غزل الثعابين

هل تصدقون أنني وجدت أن المتعة الحقيقية هي في (الحرمان)؟! نعم الحرمان. قد تستغربون، ولكن سوف أشرح لكم وأتمنى أن أقنعكم بذلك.
إنني أحياناً احرم نفسي طوعاً من تناول أي طعام أو شراب، لا في النهار فقط مثلما يفعل أي صائم، ولكن في النهار والليل معا، وقد أستمر على ذلك أكثر من (24 ساعة)، وبعدها أتناول ما تيسر لي حتى لو كانت (خبزة ناشفة)، وصدقوني أنني أتلذذ (بقرمطتها) أكثر مما يتلذذ أي آكل (للكافيار).

أحرم نفسي أحياناً من لقاء الأحبة، ومن الاجتماع بالأصدقاء، إلى درجة أن البعض منهم يظنون انني انتقلت إلى رحمة الله، بسبب انقطاعي النهائي (لا حس ولا خبر)، إلى أن يبلغ الشوق بي مداه، بعدها أفرج عن نفسي وأفاجئها باللقاءات والاجتماعات، وفي ليلة واحدة أعوض كل ما فاتني من شهر كامل.

ويؤكد الشاعر (هوراس) أن روح الرفاهية والطراوة هي التي أفسدت الامبراطورية الرومانية، وأدت بها إلى الانحلال، وهو يقول: إذا لم يعود الإنسان نفسه على الحرمان، حرمته الآلهة من رعايتها.

لهذا صممت أنني بدلاً من أن استأنس الحيوانات، فقد قررت أن استأنس نفسي.

* * *

نصيحة أقدمها لكل من أراد أن يغازل، فعليه أن يتبع طريقة الثعابين النموذجية. ولو أن أحداً منكم شاهد آداب المغازلة عند الحيات، لعرف أنني صادق ومخلص في دعوتي هذه. ولقد قدر لي أن أشاهد ذلك بعيني، وكنت خلالها ارتجف من شدة الفرح والرعب. فالثعبان الذكر يتكور على حاله مثلما يتكور (كفر) السيارة، ولا يرتفع منه غير رأسه، فيما لسانه ممتد ومهتز، فيما تعمد الحية الأنثى إلى الرقص تأهباً للقاء الذكر، وتأخذ تتأرجح وتتمايل وترسل رأسها إلى الوراء حتى يكاد أن يلامس ذيلها، وتتحرك حركة لولبية وكأنها راقصة شرقية خرجت لتوها من شارع الهرم بعد منتصف الليل.

لا أريد أن أكمل لكم ماذا يحصل بعد ذلك، اتركه لخيالكم التعبان.

* * *

بما أننا اليوم ما زلنا في هذا الجو (المسموم) فيحق لي أن أسأل: هل صحيح أن المرأة ما هي إلاّ عقرب حلوة اللمس؟!

ويحق لي أيضاً أن أجيب عن تساؤلي وأقول: إن المرأة ما هي إلاً عقرب حلو القرص، فأين أنت يا (عقربتي) لتلدغيني؟!