عرض مشاركة واحدة
قديم 09/11/2007, 03:57 AM   #2
المؤسس والمشـــرف العــــام


الصورة الرمزية صقر الجنوب
صقر الجنوب ٌهé÷àٌ يà ôîًَىه

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 2
 تاريخ التسجيل :  Aug 2004
 أخر زيارة : يوم أمس (03:55 AM)
 المشاركات : 64,164 [ + ]
 التقييم :  16605
 الدولهـ
Saudi Arabia
 الجنس ~
Male
 MMS ~
MMS ~
 SMS ~
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
لوني المفضل : Maroon
افتراضي



الثاني: الاستدلال بفتوى لأحد فقهاء الأحناف (الحسن بن زياد) بأنه أفتى بجواز ‏ضرب المتهم"أنه يحل ضرب السارق حتى يقر وقال: ما لم يقطع اللحم أو يظهر ‏العظم" ‏

مناقشة أدلة القائلين بضرب المتهم:‏
أما بالنسبة لحديث ابن عمر في قصة أرض خيبر وكنز حيي بن أخطب ملاحظاتنا ‏عليه تتلخص في الآتي:‏
‏(1): نلاحظ أن مدار الحديث على محمد بن إسحاق المتوفى في 151هـ الذي انفرد ‏بفقرة: بتعذيب الزبير لـ (سعية) عم حيي ليدله على الكنز المخبأ في وعاء من الجلد ‏ثم ذكره البيهقي في كتاب السير في سننه. لكن قصة تعذيب الزبير لعم حيي لم ترد ‏في رواية أبي داود. مما يجعلنا لا نطمئن إلى رواية ابن إسحاق وخاصة أنها لم ترد ‏في كتب الصحاح أو السنن إلا سنن البيهقي وخاصة تلك الزيادة التي ذكرها ابن ‏إسحاق عن تعذيب الزبير لعم حيي بن أخطب. ‏
‏(2) على افتراض صحة الحديث بزيادته الواردة عن تعذيب ابن الزبير لعم حيي بن ‏أخطب فإن هذا ليس مسوغاً لتعميمه على كل الحالات إذ أن الأمر بضرب المتهم في ‏حالة حرب وبعد نقض العهد، وكان بأمر ولي الأمر وهو رسول الله صلى الله عليه ‏وسلم، ولم يكن بتصرف فردي للزبير بن العوام كما يحدث الآن من انتهاكات رجال ‏الشرطة وممارساتهم التعذيب بصفة دورية قبل أن يعرض المتهم على القاضي ‏المختص. فالحالات التي ذكرها ابن القيم ومن يرى رأيه في ضرب المتهم أن يكون ‏ذلك في حضرة القاضي وبأمره بعد وجود دلائل كافية يقتنع بها القاضي أن المتهم ‏من أرباب السوابق في اقتراف مثل هذه الجرائم كالقتل العمد، أو ما يطلق عليه في ‏بعض البلاد بالقاتل المأجور أو القاتل المرتزق.‏
‏(3) أما الاستدلال بفتوى الحسن بن زياد صاحب أبي حنيفة فقد أكد السرخسي أنه ‏قد ندم على فتواه بقوله: "روي عن الحسن بن زياد رضي الله عنه أن بعض ‏الأمراء بعث إليه وسأله عن ضرب السارق ليقر فقال: ما لم يقطع اللحم أو يبين ‏العظم، ثم ندم على مقالته وجاء بنفسه إلى مجلس الأمير ليمنعه من ذلك فوجده قد ‏ضربه حتى اعترف وجاء بالمال، فلما رأى المال موضوعاً بين يدي الأمير قال: ما ‏رأيت ظلماً أشبه بالحق من هذا" ويعلق السرخسي وهو من أئمة الحنفية على هذه ‏الحالة بقوله: "فإن خلى سبيله بعد ما أقر مكرهاً، ثم أخذ بعد ذلك فجئ به فأقر بما ‏كان عليه بغير إكراه مستقل أخذ بذلك كله، لأن إقراره الأول كان باطلاً، ولما خلى ‏سبيله فقد انتهى حكم ذلك الأخذ والتهديد، فصار كأن لم يوجد أصلاً حتى أخذ الآن ‏فأقر بغير إكراه وإن كان لم يخل سبيله، ولكنه قال له وهو في يده بعد ما أقر: إني ‏لا أؤاخذك بإقرارك الذي أقررت به ولا أضربك ولا أحبسك ولا أعرض لك، فإن ‏شئت فأقر، وإن شئت فلا تقر، وهو في يد القاضي على حاله، لم يجز هذا الإقرار ‏لأن كينونته في يده حبس منه له، وإنما كان هدده بالحبس فما دام حابساً له كان ‏أثر ذلك الإكراه باقياً" ‏
‏(4): القاضي سحنون أمر بضرب القاضي ابن أبي الجواد بتهمة خيانة الأمانة:‏
ذكر بعض علماء المالكية مسألة ضرب المتهم حتى لو كان قاضياً واستشهدوا على ‏ذلك بقضية القاضي سحنون وهو من كبار علماء المالكية مع القاضي ابن أبي ‏الجواد حيث ذكر صاحب المعيار المعرب: "يسجن القاضي ويضرب إذا عرف ‏بالشر والسرقة: وعن أصبغ فيمن كان معروفاً بالشر والسرقة يسجن أبداً وهو ‏الصواب. وكان سحنون يضرب ابن أبي الجواد القاضي ويعيده في السجن، وكان ‏عنده أموال اليتامى" ‏
وأصل القصة كما ذكرها الونشريسي عن ابن أبي الجواد: "أنه كان قاضياً ‏بالقيروان ثم عزل ورجع سحنون في موضعه ونظر في ديوان الودائع فوجد فيه ‏مالاً لورثة رجل يقال له ابن (القلفاط) فأحضر وكشف عن ذلك فأنكر وجحد الخط، ‏فشهد عليه في وجهه سليمان بن عمران وابن قادم الفقيهان بأنه خطه وكانا يكتبان ‏له، فتمادى على الإنكار فتلوم له سحنون وأعذر إليه، وأرسل من يشير عليه ‏بإنصاف القوم فلجّ في الإنكار وتمادى عليه، فحبسه أياماً فلم يرجع إلى الحق، ‏فأخرجه وضربه عشرة وردّ إلى السجن، فأتت زوجته بنت أسد بن الفرات والتزمت ‏الدفع عنه، فقال لها سحنون إن قال زوجك: هذا مال الميت أو بدله قبضته فأطلقته ‏لك فأحضر فامتنع من قول ذلك وكان سحنون يخرجه في كل يوم جمعة وإذا امتنع ‏من الأداء ضربه عشرة أسواط حتى ضربه مراراً كثيرة ثم مرض ومات في السجن ‏من مرضه ذلك. وقضيته مشهورة كما حكاها ابن الرقيق بزيادات. وعن أبي عمران ‏إنما ضربه سحنون لأنه اتهمه كما يضرب السارق حتى يخرج أعيان تلك السلع، ‏وروي أن سحنون كان يقول بعد موته: مالي ولابن الجواد: كأنه تحرج من موته ‏خوفاً" ‏

تعليقنا على القضية المذكورة:‏
أولاً: من حيث مصدر قصة ضرب سحنون لابن أبي الجواد: لقد شكك بعض العلماء ‏في هذه الرواية حيث ذكر الونشريسي نفسه:"وأجاب بعضهم وأظنه الشيخ ابن ‏عبد السلام، بأن هذا إنما هو من حكاية ابن الرقيق المؤرخ، وهو ليس بثقة لأنه ‏كان شارب خمر متخلفاً فلا يقبل خبره. والحكاية وإن ذكرها بعض مؤرخي الأندلس ‏فلعله نقلها من ابن الرقيق" ‏
ثانياً: على افتراض صحة هذه الرواية عن سحنون فإنها توافق مذهب من يجيز ‏ضرب المتهمين أرباب السوابق، وكانوا معروفين بالشر أو من المسجلين خطر ‏حسب المصطلح الحديث. وقد يكون القاضي ابن أبي الجواد مشهوراً بالفساد أو أكل ‏أموال اليتامى أو الرشوة لذا أمر سحنون بضربه. بالإضافة إلى أن الذي يقوم أو ‏يأمر بالضرب هو القاضي وليس ضابط الشرطة أو أي جهة أخرى سرية أو علنية.‏
ثالثا: على افتراض صحة هذه الرواية أيضاً فإنها ليست مبرراً شرعياً لاستعمال كل ‏هذه القسوة حيث تصور لنا الرواية أن القاضي سحنون كان شخصاً متعنتاً قاسي ‏القلب لدرجة أنه لم يقبل المال الذي عرضته زوجة ابن أبي الجواد لتخليص زوجها ‏إلا بأن يقر بأن هذا مال الميت الذي كان في أمانته أو بدلاً منه!! فرواية القصة ‏بهذه الطريقة توحي أن هناك أسباباً شخصية أو سياسية وراء هذا التعنت من قبل ‏القاضي سحنون قبل القاضي الحبيس ابن أبي الجواد!!‏
رابعاً: أشار الونشريسي إلى ندم ابن أبي الجواد وأنه كان يقول بعد موته : مالي ‏ولابن الجواد. ويقول الآبي في تعليقه على هذه القضية: "كان سحنون أيام قضائه ‏سجن ابن أبي الجواد في دين ترتب عليه وضربه بالسياط مدة بعد مدة واتفق أن ‏مات ابن أبي الجواد من ضربه فكان سحنون إذا نام رأى في منامه ابن أبي الجواد ‏بما يسوؤه، فإذا استيقظ يقول ما لي ولا أبي الجواد. فظاهر هذا أن سحنون ناله ‏بسبب تعذيبه مع أنه إنما عذبه بحق، ولذا كان يقول له: (الحق قتله).‏
ونحن بدورنا لا نقبل هذا التبرير على افتراض صحة الرواية فالثابت أن سحنون ‏عذب ابن أبي الجواد وأذله وتعنت معه فلذا فإنه يتحمل وزر ذلك.‏
خامساً: ما فعله القاضي سحنون يخالف ما جاء في المدونة: (من أقر بعد التهديد ‏أقيل. قال ابن القاسم فالوعيد والقيد والتهديد والسجن والضرب تهديد عندي كله ‏وأرى أن يقال، ثم لا يقام الحد على من ضرب وهدد فأخرج القتيل أو أخرج المتاع ‏الذي سرق إلا أنه يقر بذلك آمناً لا يخاف شيئاً) معنى ذلك أنه على افتراض صحة ‏ضرب سحنون لابن أبي الجواد فإنه لو أقر بعد التهديد والسجن والضرب لكان ‏إقراره باطلاً حتى لو أخرج المال الذي اتهمه فيه القاضي سحنون.‏
بناء على الأسباب التي ذكرناها سابقاً لا نرى صحة رواية ضرب القاضي سحنون ‏وتعذيبه للقاضي ابن أبي الجواد.‏
وممن قال بجواز ضرب المتهم من فقهاء القانون المعاصرين يوسف علي ‏محمود:"والذي نراه أنه يجوز ضرب المتهم إذا كان معروفاً بالفساد، فإذا أقر، فإنه ‏يراجع حتى يقر ثانياً دون ضرب، فإذا أقر، فإنه يؤخذ بالحق الذي أقر به" ‏

الرأي المختار:‏
في مقام الموازنة بين الآراء السابقة نميل إلى تأييد الرأي القائل بعدم ضرب المتهم ‏وإن كان معروفاً بالفساد أو ما يطلق عليه أمنيا المسجل الخطر.. للأسباب التالية:‏
أولاً: لثبوت حديث: كُرَيْبٍ "حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ مَرَّ هِشَامُ بْنُ ‏حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ عَلَى أُنَاسٍ مِنَ الأَنْبَاطِ بِالشَّامِ قَدْ أُقِيمُوا فِى الشَّمْسِ فَقَالَ مَا شَأْنُهُمْ ‏قَالُوا حُبِسُوا فِى الْجِزْيَةِ. فَقَالَ هِشَامٌ أَشْهَدُ لَسَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه ‏وسلم- يَقُولُ « إِنَّ اللَّهَ يُعَذِّبُ الَّذِينَ يُعَذِّبُونَ النَّاسَ فِى الدُّنْيَا" ‏
فهذا الحديث صريح في نهي وزجر الرسول صلى الله عليه وسلم عن تعذيب الناس ‏سواء كانوا برءاء أو متهمين فكلمة (الناس) عامة تشمل كل الناس بدليل أن ‏الصحابي هشام بن حكيم استنكر أن يعاقب الوالي هؤلاء الفلاحين من أهل الكتاب ‏في الشمس لإجبارهم على دفع الجزية.. ولم يسأل هشام بن حكيم هل هم من أرباب ‏السوابق أو من المماطلين في دفع الجزية؟! فبمجرد أن رآهم سأل عن شأنهم ‏واستنكر أن يحبسوا هكذا في الشمس واعتبر أن ذلك تنوعاً من التعذيب غير الجائز ‏شرعا فقال على الفور بصيغة الجزم أشهد أني لسمعت رسول الله يقول إن الله ‏يعذب الذين يعذبون الناس في الدنيا.‏
ثانياً: الاستشهاد بحديث عبد الله بن عمر الذي ذكر فيه قصة أمر الرسول للزبير ‏بتعذيب عم حيي بن أخطب تبين لنا أن مصدر الرواية محمد بن إسحاق ولم يذكر ‏هذه الرواية إلا البيهقي في سننه، مما يستبين لنا أن هذه الرواية لا تستقيم لصريح ‏نهي الرسول عن تعذيب الناس حتى ولو في تهمة ولم يثبت أنه عذب أو ضرب ‏أحداً ليقر أمامه في تهمة. وعلى افتراض صحة رواية عبد الله بن عمر التي تفرد ‏بها البيهقي عن ابن إسحاق فإن هذا الأمر قيل في زمن حرب وهو استثناء لا يجوز ‏أن يتخذ قاعدة في ضرب أي متهم وإن كان من أرباب السوابق.‏
ثالثا: أما الاستدلال بفتوى الحسن بن زياد فقد ذكرنا أن السرخسي قال إن الحسن ‏بن زياد قد ندم ومن ثم فلا حجة لمن يتمسك بهذه الفتوى في جواز ضرب المتهم ‏إذا كان معروفاً بالفساد.‏
ومن ثم فإننا نميل إلى عدم ضرب المتهم حتى وإن كان من أرباب السوابق فرغم ‏أن هناك صنفاً من المتهمين من ذوي السوابق والمسجلين خطر على الأمن إلا أنهم ‏المشجب الأسهل لدى أجهزة الأمن لتعليق أي تهمة ونسبتها إليهم.وكما يقول ‏بيكاريا:"أما التعذيب فيجب عدم الالتجاء إليه إطلاقاً، فالمذنب الذي تعود على الألم ‏قد يحتمله في تجلد وتفترض براءته، في حين يكره الألم بريئاً مرهف الأعصاب ‏على الاعتراف بأي شئ فيحكم بأنه مذنب" كما أن التعويل على إقرار المتهم ‏المكره قد يسول لبعض ضعاف النفوس من رجال الشرطة والمخابرات أن يلجأوا ‏إلى وسائل لتعذيب المتهم حتى يقر بالمعلومات التي يريدها ضابط الأمن. لذلك فإن ‏إعمال مبدأ سد الذرائع ضروري في إبطال أي إقرار يصدر عن المتهم نتيجة الإكراه ‏لأن الغاية لا تبرر الوسيلة ولا يبنى صحيح على باطل.‏


‏• خداع المتهم:‏
قلنا ـ حسب الرأي الذي رجحناه ـ إنه لا يجوز ضرب المتهم أو تعذيبه حتى يقر، ‏وإن إقراره لا يعتد به ولا يعول عليه. لكن هل ينطبق هذا الحكم على الاحتيال على ‏المتهم وخداعه ليقر بما هو منسوب إليه؟
هناك رأيان في الفقه الجنائي الإسلامي:‏
الرأي الأول: يجيز التحايل على المتهم:‏
يرى جواز التحايل على المتهم ليقر بالحق ويعترف به دون ضرب أو تعذيب له بأي ‏نوع من أنواع التعذيب، وإلى هذا ذهب ابن حزم الظاهري واستدل على ذلك:‏
‏(1): "بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم خلف اليهودي الذي ادعت الجارية ‏التي رض رأسها ـ فسيق إليه فلم يزل به ـ عليه السلام ـ حتى اعترف فأقاد منه" ‏
‏(2): وفي حسن الحيلة" فعل علي بن أبي طالب إذ فرق بين المدعى عليهم بالقتل ‏وأسر إلى أحدهم، ثم رفع صوته بالتكبير فوهم الآخر أنه قد أقر، ثم دعى الآخر ‏فسأله فأقر، حتى أقروا كلهم: فهذا حسن، لأنه لا إكراه فيه، ولا ضرب" ‏
__________________

المستشار القانوني / إبراهيم خليل
موبيل 0123732968 / 0105225061
مكتب 23952217


 
 توقيع : صقر الجنوب

مواضيع : صقر الجنوب



رد مع اقتباس