عرض مشاركة واحدة
قديم 19/03/2010, 04:20 PM   #3
المؤسس والمشـــرف العــــام


الصورة الرمزية صقر الجنوب
صقر الجنوب ٌهé÷àٌ يà ôîًَىه

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 2
 تاريخ التسجيل :  Aug 2004
 أخر زيارة : 30/07/2025 (06:02 AM)
 المشاركات : 64,173 [ + ]
 التقييم :  16605
 الدولهـ
Saudi Arabia
 الجنس ~
Male
 MMS ~
MMS ~
 SMS ~
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
لوني المفضل : Maroon
افتراضي






من الحياة
التليفون وصلاة الفجر
ميسرة طاهر


في صباح جميل اختلطت نسماته الباردة بعبق الحرم المكي الشريف، وازدان بصوت شجي يحرك مكامن القلب والعقل ويدفع للخشوع والتفكر في كل آية تقرأ، وسرعان ما انقطع خشوع الكثيرين بسبب رنين موسيقي انبعث من جوال وضعه صاحبه أمامه على الأرض، ولم يتوقف إلا حين سجد الجميع للركعة الأولى، وبعد انقضاء الصلاة التف الكثيرون حول صاحب الجوال يلومونه ويعاتبونه، باعتباره السبب في ضياع خشوعهم، وبرر الرجل سلوكه بأن إغلاق الجوال سيضطره للحركة الكثيرة وكثرة الحركة تبطل الصلاة، ولا أدري لم سكتوا وتركوه هل لأنهم اقتنعوا أم لأنهم لا يملكون الحجة عليه، أم لعجب ما يقول؟ لا أدري، اقتربت منه وسلمت عليه، وبدأت حوارا معه كان محوره مقاصد الشريعة ورويت له قصة عن حكم ضالة الإبل، فقد كان عليه الصلاة والسلام أمر بتركها، وبقي الحكم سائدا في عهده وعهد أبي بكر وعمر، حتى جاء عثمان فأمر بإحضار الإبل الضالة إلى بيت مال المسلمين، ومن اشتغل من علماء المسلمين بمقاصد الشريعة يقول: إن الناقة أو البعير لم تكن عرضة للموت جوعا أو عطشا نظرا لتوفر الشحم في سنامها والماء في جهازها الهضمي مما يعني قدرتها على تحمل الجوع والعطش، كما أنه لا يخشى عليها من السباع حيث لم يكن في جزيرة العرب آنذاك أكثر شراسة من الضباع، والإبل لا تخشى الضباع، فماذا حدث في عهد عثمان حتى أمر بعدم تركها؟ يقول العلماء إن الأمانة قلت قليلا وظهر بين الناس من يمكن أن تسول له نفسه سرقتها، وبالتالي فالمقصد من تركها وهو سلامتها لم يعد محققا، تماما كما فعل عمر في عام الرمادة، مع حد السرقة، طال النقاش بيننا حتى طلعت الشمس، فودعته وعدت للفندق، وبقيت فترة طويلة أبحث عن إجابة لسؤال: لماذا يتكرر حدوث مثل هذا السلوك كثيرا في حياتنا اليومية؟ وفي ظني أن مسلم اليوم تسيطر عليه مجموعة من الأفكار يرى أنها هي الصواب بغض النظر عن مصدرها، وعن درجة صحة النصوص التي تقف وراءها، إضافة إلى غياب فكرة المقصد عن عقل شريحة كبيرة من المسلمين، فكثير هي الحالات التي تمر بي والتي تؤدي الأفكار غير المقاصدية إلى حالات طلاق أو خلافات لا حدود لها، لأن صانعي هذه المشكلات يتوقفون عند حدود أمر يحرمه النص، كحرمة الحركة في الصلاة، أو كراهيتها كما رآها المصلي صاحب الجوال، ولم يدرك أن تشويش شريحة كبيرة من المصلين في الصلاة أكثر كراهية بكثير من كراهية الحركة، وإذا كان يرى أنه آثم إن هو تحرك في الصلاة لإيقاف صوت الجوال، فهل إثمه سيكون أقل إن هو ترك جواله يرن بموسيقى كانت سببا في عدم خشوع مئات من الناس المحيطين به؟ ولو تفكر قليلا في كراهية الحركة في الصلاة لوجد أن المقصد من النهي عنها يكمن في تأمين الجو المناسب للخشوع، وأن الخشوع هو سر قبول الصلاة، إذ الثابت أن لكل امرئ من صلاته ما عقل منها أي ما خشع واستوعب من المعاني فيما يقرأ أو يسمع، وبالتالي فإن الخشوع وهو الهدف قد زال ولم يعد له وجود سواء بالنسبة للرجل صاحب الجوال أو بالنسبة لمن وقع في دائرة تأثيره، والأمر نفسه ينطبق على من يكثر الحركة في الصلاة فلا هو خشع ولا ساعد من بجواره على الخشوع، ويبدو أننا بحاجة للقياس على ذلك في أمور الحياة الكثيرة لأننا نضيع الكثير بسبب فقدان التفكير المقاصدي.


 
 توقيع : صقر الجنوب

مواضيع : صقر الجنوب



رد مع اقتباس