حرب الأرز العالمية

يروى عن سلفادور دالي أنه من أكبر عشاق «الكستليتة»، ولذا رسم قطعا منها على ذراعي زوجته، مبررا فعله بأنه يحب زوجته كما يحب «الكستليتة»، وبالتالي آثر أن يجمعهما معا.. وأنا أحب الأرز ـ بكل أنواعه وفصائله وطرق طبخه ـ وأحب الكتابة أيضا، ولذا قررت أن أجمع بين الأرز والكتابة، فأكتب لكم اليوم عن حرب الأرز، وكيف يمكن أن نذهب نحن عشاقه ضحايا تلك الحرب لو ازداد ضرامها، فمشكلة الأرز أن الناس في المناطق التي تزرعه مغرمون بأكله، حتى أن الآسيويين وحدهم يأكلون 90% من إنتاجه. فبينما يستهلك السعودي ـ حسب موقع عالم الأرز الإلكتروني ـ ما بين 40 إلى 45 كجم من الأرز سنويا، والأوروبي 3 كجم، والأميركي من 8 إلى 10 كجم، يلتهم الآسيوي في الدول المنتجة للأرز من 200 إلى 300 كجم سنويا، لا بل إن اليابان كانت حتى قبل ظهور منظمة التجارة تحرم قوانينها تصدير الأرز على اعتبار أن الياباني أولى بأكل أرزه.

وقوانين منظمة التجارة العالمية تشعل اليوم ما أطلق عليه حرب الأرز العالمية، فالدول التي تزرع الأرز كأميركا تخشى أن يكتمل الغزو الإلكتروني الياباني لأسواقها بغزو آخر، هو غزو الأرز الياباني القصير لمنافسة أرزها المحلي الطويل ـ غير الهبيل ـ أو المتوسط، فعمدت إلى إجراء تعديلات على خريطتها الزراعية لإنتاج هذا النوع، وصد الهجمات اليابانية، وبحسب «عالم الأرز» فإن المزارعين الأميركيين قد استعدوا لهذه الحرب جيدا، ولكن لست أدري ماذا فعلت الدول الأخرى المنتجة للأرز كالصين والهند وباكستان وتايلاند وبورما والفلبين ومصر والعراق لحماية أرزها.

ويبدو أن تبعات حرب الأرز العالمية قد بدأت توابعها تصل إلى أسواقنا السعودية، التي تتداول مليون طن من الأرز سنويا، فوزارة التجارة تبشرنا في تقريرها ربع السنوي بارتفاع أسعار الأرز في الأسواق بنوعيها الأميركي والهندي، نتيجة ارتفاع كلفة الاستيراد، وبدأ كبار المستوردين المحليين يكشرون عن أنيابهم، وهم يدركون بالخبرة طغيان إدمان الأرز على مستهلكيه، حتى أن أحدهم صرح للصحافة بأن أسعار الأرز سترتفع من دون النظر إلى المخزون أو تاريخ المحصول، أو الفترة التي تم فيها استيراده، وأن الأسعار الجديدة ستطبق على الأرز المعروض من دون تمييز!.. ولا تعليق على كلام ذلك التاجر سوى أن نقول: خلا لكم الجو فبيضوا واصفروا..

ولا عزاء لنا نحن مدمني الأرز الذين نشكل نصف سكان العالم.