حقيقة علاقة الدولة السعودية الأولى بإيران، لم تكن علاقة حسنة، للخلاف المذهبي بينهما ولتكفيرهم الشيخ محمد بن عبدالوهاب وأتباعه. وقد ازدادت هذه العلاقة سوءاً، بعد غزو الدولة السعودية الأولى مناطق جنوبي العراق وهدم المزارات الشيعية، في كربلاء والنجف، عام 1216 هـ/1801م.
وبعد هذا الغزو، تحرك الشعور الإيراني تجاه الدولة السعودية، وقرر شاه العجم، أن يتدخل، وأبدى استعداده لغزو السعوديين. وأخبر بذلك الوالي العثماني في العراق، بل هدد بغزو العراق، إذا لم تستجب الدولة العثمانية مطلبه، وهو الانتقام من الدولة السعودية، من طريق إرسال حملة عسكرية عثمانية قوية، من العراق، ضد السعوديين.
وفعلا يا أخ بوصلة : ساعد شاه إيران حاكم مسقط، عام 1217 هـ/1802م، ضد آل خليفة في البحرين، الذين كان يدعمهم آل سعود لاسترداد البحرين. واستمرت إيران في تقديم المساعدات العسكرية إلى حاكم مسقط، وتمكنت قوات مسقط من هزيمة آل خليفة وحلفائهم السعوديين.
وعندما بدأت القوات السعودية تغزو عُمان وتهدد سلطان مسقط، أسرعت الحكومة الفارسية في تقديم المساعدات لسلطان مسقط للوقوف في وجه السعوديين. وساءت العلاقة بين الدولة السعودية وبين دولة الفرس، عام 1225هـ/1810م، حينما استعان آل خليفة بالفرس وحكام مسقط، على استرداد البحرين من القوات السعودية. واليوم يستجيرون بنا لدفع الفرس بعد ما خانونا وأستعانوا بهم في الماضي لقطع أقدامنا من الجزيرة نهائيا !!
ويلاحظ أن الخلاف القائم بين السعودية ودولة العمائم ، كان قد استغله حكام مسقط، وغيرهم في مناطق الخليج العربي، في إقامة نوع من الوفاق بينهم وبين دولة الفرس. وقد عبرت البعثة الدبلوماسية، التي أرسلها السيد سعيد بن سلطان، برئاسة السيد سالم، إلى بلاط الشاه، عام 1226 هـ/1811م، عن هذا الوفاق؛ إذ كان هدفها إقامة معاهدة تحالف، بين مسقط وبين فارس. وقد نجحت هذه البعثة في تحقيق هدفها. وكان من ثمار ذلك، أن ساعدت فارس حكومة مسقط، بقوات عسكرية، بقيادة صادي خان، فحاربت إلى جانب قواتها ضد السعوديين، في عمان، واستردت حصون سمايل ونخل.
لذلك غلب شاه إيران السرور من نجاح والي مصر، محمد علي باشا، في القضاء على الدولة السعودية الأولى، فأرسل إليه هذه الرسالة، يهنئه فيها بجهوده وذكر فيها كلامه العنصري الذي أقتبسته :
"فاطلعت على ما صنعت في قتال العرب، وصبرت في احتمال التعب. واجتهدت في تجهيز الكتائب، وتشمير القواضب، حتى وطئت أرجاء التهامة، بأقدام الشهامة. وخلصت أرض النجد. بالعز والمجد، وفتحت باب الأمنية، بفتح الدرعية. وبالغت في دفع البدع، ونفي الدين المخترع ... إلى آخر الرسالة".
|