الحياة الاجتماعية : خلال كل مجموعة ثقافية، عاش الإسكيمو في جماعات أصغر. وقد تنوعت هذه الجماعات من حيث الحجم، فتنوعت من الأسرة الواحدة إلى بضعة مئات من الناس. وقد تأثر حجم هذه الجماعات بنوع الصيد الذي يقومون به. ففي شمال كندا، على سبيل المثال، كانت تتجمع أعداد كبيرة من الجماعات خلال فصل الشتاء لصيد الفقمات. أما بقية فصول السنة فكانوا ينقسمون إلى جماعات أصغر بحثًا عن الكاريبو والأسماك والفقمات وأنواع الصيد الأخرى. وعلى النقيض من هؤلاء كان الإسكيمو الذين يعيشون في شمال ألاسكا يتجمعون بأعداد كبيرة في فصلي الصيف والخريف لصيد الكاريبو.
وكانت العادات والتقاليد هي التي تحكم الإسكيمو لا القوانين. وكان الصراع من أجل البقاء والعيش في سلام مع الآخرين في الجماعة من أهم مبادئ الإسكيمو. وكانوا يقدمون الطعام وضروريات الحياة الأخرى لمن لا يقومون بالمساعدة في الصيد والأعمال الأخرى، ولكنهم كانوا يحتقرونهم.
يحاول الإسكيمو تجنب المجادلات والخلافات، ولكن إذا ما نشب نزاع بين رجلين، على سبيل المثال، فقد يتقاتلان لتسوية هذا النزاع أو يُسوَّى عن طريق إقامة مباراة بينهما لاختبار قدرة تحمل كل منهما، والذي يفقد سيطرته يخسر المباراة. وقد يأمر كبار السن والعقلاء بإعدام شخص ما إذا ارتكب جريمة قتل أو أية جريمة أخرى مماثلة. وفي معظم المناطق تتكون أسرةالإسكيمو من الزوج والزوجة والأولاد غير المتزوجين، ومن البنين المتزوجين وزوجاتهم وأولادهم. ويبلغ عدد أفراد مثل هذه العوائل 20 شخصًا؛ وكانوا جميعًا يعيشون في منزل واحد أو مجموعة من الخيام وكانت الأسر المكونة من الزوج والزوجة والأطفال غير المتزوجين هي الأقل شيوعًا. وكان الإسكيمو يُنزلون الأطفال منزلة عالية ونادرًا ما كانوا يعاقبونهم وعادة يقوم الوالدان باختيار زوجات أولادهم منذ الطفولة المبكرة. وكان معظم الإسكيمو يتزوجون في مرحلة المراهقة ولم تكن هناك حفلات زواج، إنما كان الرجل يأخذ شريكة حياته ويسلك بها دروب الحياة القاسية.
الطعام : عاش الإسكيمو على لحوم الحيتان والفقمات والكاريبو. وكانوا يأكلون أيضًا السمك، ولحوم الطيور، وثيران المسك والدببة والتوت والجذور والسيقان وأجزاء أخرى من نباتات معينة. وكانوا يجدون مثل هذه الأطعمة خلال الأشهر الأكثر دفئًا فقط ولكن بكميات قليلة. وفي معظم الأوقات، كان الإسكيمو يأكلون اللحم نيئًا وذلك لقلة وجود الأخشاب أو عدمها، أو أي وقود آخر لإشعال النار. وكانوا في بعض الأحيان يطبخون اللحم على المصابيح التي تشعل بالزيت الذي يستمدونه من شحوم الفقمات أو ثدييات البحر الأخرى. وكان إعداد الطعام بهذه الطريقة يستغرق وقتًا طويلاً حتى ينضج على الحرارة الضعيفة المنبعثة من هذه المصابيح. وكان الإسكيمو يأكلون عدة وجبات صغيرة في اليوم عادة. وإضافة إلى لحوم الفقمات والكاريبو، فإن من بين وجباتهم المفضلة كبد الولرس (الفظّ) الشبيه بالفقمة وجلود الحيتان. ويفضل الإسكيمو أكل محتويات معدة الكاريبو التي لم تهضم بعد، كما كانوا يشربون حساءً مصنوعاً من خليط الماء الحار ودماء الفقمات. وكان الإسكيمو يصنعون المصابيح وأواني الطهي من الصخر الناعم الذي يطلق عليه الحجر الصابوني. كما استخدموا أطباقًا خشبية، ومغارف مصنوعة من العظام، وأكوابًا للشرب مصنوعة من قرون ثيران المسك واستخدمت النسوة في أعمالهن المنزلية سكاكين هلالية الشكل تسمى أولو. وكانت هذه السكاكين تصنع من مواد عدة.
ملابس الإسكيمو ووسائل النقل والمسكن الملابس : صنع الإسكيمو ملابسهم من جلود الحيوانات؛ ولذا تنوعت أشكال ملابسهم من منطقة لأخرى ولكن كان الرجال والنساء والأطفال في كل المناطق يلبسون الزي الموحد وهو سترة بها غطاء للرأس، وسروال وكساء للساق من الجلد والجوارب والحذاء، والقفازات التي تكسو الأصابع الأربع معًا، وتكسو الإبهام بمفرده. وهم يرتدون نظارات واقية مصنوعة من الخشب أو العظم؛ لتقليل أشعة الشمس المنعكسة على الجليد. وبهذه النظارات فتحات صغيرة يستطيع المرء أن يرى من خلالها. وكانت ملابسهم، وأحذيتهم في الأغلب من جلود الفقمات والدببة القطبية والثعالب لتميزها بالدفء وخفة الوزن. وكان غطاء الرأس يعم الرأس والرقبة والكتفين. أما منطقة الوسط فكانت تغطى من فوق الوسط إلى أسفل الركبتين. وكان الإسكيمو في معظم المناطق يرتدون نوعين من الملابس أثناء الشتاء. فيلبسون نوعًا داخليًا ذا فرو يدفئ الجسم، أما فرو النوع الخارجي فيكون للخارج. ويساعد الهواء الموجود بين النوعين الداخلي والخارجي على الحفاظ على حرارة الجسم ويسمح للعرق أيضًا بالتبخر. وفي الأجواء الأكثر دفئًا، كان الإسكيمو يلبسون عادة النوع الخارجي المصنوع من جلد الكاريبو أو من جلد الفقمة.
بناء بيت الثلج : يقوم ببنائه اثنان من الإسكيمو ـ ويستغرق ما يقرب من ساعة فقط، فيقومان بتقطيع كتل الثلج، ثم يرصانها في شكل حلزوني ـ أي على هيئة دوائر تصغر تدريجياً كلما ارتفعت إلى أعلى. أما المسكن كان لدى معظم عائلات الإسكيمو بيت صيفي وآخر شتوي. ففي فصل الصيف، كان أغلبهم يعيش داخل خيام مصنوعة من جلد الفقمة أو جلد الكاريبو. أما خلال أشهر الشتاء، فكانوا في أغلب المناطق يعيشون في بيوت مصنوعة من الطمي. وكان بعض الإسكيمو أيضًا يبنون بيوتًا من الثلج على شكل القبة تكون ملاجئ مؤقتة يستخدمونها في أثناء ترحالهم. أما الإسكيمو الذين اتخذوا من بيوت الثلج هذه منازل شتوية دائمة لهم فهم إسكيمو وسط كندا وجزر كندا الشمالية فقط. وكان الإسكيمو يبنون بيوتهم من الثلج الذي تجلبه الرياح ويجعله الصقيع صلدًا. وكانوا يستخدمون سكين الجليد ـ وهي سكين طويلة مستقيمة مصنوعة من العظم ـ في قطع كتل من الثلج تتراوح أبعادها بين 90 سم طولاً و45 سم عرضًا وبين 10 ـ 15سم سمكًا. وكانوا يرصون الكتل في صف دائري متصل، يدور صاعدًا في دوائر تصغر مع ارتفاع البناء حتى يأخذ المنزل شكل القبة. حينئذٍ كانوا ينحتون فتحة في الحائط إلى الخارج وكان بإمكان أحدهم أن يصنع مثل هذا البيت خلال ساعتين.
وكان الإسكيمو عادة يبنون بيوتاً من الثلج لتكون ملاجئ موقتة. أما أغلب الإسكيمو الذين اتخذوا من بيوت الثلج منازل شتوية دائمة فقد بنوا أشكالاً أكثر دقة، حيث أضافوا غرفًا إلى بيوت الثلج وجعلوا لهذه البيوت مداخل تشبه الأنفاق. وأحيانًا تعيش إحدى عائلات الإسكيمو أو مجموعة من العائلات في سلسلة من بيوت الثلج المتصلة ببعضها والتي لها مدخل مشترك.
ويتكون مدخل كثير من بيوت الثلج من حجرة تخزين، أو حجرتين تبنيان فوق نفق في الثلج. وكان الإسكيمو يجعلون أرضية المداخل أقل مستوى من أرضية منزل الثلج. ويصبح الهواء البارد أكثر دفئًا بعد عبوره هذا الممر، ثم يصعد حينئذ إلى المنزل ليوفر درجة حرارة مريحة لساكني المنزل. أما خروج الهواء فيكون من فتحة صغيرة توجد في السقف.وتوجد في بيوت الثلج المستخدمة منازل شتوية دائمة عدة منصات من الثلج تبنى بطول الجدار الداخلي وتوضع عليها المصابيح وأوعية الطعام والمتعلقات الأخرى، وفي الجزء الخلفي من المنزل منصة كبيرة تغطّى بجلود الحيوانات وتستخدم سريرًًا ومجلسًًا للعائلة كلها.وكان الإسكيمو يدفئون بيوت الثلج ويضيئونها بمصابيح مصنوعة من الحجر الناعم وكانت هذه الأحجار تستخدم في الطهي والتدفئة. وكانت بيوت الثلج تبدو أكثر دفئًا من الخارج، لأنها كانت تقي الإسكيمو من الرياح.
وأحيانًا كان الإسكيمو الذين يقومون ببناء بيوت من الأعشاب يستخدمونها نفسها لعدة مواسم شتوية. وهذه المنازل المصنوعة من الأعشاب تكون أرضيتها ترابية وتقل عن مستوى الأرض بما يقرب من 30سم إلى60سم. وتبنى الجدران والأسقف من عظام الحيتان والأحجار والخشب المغطى بالعشب. وهناك منصة كبيرة مصنوعة من العشب تستخدم للجلوس والنوم كما توجد بها عدة منصات أخرى ولكنها أصغر حجمًا تستخدم استخدام المناضد. وفي هذه المنازل مصابيح مصنوعة من الحجر الصابوني تستخدم في الإضاءة ولتوفير الحرارة كذلك، كما توجد بهذه المنازل حجرات تخزين. أما صنع قارب الكياك يتطلب كثيراً من المهارة والصبر. وبعد أن يقوم الإسكيمو ببناء الهيكل القوي الخفيف الوزن من الخشب، كما هو مبين بالصورة أعلاه، يغطونه بجلد عجل البحر أو جلد الكاريبو.
وسائل الانتقال : انتقل الإسكيمو على الجليد والثلوج والماء، كما كانوا يتنقلون على الأرض. وقد استخدموا الزلاجات التي تجرها الكلاب في التنقل على الثلج والجليد، وقد أبحروا في الأنهار والبحيرات والبحار في قوارب غلفت بجلود الحيوان،وتنقلوا صيفًا سيرًا على الأقدام وقد استخدم الإسكيمو نوعين من الزلاجات، الزلاجات المصنوعة من ألواح الخشب، والزلاجات ذات الهياكل الخشبية. وكانت الزلاجات المصنوعة من ألواح الخشب، والمستخدمة في كل من كندا وجرينلاند تشبه السلَّم الطويل. وتتكون من قطعتين طويلتين تفصل بينهما سلسلة من القطع الخشبية العرضية؛ أما الزلاجات ذات الهياكل الخشبية والمستخدمة في كل من ألاسكا وسيبريا، فكانت هياكلها تشبه السلة وتميل إلى أعلى من الأمام وتأخذ في الانحدار حتى مؤخرة الزلاجة. وكانت كل الزلاجات ذات الهياكل الخشبية تصنع من الخشب. وكان الإسكيمو في كل من كندا وجرينلاند يفضلون صنع زلاجاتهم ذات الألواح من الخشب أيضًا. وإذا لم يتوفر الخشب لديهم، كانوا يصنعون هذه الزلاجات من مواد مثل عظام فك الحوت أو جلد الحيوانات المتجمدة، وأيضًا من اللحم المتجمد.
يقوم الإسكيمو في كل من كندا وجرينلاند بربط كلابهم في الزلاجة بوساطة العقد المروحية. حيث يربط كل كلب في الزلاجة بخيط منفصل بحيث تبدو فرقة الكلاب وهي تقوم بسحب الزلاجة. أما الإسكيمو في كل من ألاسكا وسيبريا فيقومون بربط الكلاب في الزلاجة أزواجًا في صف واحد وفي خيط واحد. ويحتفظ الإسكيمو أيضًا بعدد من الكلاب بحيث يمكنهم تغذيتها. ولذا نجد أن المناطق التي يندر فيها الصيد لايستطيع الإسكيمو فيها إطعام أكثر من كلب أو كلبين بينما نجد أن الإسكيمو الذين يعيشون في المنطقة الواقعة شرق كندا يمكنهم إطعام عشرة كلاب أو أكثر حيث يتوفر الصيد في مثل هذه المناطق. وكان لدى الإسكيمو نوعان من القوارب وهما الكياك واليومياك. ويشبه الكياك زورق الكنو (وهو زورق طويل ضيق). وكان الإسكيمو في جميع المناطق يستخدمونه في الصيد. وصممت هذه القوارب لتحمل شخصًا واحدًا فقط، وإن كان بإمكان بعضها أن تحمل شخصين. ولقارب الكياك هيكل خشبي مغطى بجلد الفقمة أو حيوان الكاريبو. وتوجد الفتحة الوحيدة في القارب في السطح وتتسع لشخص واحد كي يجلس فيها بمفرده. أما قوارب الكياك التي تتسع لشخصين فيوجد بها فتحتان. وعند الإبحار بقارب الكياك، كان رجل الإسكيمو يرتدي عادة سترة خاصة مصنوعة من أمعاء الفقمة، لايؤثر فيها الماء. وكان يلف السترة حول الفجوة، بحيث يكون بإمكانه أن يميل إلى وضعه السابق مع الحفاظ على استمرار القارب في الإبحار. ولدفع القارب، كان الإسكيمو يستخدمون إما مجدافًا طويلاً له طرفان مسطحان وإما مجدافًا أقصر له طرف مسطح واحد. أما اليومياك فهو قارب مفتوح يتسع لعشرة أفراد أو لاثني عشر فردًا. وقد استخدمه الإسكيمو جميعهم فيما عدا الإسكيمو الذين كانوا يقطنون شمالي جرينلاند وغربي وشمالي كندا. وقد بُنيَ هذا القارب من إطار خشبي مغطىً بجلد الفقمة أو فيل البحر. وكانوا يدفعونه بمجاديف. وقد استخدم الإسكيمو هذا النوع من القوارب في الرحلات الطويلة، وكذلك في نقل أمتعتهم وقت ترحالهم، واستخدموه أيضًَا في صيد الحيوانات البحرية الكبيرة كأفيال البحر والحيتان.
صيد الحيوانات والأسماك : يتكون كل طعام الإسكيمو تقريبًا من صيد الحيوانات والأسماك. كما أمدهم الصيد أيضًا بالمواد التي كانوا يصنعون منها ملابسهم ومساكنهم أو يصنعون منها أدواتهم وأسلحتهم. وكان الإسكيمو يصطادون الفقمات والكاريبو، في المقام الأول، إلا أنهم كانوا يصطادون أيضًا ثيران المسك، والدببة القطبية، والحيتان، والطيور. وكانوا يصطادون الفقمات بوسائل صيد مختلفة وفي مواسم مختلفة أيضًا. ففي فصلي الخريف والشتاء، كانوا يصطادون الفقمات من الثلوج التي تنتشر على الشاطئ. حيث كانت الفقمات تقوم بعمل فتحات في الثلج، لكي تتنفس من خلالها. وكان الصيادون يتربصون حول هذه الفتحات ويقومون بقتلها عندما تطفو على سطح الماء لتتنفس. كما كانوا يصطادون الفقمات أيضًا من على حواف الجبال الجليدية خلال هذين الفصلين.وفي فصل الربيع، تصعد الفقمات على الثلوج لتنام، فيصطادها الصيادون. وكانت هذه الوسيلة تتطلب مهارة خاصة، لأن الفقمات تصحو مرة أو مرتين كل دقيقة لترقب ما حولها تحسبًا للخطر. ويتعين على الصياد أن يقترب من الفقمة زحفًا وبحرص شديد، وعليه أن يقلد حركات هذا الحيوان كلما رفع الحيوان رأسه. أما في فصل الصيف حيث لا يغطي الجليد المياه الساحلية، فقد كان الإسكيمو يصطادون الفقمات بوساطة قوارب الكياك. ويستخدم الإسكيمو الحربون (وهو رمح يستخدم لصيد الحيتان). وكانت هذه الرماح ذات رؤوس حجرية أو عظمية، أما قصبة الرمح فكانت تصنع من الخشب أو من قرون الوعل. وكان الحربون يصمم بحيث يُربط رأسه إلى القصبة بحبل طويل، ثم ينفصل عن القصبة عندما يصيب الحربون أحد الفقمات.
وعند صيد الفقمات بوساطة الكياك، يقوم أحد رجال الإسكيمو بربط خيط طويل من جلد الفقمة إلى طرف الحربون. ثم يقوم إما بإمساك نهاية الخيط وهو يصوب الرمح أو بربط الخيط إلى عوامة كبيرة من جلد الفقمة تكون منتفخة بالهواء. وبهذه الطريقة، يكون بإمكان الصياد منع العجل الجريح من الهرب. أما عن طريقة صيد الفقمات على ثلوج البحر فيقوم الإسكيمو بتثبيت خيط قصير من جلد الفقمة إلى رأس الحربون.
يقوم الإسكيمو في معظم المناطق بصيد الكاريبو في فصلي الصيف والخريف بعد انتقال هذه الحيوانات إلى الشمال تاركة أرض الغابات. وكان النساء والأطفال يقومون عادة بمطاردة قطيع الكاريبو ودفعه نحو الرجال الذين كانوا ينصبون له الفخاخ بالرماح أو الأقواس والسهام. وأحيانًا كان الإسكيمو يدفعون الكاريبو إلى حُفر خفية. وكانوا يصطادون الكاريبو أيضًا برماح صيد الحيتان بوساطة قوارب الكياك في أثناء سباحتها عبر البحيرات أو الأنهار. وقد يقوم أحد الإسكيمو بمفرده بصيد الكاريبو بالقوس أو السهم أحيانًا. وكانت معظم سهام ورماح وحراب الإسكيمو ـ كالحربون ـ ذات رؤوس من الحجارة أو العظم. أما الأقواس وقصبات الرماح والحراب والسهام فكانت تصنع من الخشب، وإن كان بعضها يصنع من قرون الوعول أو ثيران المسك. وكان الإسكيمو يصطادون الأسماك برماح ذات رؤوس متعددة أو بصنارة الصيد المصنوعة من العظم أو من قرون الوعل. واستخدم الإسكيمو الشباك في صيد الأسماك في كل من ألاسكا وسيبريا. وكانوا يصطادون الأسماك طوال أيام السنة من خلال فتحات في الثلج. أما في فصل الصيف فيصنعون عوائق أو سدودًًا من الأحجار في مجاري الأنهار والجداول لحبس الأسماك وصيدها.
الدين : يعتقد الإسكيمو أن أرواحًا قوية تتحكم في الطبيعة، كما يعتقدون أن للناس والحيوانات أرواحًا تعيش في عالم آخر بعد الموت وكانوا يظنون أنهم إذا خالفوا الأرواح فسوف تعاقبهم بإصابتهم بالمرض أو بأيِّ مصيبة أخرى.
وشمل اعتقادهم هذا أرواحًا عديدة للريح والطقس والشمس والقمر. ومن أهم هذه الأرواح روح ربة البحر سيدْنا، التي كانت تعيش في قاع المحيط وتتحكم في الفقمات، والحيتان والحيوانات البحرية الأخرى. وكانوا يعتقدون أنهم إذا لم يُرضوا ربة البحر هذه فسوف تبعد الحيوانات عنهم. ولإرضائها كانوا يتبعون قواعد معينة في التعامل مع حيوانات البحر.فعلى سبيل المثال، كان الإسكيمو في بعض أجزاء من ألاسكا يحتفظون بمثانات الفقمات التي يصطادونها، ثم يقومون بإلقائها في البحر خلال احتفالات خاصة يؤدونها كل سنة. وكانت وفاة أحد الإسكيمو تتطلب طقوسًا خاصة، فكانوا في معظم المناطق يلفون الجثمان بجلود الحيوانات، ثم يسحبونه إلى التندرا (السهل الأجرد في المنطقة القطبية)، ويحيطونه بدائرة من الأحجار. وكانوا يضعون أدواته ومتعلقاته الأخرى بجوار الجثة لكي تستخدمها الروح ـ حسب اعتقادهم ـ في العالم الآخر.
وتضم جماعة الإسكيمو عادة رجلاً أو امرأة يعتقد أن لديه القدرة على الاتصال بالأرواح. وكان هذا الشخص يدعى أنجاتكوك عند الإسكيمو، وشامان عند البيض. ويحاول شامان أن يجلب لهم الطقس الجيد، ويعالج المرضى ويزيد من حصيلة الصيد، ويأتي بالحظُوظ الطيبة الأخرى.
وممارسة الألعاب ساعدت الإسكيمو في قضاء ساعات طويلة خلال ظلمة الشتاء الحالكة. وفي إحدى هذه الألعاب التي تسمى نجلجاكتوك ويقوم اللاعبون بمحاولة تمرير القصبة عبر فتحة فى أحد العظام المعلقة في خيط يتدلى من السقف، وأول شخص يتمكن من ذلك يكسب اللعبة.
الترويح. أحب الإسكيمو الترويح، خاصة في فصل الشتاء، حيث كانت العواصف والظلام الطويل تجبرهم على البقاء داخل بيوتهم لوقت طويل. وكان الرجال يستمتعون بألعاب المصارعة وشد الحبل واختبارات القوة الأخرى. كما عشقوا أيضًا تأدية حركات على حبل من الجلد مشدود بين جدران البيت من الداخل. وكانوا يستمتعون بالغناء وسرد القصص عن أبطال أسطوريين. ويعشقون الرقص على دقات الطبول.
الفن : زين الإسكيمو الأشياء التي كانوا يستخدمونها كل يوم. فزينوا ملابسهم بالفراء وبأزرار عاجية محفورة على أشكال الفقمات والأسماك والحيوانات الأخرى،كما زينوا أدواتهم وأسلحتهم وأشياءهم الأخرى بنحوت ورسومات. وقد صنعوا العديد من المنحوتات العظمية أو العاجية لحيوانات يستخدمها الأطفال في اللعب.
اللغة : كان الإسكيمو يتحدثون لغة نشأت وتطورت بمعزل عن كل اللغات الأخرى. وقد تنوعت لغة الإسكيمو ولكن في حدود ضيقة حسب المناطق. ولكن الإسكيمو في شمال شرقي سيبريا وجنوبي ألاسكا ـ بما فيها جزر ألاسكا ـ كانوا يتحدثون لغات عديدة تختلف كثيرا فيما بينها كما تختلف عن لغات سائر الإسكيمو. وقد أنشأ الإسكيمو كثيرًًا من الكلمات عن طريق ضم كلمات أحادية المقطع بعضها إلى بعض. واشتمل الكثير من الكلمات التي نشأت بهذه الطريقة على خمسة مقاطع أو أكثر. كما كان لدى الإسكيمو في معظم المناطق أكثر من كلمة واحدة للأشياء كافةً. فعلى سبيل المثال، كانت لديهم كلمات كثيرة للفقمة. ويعتمد اختيار إحدى هذه الكلمات على حالة الحيوان نفسه صغيرًًا كان أو كبيرًًا وهل يعيش في المياه أم على اليابسة. واعتمد كذلك على عدد من الظروف الأخرى. ولم يكن لدى الإسكيمو نظام للكتابة.
نبذة تاريخية : التاريخ القديم : نشأ أسلاف الإسكيمو في شمال شرقي آسيا. ويرى معظم العلماء أن الإسكيمو جاءوا إلى ما يعرف اليوم بألاسكا عبر ممر أرضي كان يربط بين آسيا والمنطقة الشمالية من أمريكا منذ ما يقرب من 10,000 عام تقريبًا. ثم اتجه الإسكيمو من ألاسكا ناحية الشرق، حيث توجد المنطقة القطبية لقارة أمريكا الشمالية.
ويرى الخبراء أن الإسكيمو انتشروا من ألاسكا إلى ما يعرف اليوم بجرينلاند في حركتين كبيرتين. بدأت الأولى منذ مايقرب من 5,000 سنة. ومن الجائز أن تكون الثانية قد بدأت منذ أقل من 1,200 سنة تقريبًا. ولايعرف العلماء بدقة المدة التي استغرقتها كل من الحركتين. ولكن في الوقت الذي بدأت فيه الحركة الثانية، كانت سلالة الإسكيمو التي قامت بحركة الهجرة الأولى قد انقرضت. ويُعد هؤلاء الذين قاموا بالهجرة الثانية أسلاف الإسكيمو الذين يعيشون اليوم في كل من جرينلاند وكندا وشمال شرق ألاسكا.
وصول الأوروبيين : يُعد الفايكنج من أوائل الأوروبيين الذين التقوا بالإسكيمو في جرينلاند بعد وصول الإسكيمو إليها عام 1100م . ومع بداية القرن السادس عشر الميلادي، بدأ التقاء المكتشفين الأوروبيين بالإسكيمو لأول مرة في المنطقة الشرقية من القطب الشمالي بأمريكا. أما الروس وبقية المكتشفين الأوروبيين فلم يلتقوا بالإسكيمو إلا في القرن الثامن عشر الميلادي . وخلال القرن التاسع عشر الميلادي، وفدت أعداد كبيرة من صائدي الحيتان وتجار الفراء الأوروبيين إلى بلاد الإسكيمو. وبعد ذلك بدأ الإسكيمو في العمل لحساب صائدي الحيتان وتاجروا معهم، فحصلوا منهم على البنادق والذخيرة والحديد والخشب وبضائع أخرى مفيدة. ولكن الأوروبيين جلبوا معهم بعض الأمراض التي لم يستطع الإسكيمو مقاومتها. و لذا مات كثير منهم نتيجة هذه الأمراض. وعلى الرغم من انهيار الصناعة التي قامت على صيد الحيتان في أواخر القرن التاسع عشر الميلادي، فقد راجت تجارة أخرى ألا وهي تجارة الفراء. ولذلك بدأ كثير من الإسكيمو في صيد الحيوانات بالفخاخ وبيعها لتجار الفراء، وترتب على ذلك زيادة الاتصال بين الإسكيمو والشعوب البيضاء. وقد أدت هذه الاتصالات إلى حدوث بعض التغيرات في طريقة الحياة. فعلى سبيل المثال، مكنتهم البنادق ـ التي حصلوا عليها في مقابل الفراء ـ من الصيد بفاعلية أكثر. غير أنهم استمروا في العيش كما كان يعيش أسلافهم منذ مئات السنين. أُم مِنْ إسكيمو كندا تقوم بتنظيف جلد دب قطبي، بينما ينظر إليها بقية أفراد الأسرة. يعيش كثير من عائلات الإسكيمو ـ كهذه العائلة ـ في بيوت حديثة ولكنهم لا يزالون ينصبون الفخاخ للحصول على الفراء، لمبادلتها بالطعام والبضائع الأخرى.