هذه قصة حقيقية وبطلها أحد أفراد جماعتي وكانت أحداثها قبل 50 سنة تقريباً ، وأحداث هذه القصة تقول .
هذا الرجل عائش مع كهلته بمفردهما ولديهما بقرة وحمار ، فالبقرة يتمنّحوها بما تجود به من حليب ولبن وسمن والحمار للمواصلات وجلب الماء وهبط السوق وخلافه .
الشائب هذا متخصص في سِرادة الغروب والقِرب وخلافهما .
هذا الشائب رحمه الله وأسكنه فسيح جناته كان متبع سياسة أعطني أعطيك إكرمني أكرمك ، فقد كان معه إشفاءين أحدهما عريض والآخر نحيف ( الإشفا هو عبارة عن إبرة حديدية كبيرة يقوم بواسطتها بسرادة ( خياطة ) الغروب والقِرب والحكمة من وجود إشفاءين واحد عريض والآخر نحيف فالإشفا العريض للرجل البخيل الذي لا يكرمهما ويجود عليهما وعلى حلالهما والإشفا النحيف للرجل الكريم الذي يكرمهما ويجود عليهما وعلى حلالهما .
الشائب هذا هو وكهلته ليس لديهما بلاد ( مزارع ) فقوتهما وقوت حلالهما على الله ثم على الجماعة وغيرهم من القرى الأخرى ، فهذا الشائب وكهلته يقومان بجولة على أفراد القرية لطلب الرزق لهما ولحلالهما فمن يكرمهما ويكرم حلالهما يكون نصيبهم الإشفا النحيف عند سرادة غروبهم ، ومن لا يكرمهما ويكرم حلالهما يكون نصيبهم الإشفا العريض .
أما قصة الإشفاءين فهي أن الإشفا النحيف تكون فتحته ضيقة وعندما يقوم بإدخال السير في الفتحة يقوم السير بتسكير الفتحة كاملة تماماً فعندما يظهر الغرب من البئر محملاً بالماء لا يتسرب منه الماء ويصل إلى القُـف بكامل حمولته من الماء ، أما صاحب الإشفا العريض فإن فتحة الإشفاء تكون عريضة وعندما يُدخِل السير في الفتحة لا يقوم ذلك السير بتسكير الفتحة كاملة ويبقى الماء بتسّرب من الفتحة لأن السير لم يغطي الفتحة كاملة فعندما تجر الثيران الغروب من البئر وهي مليئة بالماء لا تصل الغروب إلى ( القُـف ) وهو المجمّع الذي تصب فيه الغروب الماء حتى لا يـبقى فيها إلا النصف أو الثلث ، وقد لاحظ أهل القرية هذه الحركة وشكوا عليه هذا الأمر ولكنه صريح وأعطاهم على بلاطة فقال لهم ، لهم من يكرمني ويكرم كهلتي وحلالنا سردت غروبه بالأشفاء النحيف ومن لا يكرمني وكهلتي وحلالنا سردت غروبه بالإشفا العريض ، فقام كلاً يُكرمه ويُكرم كهلته وحلالهما حتى يكون نصيب سرادة غروبهم بالإشفا النحيف ، فنجحت خطة الشائب رحمه الله وآتت ثمارها ، فإن لم تكن ذئباً أكلتك الذئاب .