن ربي يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر ولكن أكثر الناس لا يعلمون )
وقوله عز من قائل :
( وفي السماء رزقكم وما توعدون )
وأن يوقن بما دلت عليه هذه الآيات أعظم من إيمانه بعرض من الدنيا زائل
بل أن يكون يقينه بما أخبر الله به في هذه الآيات
أعظم وأتم من يقينه بما ينتظره من رزق يأتيه عبر شهادة أو منصب ...
* لا تجعل النبوغ الدراسي مقياسا لصلاح ابنك ونجاحه وفلاحه
بل اجعل المقياس هو الصلاح والتقوى والورع
ولا بد أن تعلم مدى ولائه لله ولرسوله ولدينه وأمته
فكم رأينا من نابغ في دراسته يحمل فكرا علمانيا ؟؟
وكم رأينا متفوق في دراسته لا يعرف ربه ؟
* أن تعلم أن ولدك سيكون مدفوعا بطبعه وجِبِلَّتِه إلى طلب الدنيا ومنافسة أقرانه فيها
إنه في غنى عن شَحْنِك له ودفعك إياه
أنه بحاجة إلى من يُوقِظُ قبله وُذكِّرُ فؤاده بالاستعداد ليوم الميعاد
وأخذ الأسباب للنجاة من دار العذاب
* قد يكون سبب هذا التوجيه الخاطئ في التربية
زعم الأب أو المربي أن الابن إذا اهتم بآخرته أضاع دنياه
وهذا وهم وهمُ لا يسنده نقل ولا عقل
بل الواقع المشاهد يكذب ذلك ويؤكد خلافه
إذ ترى الشباب الصالح هم خير الناس لأهليهم وأمتهم وما وَلوا ...
إذ هم يراقبون الله قبل أن يراقبوا عباد الله
* أن تبذل له من الأسباب التي تحقق له التوازن في هذه الحياة
فلا يطغى جانب على جانب
فلا تهتم بدنياه وتهمل آخرته فيخرج ماديا لا يقبل من هذه الحياة إلا ما جر عليه نفعا دنيويا
أن تُربيه منذ الصغر على أن يقدم دينه على دنياه وأن يجعل من نفسه ودنياه فداء لدينه وأمته ...
* كما أنك - أيها المربي – تكافئه على تفوقه في دراسته وشؤون دنياه
وتستبشر بذلك وتُشيد به أمام الأعمام والإخوان والأصحاب ...
وحتى يعلم ابنك ويلمس أنك تهتم بشؤون دينه
فلا أقل من أن تكافئه إذا حافظ على صلاته وتُشيد به أمام أقاربه إذا استمر في حفظ القرآن و ...
وتفرح أعظم الفرح إذا رأيته ينفر من المعاصي ويزدري أصحابها ...
* أعلم أنك ترحمه وتشفق عليه من القيام ببعض ما افترض الله عليه
كالصلاة وخاصة الفجر والصيام وغير ذلك ...
ولكن لن تكون أرحم به من ربه الرحمن الرحيم الذي افترض هذه الفرائض
وهو العليم سبحانه أن البشر فيهم الصغير والكبير والمريض ...
واعلم أنه لن يرحمك غدا بل سيوقفك بين يدي الله يخاصمك ويجادلك
ويقول : يا رب ! إن أبي أضاعني منذ صغري ...
وتذكر قوله تعالى :
( فإذا جاءت الصاخة . يوم يفر المرء من أخيه . وأمه وأبيه . وصاحبته وبنيه
لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه )
واستحضر قوله تعالى :
( ياأيها الناس اتقوا ربكم
واخشوا يوما لا يجزي والد عن ولده شيئا ولا مولود هو جاز عن والده شيئا
إن وعد الله حق فلا تغرنكم الحياة الدنيا ولا يغرنكم بالله الغرور )...
من أخطائنا في تربية أولادنا وطرق علاجها في الإسلام
تأليف / د. محمد بن عبد الله السحيم
(ص: 48 – 55 )
|
|
لا إله إلا انت سبحانك إني كُنت من الظالمين
|