1081 - سئل فضيلة الشيخ – وفقه الله تعالى - : ما حكم الصلاة على الراحلة في الحضر؟
فأجاب فضيلته بقوله: الصلاة في الراحلة إن كانت فريضة فإنها لا تصح لا في الحضر ولا في السفر إلا للضرورة، مثل أن تكون السماء تمطر، والأرض مبتلة، لا يمكنهم النزول عليها والسجود عليها، وأما النافلة فإنها تجوز في السفر خاصة على الراحلة، لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يصلي النافلة على راحلته حيثما توجهت به. وأما في الحضر فلا يجوز.
1082 - سئل فضيلة الشيخ: عن رجل ركب الطائرة وحان وقت الصلاة فكيف يصلي؟ أفتونا وفقكم الله.
فأجاب فضيلته بقوله: إذا حان وقت الفريضة وأنت في الطائرة فلا تصلها في الطائرة بل انتظر حتى تهبط في المطار إن اتسع الوقت، إلا أن يكون في الطائرة محل خاص يمكنك أن تصلي فيه صلاة تامة تستقبل فيها القبلة، وتركع، وتسجد، وتقوم وتقعد فصلها في الطائرة حين يدخل الوقت فإن لم يكن في الطائرة مكان خاص يمكنك أن تصلي فيه صلاة تامة وخشيت أن يخرج الوقت قبل هبوط الطائرة، فإن كانت الصلاة مما يجمع إلى ما بعدها كصلاة الظهر مع العصر، وصلاة المغرب مع العشاء، ويمكن أن تهبط الطائرة قبل خروج وقت الثانية فأخر الصلاة الأولى واجمعها إلى الثانية جمع تأخير، ليتسنى لك الصلاة بعد هبوط الطائرة فإن كانت الطائرة لا تهبط إلا بعد خروج وقت الثانية فصل الصلاتين حينئذ في الطائرة على حسب استطاعتك فتستقبل القبلة، وتصلي قائماً، وتركع إن استطعت، وإلا فأومئ بالركوع وأنت قائم، ثم اسجد إن استطعت، وإلا فأومئ بالسجود جالساً
وخلاصة الجواب كما يلي:
أ – إن استطعت أن تصلي في الطائرة صلاة تامة فصلها حين يدخل الوقت كما لو كنت على الأرض.
ب - إن لم تستطع فأخر الصلاة حتى تهبط الطائرة.
جـ - إن خشيت خروج الوقت قبل هبوط الطائرة فصل الصلاة وائت بما تستطيع من واجباتها وأركانها وشروطها، إلا إذا كانت مما يجمع إلى ما بعدها، وصارت الطائرة تهبط قبل خروج وقت الثانية فأخر الأولى إلى الثانية ودليل هذا كله قوله تعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُم} وقول النبي -صلى الله عليه وسلم-
(إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم).
حرر في 24رجب 1407هـ.
1083 - سئل فضيلة الشيخ: متى تجب الصلاة في الطائرة؟ وعن كيفية الصلاة الفريضة في الطائرة؟ وعن كيفية صلاة النافلة في الطائرة؟
فأجاب فضيلته بقوله: تجب الصلاة إذا دخل وقتها، لكن إذا كان لا يتمكن من أداء الصلاة في الطائرة إذا كان يمكن هبوط الطائرة قبل خروج وقت الصلاة، أو خروج وقت التي بعدها مما يجمع إليها. فمثلاً لو أقلعت الطائرة من جدة قبيل غروب الشمس، وغابت الشمس وهو في الجو فإنه لا يصلي المغرب حتى تهبط الطائرة في المطار، وينزل منها، فإن خاف خروج وقتها نوى جمعها إلى العشاء جمع تأخير وصلاهما إذا نزل، فإن استمرت الطائرة حتى خاف أن يخرج وقت العشاء، وذلك عند منتصف الليل فإنه يصليهما قبل أن يخرج الوقت في الطائرة.
وكيفية صلاة الفريضة في الطائرة أن يقوم مستقبل القبلة فيكبر، ثم يركع، ثم يرفع من الركوع، ثم يسجد فإن لم يتمكن من السجود جالساً، وهكذا يفعل حتى تنتهي الصلاة وهو في ذلك كله مستقبل القبلة.
أما كيفية صلاة النافلة على الطائرة فإنه يصليها قاعداً على مقعده في الطائرة و يومئ بالركوع والسجود، ويجعل السجود أخفض. والله الموفق. حرر في 22 / 4 / 1409 هـ.
1084 - سئل فضيلة الشيخ: في بعض الأحيان أكون مسافراً بالطائرة أو بالسيارة، ثم يدخل وقت الصلاة أثناء الرحلة، وهناك لا أعرف اتجاه القبلة ولا أتمكن من الركوع أو السجود، ولست على وضوء ولا أجد ما أتيمم به، فيؤخر الصلاة عن وقتها وأقضيها متى وجدت الماء وتمكنت من الصلاة فهل فعلى هذا صحيح؟
فأجاب فضيلته بقوله: فعلك هذا ليس بصحيح، فإن الصلاة يجب أن تؤدي وتفعل في وقتها لقوله تعالى: {إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَوْقُوتاً}. وإذا وجب أن تفعل في وقتها فإنه يجب على المرء أن يقوم بما يجب فيها بحسب المستطاع، لقوله تعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُم}. ولقول النبي -صلى الله عليه وسلم-
(صل قائماً، فإن لم تستطع فقاعداً، فإن لم تستطع فعلى جنب).
ولأن الله – عز وجل – أمرنا بإقامة الصلاة حتى في حال الحرب والقتال، ولو كان تأخير الصلاة عن وقتها جائزاً لمن عجز عن القيام بما يجب فيها من شروط، وأركان، وواجبات، ما أوجب الله تعالى الصلاة في حال الحرب.
وعلى هذا يتبين أن ما فعله الأخ السائل من كونه يؤخر الصلاة إلى ما بعد الوقت ثم يصليها قضاء بناء على أنه لا يعرف القبلة، وأنه ليس عنده ماء وأنه لا يتمكن من الركوع والسجود يتبين أن فعله هذا خطأ.
ولكن ماذا يصنع المرء في مثل هذه الحال؟ نقول: يتقي الله ما استطاع، فبالنسبة إلى القبلة يمكنه أن يسأل المضيفين في الطائرة عن اتجاه القبلة، فيتجه حيث وجهوه إليه، وهذا في الصلاة الفريضة. أما النافلة فيصلي حيث كان وجهه كما هو ما معروف.
وبالنسبة للقيام، وللركوع، والسجود نقول له: قم؛ لأن القيام ممكن والطائرة في الجو، ونقول له: اركع؛ لأن الركوع ممكن لا سيما في بعض الطائرات التي يكون ما بين المقاعد فيها واسعاً،
فإن لم يتمكن من الركوع نقول له: تومئ بالركوع وأنت قائم، وفي حال السجود نقول: اسجد، والغالب أن لا يتمكن إن لم يكن في الطائرة مكان معد للصلاة، فإذا لم يتمكن من السجود قلنا له: اجلس بعد أن تقوم من الركوع وتأتي بالواجب اجلس وأومئ بالسجود وأنت جالس، وأما الجلوس بين السجدتين والتشهد فأمرهما واضح، وبهذا تنتهي الصلاة ويكون قد اتقى الله فيها ما استطاع.
وأما ما يتعلق بالوضوء فنقول: إذا لم يكن ماء لديك وليس هناك ماء يمكن أن تتوضأ به أو شيء يتيمم به فإنك تصلي ولو بلا وضوء ولا تيمم؛ لأن ذلك هو منتهى استطاعتك وقدرتك، ولكن لا تؤخر الصلاة عن وقتها إلا إذا كانت الصلاة مما يجمع إلى ما بعده، كما لو كانت الرحلة في وقت الظهر وبإمكانك أن تؤخر الظهر إلى العصر فتجمعهما جمع تأخير في صلاة العصر. فهذا جائز، بل يكون واجباً في هذه الحال.
1085 - سئل فضيلة الشيخ: متى وكيف تكون صلاة المسافر وصومه؟
فأجاب فضيلته بقوله: صلاة المسافر ركعتان من حين أن يخرج من بلده إلى أن يرجع إليه، لقول عائشة – رضي الله عنها - (الصلاة أول ما فرضت ركعتين، فأقرت صلاة السفر، وأتمت صلاة الحضر). وفي رواية (وزيد في صلاة الحضر) وقال أنس ين مالك – رضي الله عنه -
(خرجنا مع النبي -صلى الله عليه وسلم- من المدينة إلى مكة فصلى ركعتين، ركعتين حتى رجعنا إلى المدينة).
لكن إذا صلى مع إمام يتم صلى أربعاً سواء أدرك الصلاة من أولها، أم فاته شيء منها لعموم قول النبي -صلى الله عليه وسلم-
(إذا سمعتم الإقامة فامشوا إلى الصلاة، وعليكم السكينة والوقار، ولا تسرعوا، فما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتموا). فعموم قوله
(ما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتموا) يشمل المسافرين الذين يصلون وراء الإمام الذي يصلي أربعاً وغيرهم. وسئل ابن عباس – رضي الله عنهما – ما بال المسافر يصلي ركعتين إذا انفرد، وأربعاً إذا ائتم بمقيم؟ !فقال: تلك السنة.
ولا تسقط صلاة الجماعة عن المسافر؛ لأن الله تعالى أمر بها في حال القتال فقال: {وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرَائِكُمْ وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ} [النساء: من الآية102]. الآية. وعلى هذا فإذا كان المسافر في بلد غير بلده وجب عليه أن يحضر الجماعة في المسجد إذا سمع النداء إلا أن يكون بعيداً أو يخاف فوت رفقته، لعموم الأدلة الدالة على وجوب صلاة الجماعة على من سمع النداء أو الإقامة.
وأما التطوع بالنوافل: فإن المسافر يصلي جميع النوافل سوى راتبه الظهر، والمغرب، وراتبه الفجر وغير ذلك من النوافل غير الرواتب المستثناة.
أما الجمع: فإن كان سائراً فالأفضل له أن يجمع بين الظهر والعصر، وبين المغرب والعشاء، إما الجمع تقديم، وإما جمع تأخير حسب الأيسر له، وكلما كان فهو أفضل.
وإن كان نازلاً فالأفضل أن لا يجمع، وإن جمع فلا بأس لصحة الأمرين عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.
وأما صوم المسافر في رمضان فالأفضل الصوم أفطر فلا بأس ويقضي عدد الأيام التي أفطرها، إلا أن يكون الفطر أسهل له، فالفطر أفضل؛ لأن الله يحب أن تؤتي رخصه كما يحب أن تؤتى عزائمه، والحمد لله رب العالمين.
كتبه محمد الصالح العثيمين في 5 / 12 / 1409هـ.
1086 - سئل فضيلة الشيخ: من خرج للنزهة هل يجوز له القصر في الصلاة والجمع؟
فأجاب فضيلته بقوله: إذا كان خروجهم يعد سفراً فلهم القصر، لكن بدون جمع، إلا أن يحتاجوا إلى الجمع بحيث يشق عليهم أن يصلوا كل صلاة في وقتها، إما لشدة البرد، أو قلة الماء ونحو ذلك، وأما مع عدم الحاجة فلا يجمعون بل يصلون كل صلاة في وقتها.
فإذا كانت المسافة بين البلد وبين محل النزهة ثلاثة فراسخ – أي تسعة أميال – وصاروا يقيمون إقامة يحملون من أجلها الزاد والمزاد كاليومين والثلاثة فهم مسافرون، يترخصون برخص السفر، لما رواه مسلم عن أنس بن مالك – رضي الله عنه – قال
(كان النبي -صلى الله عليه وسلم- إذا خرج مسيرة ثلاثة أميال، أو ثلاثة فراسخ صلى ركعتين). وقد ذكر فقهاؤنا رحمهم الله: كأنه لا فرق بين أن يكون السفر لعبادة كسفر الحج والعمرة، أو لتجارة، أو لزيارة صديق أو لنزهة؛ لأن النصوص جاءت مطلقة غير مقيدة.
وأما من يخرج يوماً ويرجع في يومه، أو في أول الليل ويرجع في آخره فلا يترخص. حرر في 17 / 7 / 1412هـ.
1087 - سئل فضيلة الشيخ: هل يجوز القصر في السفر بعد الوصول إلى المدينة المراد السفر لها لقضاء حاجة منها ثم الرجوع؟
فأجاب فضيلته بقوله: الإنسان يجوز له أن يقصر الصلاة من حين أن يفارق بلده إلى أن يرجع إليها، هكذا كان -صلى الله عليه وسلم- يفعل،
(وقد أقام -صلى الله عليه وسلم- بمكة تسعة عشر يوماً يقصر الصلاة)، و
(أقام عليه الصلاة والسلام في تبوك عشرين يوماً يقصر)، وأقام عبد الله بن عمر – رضي الله عنهما – (بأذربيجان ستة أشهر يقصر الصلاة، حيث حبسه الثلج).
ولكن إذا كنت في بلد تسمع النداء فيه، فعليك أن تجب النداء، وإذ صليت مع الإمام عليك الإتمام، لعموم قوله -صلى الله عليه وسلم-
(ما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتموا). ولقوله -صلى الله عليه وسلم-
(إنما جعل الإمام ليؤتم به). ولأن ابن عباس – رضي الله عنهما – سئل: عن الرجل إذا كان مسافراً وصلى مع الإمام يصلي أربعاً وإذا كان وحده يقصر؟ قال: تلك هي السنة، فإذا سمعت النداء فأجب وأتم مع الإمام، فلو صليت معه ركعتين وسلم فإن عليك أن تتم الركعتين الباقتين. ولكن لو أنك لم تسمع النداء، أو كنت في مكان ناء عن المساجد، أو فاتتك الجماعة، فإنك تصلي ركعتين مادمت في البلد الذي سافرت إليه بنية الرجوع إلى بلدك، الله الموفق.
1088 - سئل فضيلة الشيخ: نحن من سكان مكة المكرمة ولنا جماعة يبعدون عن مكة مسافة ستين وثلاثمائة كيلو متر، نذهب لزيارتهم فنقصر في الطريق، وإذا وصلنا إليهم فإننا نصلي معهم بدون قصر أو جمع، فهل علينا حرج ف ذلك؟
فأجاب فضيلته بقوله: ليس عليكم في هذا حرج؛ لأن المسافة مسافة بعيدة، وأنتم تقيمون عندهم أياماً، فما دمتم على هذه الحال فإنكم مسافرون، ولكن إذا صليتم معهم فلا بد أن تتموا أربعاً.
1089 - سئل فضيلة الشيخ – وفقه الله تعالى - : عن رجل قدم إلى مكة ليقضي بها العشر الأواخر من رمضان فهل يجوز له الفطر وقصر الصلاة وترك الرواتب؟
فأجاب فضيلته بقوله: الذي قدم إلى مكة ليقضي فيها العشر الأواخر هو في حكم المسافر. فإن النبي -صلى الله عليه وسلم-
(قدم عام الفتح في اليوم التاسع عشر، أو اليوم العشرين وبقي فيها تسعة عشر يوماً)، وفي صحيح البخاري من حديث ابن عباس – رضي الله عنهما –
(أن النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يصم بقية الشهر)، فكان الرسول -صلى الله عليه وسلم- مفطراً في العشر الأواخر من رمضان وهو في مكة.
وأما القصر، فإن كان رجلاً فإن الواجب عليه أن يحضر الجماعة في المساجد، وإذا حضر لزمه الإتمام، لكن لو فاتته الصلاة فإنه يصلي ركعتين، والمرأة إذا صلت في بيتها فإنها تصلي ركعتين، وإن صلت في المسجد وجب عليها أن تصلي أربعاً.
وأما الرواتب، فإنني قد تأملت ما جاءت به السنة في النوافل وتبين لي أن راتبه الظهر، والمغرب، والعشاء لا تصلي، وما عدا ذلك النوافل فإنه يصلي مثل سنة الفجر، وسنة الوتر، وصلاة الليل، وصلاة الضحى، وتحية المسجد حتى النفل المطلق أيضاً.
1090 - سئل فضيلة الشيخ: كيف الجمع والقصر للمسافر بالطائرة؟
فأجاب فضيلته بقوله: القصر للمسافر في الطائرة وغيرهما وكذلك الجمع لكن الأفضل أن لا يجمع إلا إذا كان سائراً غير نازل حرر في 22 / 4 / 1409هـ.
1091 - سئل فضيلة الشيخ: عن رجل دعي لعزيمة خارج بلده فهل يعتبر هذا سفراً يأخذ أحكام السفر من قصر الصلاة وجمعها وغير ذلك من أحكام أو لا؟
فأجاب فضيلته بقوله: إذا دعي الشخص لعزيمة خارج البلد وبلغ مسافة تعتبر سفراً فإنه لوجود حقيقة السفر في حقه، ولكنه لا يقصر حتى يبلغ المسافة التي تعتبر سفراً، أما لو خرج من بلده وهو يعلم أنه إلى مسافة تعتبر سفراً فإنه يقصر من حيث خروجه من بلده؛ لأنه قد تحقق السفر من حيث خرج.
1092 - سئل فضيلة الشيخ: سافرت مع أصدقائي للبر من أجل النزهة، وكانت المسافة أكثر من مائة كيلو، فهل يجوز أن نقصر الصلاة ونجمعها؟
فأجاب فضيلته بقوله: الصلاة آكد الأركان الإسلام بعد الشهادتين، ولا يحل لمسلم أن يتركها حضراً ولا سفراً مادام معه فكره.
وأما بالنسبة لسفرك مع أصدقائك فإنه يجوز لكم القصر والجمع وخاصة إذا كنتم مستمرين بالمسير. أما إذا نزلتم في مكان قررتم البقاء فيه حتى دخول وقت الصلاة الأخرى، فالأولى في حقكم عدم الجمع بل القصر فقط. والله أعلم.
1093 - سئل فضيلة الشيخ – حفظه الله تعالى - : ما السفر المبيح للفطر والقصر؟
فأجاب فضيلته بقوله: السفر المبيح للفطر وقصر الصلاة عند بعض العلماء هو واحد وثمانون كيلو متراً ونصف تقريباً، ومن العلماء من لم يحدد مسافة للسفر بل كان كل ما كان في عرف الناس سفراً فهو سفر، ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان
(إذا سافر ثلاثة فراسخ قصر الصلاة). والسفر المحرم ليس مبيحاً للقصر ولا للفطر؛ لأن سفر المعصية لا تناسبه الرخصة، وبعض أهل العلم يرى أنه مبيح لذلك ولا يفرق بين سفر المعصية وسفر الطاعة لعموم الأدلة والعلم عند الله.
رسالة
بسم الله الرحمن الرحيم
فضيلة الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين يحفظه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
خرجت أنا و مجموعة معي إلى البر في نزهة وذلك يوم الخميس الموافق 29 / 6 / 1418 هـ، وعندما حان وقت صلاة الظهر أذن أحدنا فصلينا، إلا أن الإمام قصر الصلاة، وعند ذلك قمت فأتممت ركعتين لوحدي – أي تممت أربعاً – فحصل جدال بيننا وكلام غير لائق، فطلبت من الإمام أن يكون الكلام بيني وبينه فقط، فسألته: كهل نحن مسافرون؟ وهل خرجنا من أهلنا بنية السفر؟ أجاب بقوله: لا، نحن في نزهة ولكننا مشينا أكثر من ثمانين كيلو متر بالسيارة، قلت له: هذا ليس بحجة شرعية، فنحن أفطرنا في مكان وسوف نتغدى هنا والعشاء في مكان آخر، ولربما تمشي السيارة أكثر من مائتي كيلو متر فلم يقنع الجميع، وحضرت صلاة العصر فكان الوضع مثل صلاة الظهر تماماً، قصراً وأتممت أنا، فقال أحدهم: أنت متزمت، والعلماء أفتوا بذلك، ومنهم الشيخ ابن عثيمين، فطلبت الفتوى فقال: ما عندي فتوى، ولكن كل يقوله، فقلت له: اتق الله لا تتكلم بغير علم، ولا تنقل عن العلماء إلا وأنت متأكد، وغادرنا المكان إلى مكان آخر، وغربت الشمس ونحن بالقرب من جبل ابانات، مع العلم أنه يبعد عن الرس 70 كم تقريباً، فصلينا المغرب، فقام الجميع بنية صلاة العشاء جمعاً وقصراً إلا أنا واثنان صلينا العشاء عندما وصلنا إلى الرس.
آمل من فضيلتكم الإجابة المفصلة الكافية في مثل هذا الأمر، وجزاكم الله خيراً.
فأجاب فضيلته: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
من العلماء من يرى أن مسافة القصر بالمساحة، فمتى بلغ خروجه بضعاً وثمانين كيلو فهو مسافر يحل له القصر والجمع، ومن العلماء من يرى أن المعتبر العرف، فما عده الناس سفراً يستعدون له استعداد السفر ويودع عند خروجه ويستقبل عند قدومه فهو سفر، وما لا فلا.
ومنهم من قال: من أواه الليل إلى أهله فليس بمسافر.
وإذا كانت المسألة خلافية فلا ينبغي أن تكون المخالفة فيها مثاراً للنزاع واللجاج، فإتمامك الصلاة لكونك لا ترى أنكم في سفر لا ينكر عليك، وقصر الإمام صلاته لا ينكر، لكن من أشكل عليه الأمر وجب عليه الإتمام؛ لأنه الأصل.
كتبه محمد الصالح العثيمين في 2 / 8 / 1481هـ.
1094 - سئل فضيلة الشيخ: نحن مجموعة ندعى إلى بعض الولائم في مزرعة تبعد عن موقعنا من خمسين كيلو إلى ستين كيلو متراً ويقرب من المزرعة قرى تبعد 10إلى 15 كم فهل يجوز لنا قصر الصلاة بحجة أنه سفر، أفيدونا جزاكم الله خيراً؟
فأجاب فضيلته بقوله: هذه المسافة لا تعد سفراً، ولا عند الذين يحددون السفر بالمسافة، ولا على ما يظهر لنا من القول بأن مرجع السفر إلى العادة؛ وذلك لأن من يخرج و يرجع في يوم لا يعد مسافراً غرفاً، اللهم إلا أن تبعد المسافة كما لو سافر من الرياض إلى مكة ورجع في يومه، فإن هذا يسمى مسافراً لبعد المسافة.
أما ما ذكره السائل فإنه لا يعد سفراً لا عند المحددين بمسافة ولا عند القائلين إنه يرجع في ذلك إلى العرف.
1095 - سئل فضيلة الشيخ: تكثر الاستراحات القريبة من مدينة الرياض، فهل يجوز لمن يذهب إلى هذه الاستراحات قصر وجمع الصلاة وخصوصاً إن المسافة تتفاوت؟ وما السافة المحددة لجواز قصر الصلاة؟ وهل تحتسب المسافة من منزل من أراد الذهاب إلى تلك الأماكن أو من آخر بنيان في المدينة؟
فأجاب فضيلته بقوله: ليس من السفر؛ لأن الذين يخرجون لهذه المنتزهات لا يعدون أنفسهم من المسافرين، ثم على القول بأن مسافة القصر مقدرة بالكيلوات فإن المعتبر أطراف البلد، فمتى بعدوا عن أطراف البلد مسافة الكيلومترات المعتبرة فإنهم يقصرون. ولو قصرت مدة إقامتهم في هذا المكان.
1096 - سئل فضيلة الشيخ: هل يجوز للمسافر قصر صلاة الظهر وإتمام صلاة العصر كاملة؟ وما هي المدة التي يجوز قصر الصلاة فيها؟
فأجاب فضيلته بقوله: إذا كان مسافراً فإن العلة موجودة في الصلاتين فلماذا يفرق بينهما؟ وعلى كل حال فإنه جائز أن يقصر إحدى الصلاتين ويتم الأخرى، ولكنه بخلاف السنة، فالسنة أن يقصر الصلاتين جميعاً مادام مسافراً.
أما المدة التي ينقطع بها حكم بها حكم السفر فإنها محل خلاف بين أهل العلم، وقد بسط شيخ الإسلام ابن تيميه – رحمه الله – في الفتاوى هذه المسألة بسطاً فليرجع إليه من أراد الوقوف عليه.
1097 - سئل فضيلة الشيخ: أعمل سائق شاحنة ويتطلب ذلك مني سفراً دائماً فهل يجوز لي قصر الصلاة؟
فأجاب فضيلته بقوله: قصر الصلاة متعلق بالسفر فما دام الإنسان مسافراً فإنه يشرع له قصر الصلاة، سواء كان سفره نادراً أم دائماً، إذا كان له وطن يأوي إليه ويعرف أنه وطنه، وعلى هذا فيجوز لسائق الشاحنة أن يترخص برخص السفر من قصر الصلاة، والمسح على الخفين ثلاثة أيام بلياليها والفطر في رمضان وغيرها من رخص السفر.
1098 - سئل فضيلة الشيخ: ما مقدار المسافة التي يقصر المسافر فيها الصلاة؟ وهل يجوز الجمع دون قصر؟
فأجاب فضيلته بقوله: المسافة التي تقصر فيها الصلاة حددها بعض العلماء بنحو ثلاثة وثمانين كيلو متراً، وحددها بعض العلماء بما جرى به العرف، أنه سفر وإن لم يبلغ ثمانين كيلو متراً، وما قال الناس عنه: إنه ليس بسفر، فليس بسفر ولو بلغ مائة كيلو متر.
وهذا الأخير هو اختيار شيخ الإسلام ابن تيميه – رحمه الله – وذلك لأن الله تعالى لم يحدد مسافة معينة لجواز القصر وكذلك النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يحدد مسافة معينة. وقال أنس بن مالك – رضي الله عنه -
(كان النبي -صلى الله عليه وسلم- إذا خرج ثلاثة أميال أو فراسخ قصر الصلاة وصلى ركعتين). وقول شيخ الإسلام ابن تيميه – رحمه الله تعالى – أقرب إلى الصواب.
ولا حرج عند اختلاف العرف فيه أن يأخذ الإنسان بالقول بالتحديد؛ لأنه قال به بعض الأئمة والعلماء المجتهدين، فليس عليهم به بأس إن شاء الله تعالى، أما مادام الأمر منضبطاً فالرجوع إلى العرف هو الصواب. وأما هل يجوز الجمع إذا جاز القصر فنقول: الجمع ليس مرتبطاً بالقصر، الجمع مرتبط بالحاجة؛ فمتى احتاج الإنسان للجمع في حضر في أو سفر فليجمع؛ ولهذا يجمع الناس إذا حصل مطر يشق على الناس من أجله الرجوع إلى المساجد، ويجمع الناس إذا كان هناك ريح باردة شديدة أيام الشتاء يشق على الناس الخروج إلى المساجد من أجلها، ويجمع إذا كان يخشى فوات ماله أو ضرراً فيه، أو ما أشبه ذلك يجمع الإنسان. وفي الصحيح مسلم عن عبد الله بن عباس – رضي الله عنهما – قال
(جمع النبي -صلى الله عليه وسلم- بين الظهر والعصر، وبين المغرب والعشاء من غير خوف ولا مطر).
فقالوا: ما أراد؟ قال: أراد أن لا يحرج أمته؛ أي: لا يلحقها حرج في ترك الجمع. وهذا هو الضابط كلما حصل للإنسان حرج في ترك الجمع جاز له الجمع، وإذا لم يكن عليه حرج فلا يجمع، لكن السفر مظنة الحرج بترك الجمع، وعلى هذا يجوز للمسافر أن يجمع أن جاداً في السفر أو مقيماً؛ إلا أنه إن كان جاداً ا في السفر فالجمع أفضل، وإن كان مقيماً فترك الجمع أفضل. ويستثنى من ذلك ما إذا كان الإنسان مقيماً في بلد تقام فيه الجماعة فإن الواجب عليه حضور الجماعة، وحينئذ لا يجمع ولا يقصر، لكن لو فاتته الجماعة فإنه يقصر بدون جمع؛ إلا إذا احتاج إلى الجمع.
1099 - سئل فضيلة الشيخ: عن طلاب يذهبون للدراسة في بلد تبعد عن بلدهم المقيمين فيه ما يقرب من تسعين كيلو متراً، مع العلم بأنهم يذهبون ويرجعون في نفس اليوم، فهل لهم قصر الصلاة؟
فأجاب فضيلته بقوله: أرى أن لا يقصروا الصلاة؛ لأن هذا لا يعد سفراً، إذ أنهم يفطرون في بيوتهم، ويتغدون في بيوتهم، ويرى بعض العلماء الذين يقدرون السفر بالمسافة فيقولون: مسافة القصر حوالي واحد ثمانين كيلو، أو ثلاث وثمانين كيلو، أن يقصروا؛ لأنهم مسافرين على قولهم، لكني لا أرى أن يفعلوا، وأن عليهم أن يتموا الصلاة، والمسألة سهلة وهي زيارة ركعتين، فلا تضر ولا يحصل بها تعب.
1100 - سئل فضيلة الشيخ: إذا كنت على سفر فأدركت الإمام في الركعة الثالثة وصليت معه ركعتين فهل إذا سلم الإمام أسلم لأنني قاصرٌ للصلاة؟
فأجاب فضيلته بقوله: إذا كان الإنسان مسافراً وأدرك الإمام من أول الصلاة وجب عليه أن تتم مع الإمام، وكذلك إذا أدرك الإمام في أثناء الصلاة وجب عليه أن يقضي ما فاته مع الإمام، فإذا جاء ودخل مع الإمام في الركعة الثالثة من الرباعية وجب عليه أن يصلي مع الإمام ركعتين، وإذا سلم الإمام أتم صلاته بركعتين أيضاً، وذلك لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-
(إنما جعل الإمام ليؤتم به). ولقوله -صلى الله عليه وسلم-
(ما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتموا) فقوله -صلى الله عليه وسلم-
(ما فاتكم فأتموا) عام للمسافرين وغير مسافرين وكذلك جاء ابن عباس – رضي الله عنهما – أن هذا هو السنة.
1101 - سئل فضيلة الشيخ: إذا كنت مسافرا إلى مكة ثم وقفت بمدينة من المدن وقد أذن العصر ثم دخلت إلى المسجد فوجدت الإمام الراتب قد صلي ركعتين أثنين فدخلت معه وصليت الركعتين الباقيتين معه فهل أسلم معه على اعتبار أنني مسافر وللمسافر قصر الرباعية أو آتي بركعتين أخريين لأتم أربعاً على اعتبار قولهم (وإن ائتم بمن يلزمه الإتمام به أتم)؟
فأجاب فضيلته بقوله: قال أصحابنا (وإن ائتم بمن يتم أتم) وعلى هذا فمتى ائتم المسافر بإمام مقيم لزمه إتمام الصلاة، سواء أكان مسبوقاً أم غير مسبوق، ولا فرق في ذلك بين الظهر، والعصر والعشاء، ونحن نرى هذا القول حقاً بدليل عموم النبي -صلى الله عليه وسلم-
(فما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا). ولأن المأموم صلاته مرتبطة بصلاة إمامه ومأمور بالاقتداء به وهذا منه. والله أعلم.
1102 - سئل فضيلة الشيخ: هل يجوز للمقيم أن يصلي خلف المسافر وهو يقصر ثم يتم بعد الصلاة؟
فأجاب فضيلته بقوله: نعم يجوز للمسافر أن يكون إماماً للمقيمين، وإذا سلم يقوم المقيمون فيتمون الصلاة بعده، ولكن ينبغي للمسافر الذي أم المقيمين أن يخبرهم قبل أن يصلي فيقول لهم إنا مسافرون فإذا سلمنا فأتموا صلاتكم؛ لأن النبي صلى بمكة عام الفتح وقال
(أتموا يأهل مكة فإنا قوم سفر). فكان يصلي بهم ركعتين وهم يتمون بعده.
1103 - سئل فضيلة الشيخ: كنت مسافراً ودخلت مسجداً على الطريق وكان الوقت عصراً فصليت وحدي خلف الصفوف وقصرت الصلاة، فهل تصح صلاتي أم أن الواجب علي الدخول مع الإمام حتى إذا قام من التشهد الأول جلست وسلمت من الصلاة؟ أفيدوني جزاكم الله خيراً.
فأجاب فضيلته بقوله: إذا دخل المسجد ووجد الناس يصلون فإن الواجب عليه أن يصلي معهم إذا كان لم يؤد تلك الفريضة، وإذا كان مسافراً والإمام متم فإن الواجب عليه أن يتم الصلاة سواء أدركها من أولها في أثنائها لعموم قول النبي -صلى الله عليه وسلم-
(ما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتموا).
ولأن ابن عباس – رضي الله عنهما – سئل: عن الرجل المسافر إذا صلى وحده صلى ركعتين، وإذا صلى مع الإمام صلى أربعاً؟ فقال – رضي الله عنه -صلى الله عليه وسلم- (تلك هي السنة). نعم لو دخل ووجد الناس في التشهد الأخير فإنه في هذه الحال لا يلزمه الدخول معهم؛ لأن الصلاة قد فاتته لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-
(من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة). وهذا لم يدرك ركعة فتكون الصلاة فاتته.