عرض مشاركة واحدة
قديم 20/11/2006, 10:44 PM   #3
رئيس مجلس الإدارة والمدير العام وداعم مادي لمسابقات رمضان


الصورة الرمزية مشهور
مشهور âيه ôîًَىà

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 245
 تاريخ التسجيل :  Feb 2005
 أخر زيارة : 28/02/2014 (09:03 AM)
 المشاركات : 6,236 [ + ]
 التقييم :  10000
لوني المفضل : Brown
افتراضي حيتان في حديقة الأسماك! انيس منصور الشرق الاوسط




حيتان في حديقة الأسماك!

رأيت أن أكتب عن حدائق القاهرة الجميلة ـ التي كانت جميلة عندما كنا شبابا صغيرا جميلا ايضا. ذهبت الى حديقة الاسماك في الزمالك.. وكانت لنا فيها أيام. كنا نجلس تحت الاشجار ـ تحت اوراق الشجر وتتخللنا كل انواع النمل في الحديقة.. أبيض وأسود وأحمر..

شيء غريب لقد كان النمل مثل اوراق الخريف لا يلسع.. وكنا ننام نوما عميقا. كيف؟ لا يكاد نلقى بأجسامنا فى العشب حتى يسارع الينا النوم غطاء حريريا. ومن بعيد تجيء أصوات البنات الحلوة.. معظم البنات يعملن مربيات لاطفال الخواجات من رجال السلك الدبلوماسي ورجال الاعمال. وكان لي صديقة امها ايطالية وابوها حبشى.. جمعت بين الملامح الحبشية الحلوة المحندقة والعينين الزرقاوين والشعر الذهبي. خلطة عجيبة! كنت انتظرها حتى تجيء هى وطفلها. اما الكلام والحكايات فتجيء وحدها. ولا أول لها ولا آخر. هي تقول وأنا ايضا.. هي تضحك وانا ايضا. واليوم يمضي بسرعة ويجيء العصر والمغرب والعشاء واكون قد امسكت يدها مودعا على ان نلتقي في اليوم التالي.. ونلتقي يوميا. اسبوعيا شهريا سنوات من الحب. نعم من الحب. وعندها كتب في الادب والفن والسياسة والتاريخ. لم أجرؤ أن أسألها إن كانت كتبها او كتب سيدها. كتبها او مسروقة.. أنا مالي أنا أريد أن أقرأ وبس!

ولم أكن وحدي. فمعي الفنان الأثري كمال الملاخ والفنان الشيوعي حسن فؤاد. وكل واحد مشغول بواحدة.. الملاخ معه فتاة من كولومبيا وحسن فؤاد معه فتاة من كورسيكا. وكلنا يضحك. ولا نشارك في أي شيء.. وإنما السعادة نتنفسها جميعا. ولم يحدث ان تساءلنا: وماذا يضحكك؟ وماذا يسعدك؟ ما هى المشروعات القادمة؟

أبدا. ولا كلمة. نحن سعداء لأسباب مختلفة بعالم جديد ولغة جديدة وبنات حلوة. وكان الفنان الكبير حسن فؤاد أسبقنا الى طعم المأساة.. قال لي: عاوز اتجوز!

ـ يا نهارك اسود. ليه؟ فقال: احببتها يا أخي. وهو انا حديد. وانت؟ قلت: انا ابدا. لا زواج. لأنني: لا شيء. لا قيمة لى فى هذا البلد. تلميذ لا ظهر له أول ولا آخر ولا مستقبل. أبدا! قال: افرض انها هددتك بأنها سوف تتركك اذا لم تتزوجها. قلت: لن افعل أي شيء. فلتذهب الى جهنم. أما انا فلا زواج ولا بعد عشرين عاما.

وجاء العالم الاثري كمال الملاخ يقول: طلبت مني الزواج واذا تزوجتها فسوف تجد نفسها مخنوقة بأيدي العفاريت ـ انها لعنة الفراعنة!

وهل صدقتك؟ قال: نعم. لدرجة انها لم تعد تأتي الى الحديقة منذ ثلاثة اشهر! قلت: ولكني قابلتها وأقنعتها بأنك كذاب وانه لا لعنة للفراعنة. ثم انها رأت اخاك الاكبر. ووعدها بالنظر في زواجكما. فسأل: يعني ايه؟ قلت: لا بد ان تتزوجها. واختفى كمال الملاخ الفنان والعالم الاثري سنة لم نعد نراه ولا نراها في حديقة الاسماك.. وبقيت وحدي مثل شاعر الربابة احكي قصة الاصدقاء الثلاثة الذين احبوا وهربوا.. وكان لا بد ان يهربوا.. وأن أهرب!





 
 توقيع : مشهور



رد مع اقتباس