عرض مشاركة واحدة
قديم 27/02/2007, 02:55 AM   #4
رئيس مجلس الإدارة والمدير العام وداعم مادي لمسابقات رمضان


الصورة الرمزية مشهور
مشهور âيه ôîًَىà

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 245
 تاريخ التسجيل :  Feb 2005
 أخر زيارة : 28/02/2014 (09:03 AM)
 المشاركات : 6,236 [ + ]
 التقييم :  10000
لوني المفضل : Brown
افتراضي رحيل «الباشا» **محمد صادق دياب



رحيل «الباشا»

رحل في صمت قبل أيام أديب سعودي كبير، أشعل شمعة التميز من طرفيها، فتألق بأدبين: أدب الكتابة وأدب الخلق.. رحل بهدوء ـ كما اعتاد أن يعيش ـ من دون ضجيج، فرغم العقود التسعة التي عاشها، ورغم الأعمال الأدبية الكبيرة التي أنجزها، فلقد نأى بحياته الشخصية عن الأضواء، حتى أن الكثيرين لا يعرفون عنه شيئا خارج أدبه، رغم ثراء شخصيته بأدوارها ورقيها وخصوصيتها..

التقيت به أول مرة منذ نحو عشرين سنة في أحد الصالونات الأدبية بمدينة جدة، ليلتها كان يوشك أن يكون الصامت الوحيد وسط مزادات الكلام، ومع هذا كان يسترعي الانتباه بفخامته وأناقته واهتمام الحضور به.. يومها سألت الصديق محمد سعيد طيب عنه، فأبدى دهشته ـ بطريقته الخاصة ـ لعدم معرفتي إياه، وتعالى صوته في المجلس يقول: «هذا الأديب الكبير الباشا حسين سراج، الشاعر والروائي العظيم»، وقد بلغ الباشا صوت «الطيب» فابتسم في تواضع الكبار.. في ذلك الوقت كنت قد قرأت جل ما نشر للباشا كما يحلو لأصدقائه أن يلقبوه، لكنني لم التق به قط، وكان الملحق الأدبي الذي أعمل له في ذلك الحين ينشر في تلك الأيام نقدا لاذعا لمسرحية الباشا الشعرية «غرام ولادة»، كتبه الأديب المعروف أحمد شريف الرفاعي ـ رحمه الله ـ فآثرت أن أحث أديبنا حسين سراج على الرد رغبة في إثراء الحوار، وليعلو شأن ذلك الملحق الأدبي بمشاركته، فهمس في أذني بصوته الخفيض الوقور قائلا: «إن ما كتبه أحمد شريف الرفاعي يمثل وجهة نظر لها أنصارها، الذين يريدون من الفن أن يتطابق مع وقائع التاريخ، لكن رأيي أن للفن رؤيته الخاصة التي تتمرد على تقريرية المؤرخين». ورغم فشلي في إقناعه بالكتابة حول هذه المسألة، إلا أنني نجحت في كسب صداقته لتتجدد اللقاءات بيننا، ولأكتشف في كل مرة مدى المسافة التي كانت تفصل الباشا عن الكثير من مجايليه من الرواد من حيث الانفتاح على الأدب العالمي، والنزعة إلى التجديد في الشعر، والاهتمام بالمسرح الشعري.

رحل حسين سراج، وكلي يقين أنه لم ينصف ـ حيا ـ بالقدر الذي يستحقه كرائد حقيقي في ساحتنا الأدبية، فهل يثير موته نزعة التكفير عن الذنب لدى نقادنا فيعيدون قراءة إنتاجه في سياقاته الزمنية، ليضعوا هذا الأديب الكبير في المكان اللائق به ضمن كوكبة الرواد الأكثر تميزا وتجديدا؟


 
 توقيع : مشهور



رد مع اقتباس