«الشيخ عبد الله»!

كانت الساعة تقترب من الثالثة صباحا حينما أصدر الهاتف رنة واحدة بدت كمواء قطة جائعة لاذ بعدها بالصمت.. كان الرقم دوليا، ولكني لم أتعرف على مصدره، وأبى الفضول إلا أن أتصل بذلك الرقم:

ـ آلو..

ـ معك الشيخ عبد الله من ...... بأفريقيا.

ـ مرحبا يا شيخ عبد الله ماذا تريد؟

ـ كنت أصلي صلاة القيام فتراءى لي اسمك ورقم هاتفك.

ـ وماذا بعد يا شيخ عبد الله؟

ـ أنت مسحور يا ولدي..

ـ على إيش يا حسرة!!

ـ هناك من يحسدك ويحقد عليك.

ـ مسكين.. نظر إلى القبة فظنها مزار.

ـ أتقصد أنك فقير؟

ـ وعلى الحديدة يا شيخنا، فابعث بما تجود به نفسك.

وبصق «الشيخ» عبد الله في أذني، فذلك ما جادت به نفسه علي، قبل أن يغلق الهاتف!!

هي ليست المرة الأولى التي أتعرض فيها لمحاولة النصب هاتفيا من قبل «الشيخ» عبد الله وأمثاله، فلقد غدا المجتمع بأكمله مستهدفا من قبل مافيا الدجالين والمشعوذين والمحتالين، الذين يمارسون نشاطهم عن قرب وعن بعد، فهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في الرياض وحدها تمكنت ـ خلال العام الماضي ـ من القبض على أكثر من 100 ساحر ومشعوذ، ولو أضفنا إلى ذلك الرقم أعداد المقبوض عليهم من السحرة في المحافظات والمناطق الأخرى لأدركنا حجم الاستهداف لمجتمعنا من قبل تلك المافيا، ولوقفنا أيضا على مدى أزمة الوعي التي تعيشها شريحة من المجتمع، فانتشار هؤلاء المشعوذين يعكس حالات الجهل، وتدني الوعي، وغلبة السذاجة على الأفراد الذين يتعاملون معهم، ويستعينون بهم ـ توهما ـ لقضاء حاجياتهم.. وما كنت أتمناه حقا ألا يقتصر القبض على السحرة والمشعوذين وحدهم بل ينبغي أن يشمل القبض أيضا أولئك الذين يقصدونهم، فهم ليسوا ضحايا بل شركاء في الذنب والخطأ والمخالفة، وهم ـ وحدهم ـ يشكلون الجدار الواهن الذي تعبره جحافل السحرة والعرافين والمشعوذين إلى بنية المجتمع.. حماكم الله من كل مكروه.