09/11/2007, 03:59 AM
|
#3
|
المؤسس والمشـــرف العــــام
بيانات اضافيه [
+
]
|
رقم العضوية : 2
|
تاريخ التسجيل : Aug 2004
|
أخر زيارة : 10/07/2025 (05:27 AM)
|
المشاركات :
64,171 [
+
] |
التقييم : 16605
|
الدولهـ
|
الجنس ~
|
MMS ~
|
SMS ~
|
|
لوني المفضل : Maroon
|
|
الرأي الثاني: (لا يجيز التحايل على المتهم):
لا يجيز التحايل على المتهم أو غشه أو خداعه ليقر يقول السرخسي في قول القاضي للمتهم: "لا أحبسك.. نوع غرور وخداع منه" وجاء في الزرقاني من المالكية: "وكره مالك أن يقول السلطان للمتهم أخبرني ولك الأمان لأنه خديعة"
الرأي المختار:
لقد رجح أحد القانونيين المعاصرين رأي مالك بقوله: "يبدو لنا أن رأي مالك هو الأرجح إذ ليس من الصواب القول أن التجاء المحقق إلى الغش والخديعة عملاً مشروعاً، وذلك لأنه إذا كان الإكراه يبطل الإقرار لأنه يفسد أو يعدم إرادة المقر، فإن هذه العلة قائمة أيضاً في حالة الاحتيال. ولذا ينبغي إبطال الإقرار الذي يتم عن طريق هذه الوسيلة وعدم الاعتداد بها"
لكننا نرى بعد المقارنة بين الرأيين السابقين صواب من قال بجواز الاحتيال على المتهم ليقر طالما لم يضرب المتهم أو يعذب أو يهدد في نفسه أو أهله أو ماله.. وذلك للأدلة التي ذكرها أصحاب الرأي الأول.. أما عن ما ذكره السرخسي عن قول القاضي للمتهم : (لا أحبسك.. نوع غرور وخداع).. وما قيل عن مالك إنه كره أن يقول السلطان للمتهم أخبرني ولك الأمان لأنه خديعة.. أجاب عنه ابن حزم بقول: "وقد كره هذا مالك، ولا وجه لكراهيته، لأنه ليس فيه عمل محظور، وهو فعل صاحب لا يعرف له من الصحابة مخالف ينكر ذلك"
أقول: يقصد ابن حزم أن فعل علي بن أبي طالب رضي الله عنه في تفريق المدعى عليهم وخداعهم ليس عملاً محظوراً، كما أنه صحابي لا يعرف له مخالف من الصحابة ينكر عليه فعله هذا مع المتهمين فهو إجماع سكوتي. كما أن ابن حزم يرى أن خداع المتهم ليس إكراها إذ يقول: "كل ما كان ضرراً في جسم، أو مال، أو توعد به في ابنه، أو أبيه، أو أهله، أو أخيه المسلم، فهو كره، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه"
إذن ابن حزم لا يرى أن خداع المتهم والتحايل عليه ليقر إكراهاً إذ أنه يرى أن كل ما كان ضرراً في جسم أو مال أو توعد في ابنه، أو أبيه، أو أهله، أو أخيه المسلم فهو إكراه أي أنه يتوسع في كلمة الأخوة فلم يقصرها على أخوة النسب بل يتعداها إلى أخوة الدين.. لذلك استشهد بالحديث النبوي المذكور.. فتحايل القاضي على المتهم ليقر ليس ظلماً ولا خذلاناً كما أنه ليس إكراهاً. وهذا ما نرجحه وخاصة أن عدم استخدام هذا الأسلوب مع المتهم قد يضيع حقوق المجني عليه وولي دمه في القصاص من الجاني.
وهناك رواية تعضد رأينا؛ ذكرها مسلم في صحيحه: " عَنْ أَبِى الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « بَيْنَمَا امْرَأَتَانِ مَعَهُمَا ابْنَاهُمَا جَاءَ الذِّئْبُ فَذَهَبَ بِابْنِ إِحْدَاهُمَا. فَقَالَتْ هَذِهِ لِصَاحِبَتِهَا إِنَّمَا ذَهَبَ بِابْنِكِ أَنْتِ. وَقَالَتِ الأُخْرَى إِنَّمَا ذَهَبَ بِابْنِكِ. فَتَحَاكَمَتَا إِلَى دَاوُدَ فَقَضَى بِهِ لِلْكُبْرَى فَخَرَجَتَا عَلَى سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ عَلَيْهِمَا السَّلاَمُ فَأَخْبَرَتَاهُ فَقَالَ ائْتُونِى بِالسِّكِّينِ أَشُقُّهُ بَيْنَكُمَا. فَقَالَتِ الصُّغْرَى لاَ يَرْحَمُكَ اللَّهُ هُوَ ابْنُهَا. فَقَضَى بِهِ لِلصُّغْرَى "
قال النووي تعليقا على هذا الحديث: "وأما سليمان فتوصل بطريق من الحيلة والملاطفة إلى معرفة باطن القضية فأوهمهما أنه يريد قطعه ليعرف من يشق عليها فتكون هي أمه، فلما أرادت الكبرى قطعه عرف أنها ليست أمه، فلما قالت الصغرى ما قالت عرف أنها أمه، ولم يكن مراده أنه يقطعه حقيقة وإنما أراد اختبار شفقتهما لتتميز له الأم فلما تميزت بما ذكرت عرفها (..) وأن سليمان فعل ذلك حيلة إلى إظهار الحق وظهور الصدق فلما أقرت به الكبرى عمل بإقرارها وإن كان بعد الحكم كما إذا اعترف المحكوم له أن الحق هنا لخصمه"
هكذا يستبين لنا صواب رأي من قال بجواز خداع المتهم والتحايل عليه ليقر لأننا إذا أغلقنا باب التحايل على المتهم بزعم أن هذا نوع من الإكراه المبطل للإقرار فإن كثيراً من المجرمين ومحترفي الإجرام سيفلتون من العقاب لأننا نكون قد أعملنا صورة مثالية لإقرار المتهم إذ أنه لن يعترف في هذه الحالة إلا النزر القليل من المتهمين أصحاب الضمائر الحية والأنفس الطيبة التي تأتي لتقر طواعية لتكفر عن جرمها.. كما أن استبعاد استعمال هذه الحيل قبل المتهم من قبل سلطات التحقيق وعدم التعويل عليها يتسبب في إهدار دماء أبرياء مع شيوع الجريمة وخاصة في وقتنا المعاصر.
مركز المقريزي للدراسات التاريخية بلندن
[1] هذا البحث منشور في كتابنا (إثبات جريمة القتل العمد دراسة في الفقه الجنائي المقارن) بتصرف يسير من مطبوعات مركز المقريزي بلندن عام 1427هـ/2006.
[2] علي حيدر: درر الحكام شرح مجلة الأحكام ـمج2 ـ ص658 مادة: 948.
[3] علي حيدر: درر الحكام ـ مج2 ـ ص660 مادة: 949.
[4] القرطبي: الجامع لأحكام القرآن ـ تحقيق د. محمد إبراهيم الحفناوي ود. محمود حامد عثمان دار الحديث ـ القاهرة ـ ـ ط2 ـ 1416هـ ـ مج9 ـ 10 ـ الجزء العاشر ص197.
[5] القرطبي: الجامع لأحكام القرآن ـ تحقيق د. محمد إبراهيم الحفناوي ود. محمود حامد عثمان دار الحديث ـ القاهرة ـ ـ ط2 ـ 1416هـ ـ مج9 ـ 10 ـ الجزء العاشر ص197.
[6] ابن حزم: المحلى/تحقيق د.عبد الغفار سليمان البنداري/دار الكتب العلمية/بيروت/ج7ص203،ص204.
[7] النحل: آية 106.
[8] القرطبي: الجامع لأحكام القرآن ـ تحقيق د. محمد إبراهيم الحفناوي ود. محمود حامد عثمان دار الحديث ـ القاهرة ـ ط2 ـ مج9 ـ 10 ـ الجزء العاشر ص190.
[9] لقد تتبع ابن حجر العسقلاني طرق إسناد هذا الحديث في تلخيص الحبير على النحو التالي: " حديث ( رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه) قال النووي في الطلاق من الروضة في تعليق الطلاق: حديث حسن، وكذا قال في اواخر الأربعين له انتهى. رواه بن ماجة وابن حبان والدارقطني والطبراني والبيهقي، والحاكم في المستدرك من حديث الأوزاعي واختلف عليه: فقيل عنه عن عطاء عن عبيد بن عمير عن بن عباس بلفظ إن الله وضع وللحاكم والدارقطني والطبراني تجاوز وهذه رواية بشر بن بكر ورواه الوليد بن مسلم عن الأوزاعي فلم يذكر عبيد بن عمير قال البيهقي جوده بشر بن بكر وقال الطبراني في الأوسط لم يروه عن الأوزاعي يعني مجودا إلا بشر تفرد به الربيع بن سليمان والوليد فيه إسنادان آخران روى عن محمد بن المصفى عنه عن مالك عن نافع عن ابن عمر وعن ابن لهيعة عن موسى بن وردان عن عقبة بن عامر قال بن أبي حاتم في العلل سألت أبي عنها فقال هذه أحاديث منكرة كأنها موضوعة وقال في موضع آخر منه لم يسمعه الأوزاعي من عطاء إنما سمعه من رجل لم يسمه أتوهم أنه عبد الله بن عامر الأسلمي أو إسماعيل بن مسلم قال ولا يصح هذا الحديث ولا يثبت إسناده. وقال عبد الله بن أحمد في العلل سألت أبي عنه فأنكره جدا وقال ليس يروى هذا إلا عن الحسن عن النبي صلى الله عليه وسلم ونقل الخلال عن أحمد قال من زعم أن الخطأ والنسيان مرفوع فقد خالف كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فإن الله أوجب في قتل النفس الخطأ الكفارة يعني من زعم ارتفاعهما على العموم في خطاب الوضع والتكليف قال محمد بن نصر في كتاب الاختلاف في باب طلاق المكره يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال (رفع الله عن هذه الأمة الخطأ والنسيان وما أكرهوا عليه) إلا أنه ليس له إسناد يحتج بمثله. ورواه العقيلي في تاريخه من حديث الوليد عن مالك به ورواه البيهقي وقال قال الحاكم هو صحيح غريب تفرد به الوليد عن مالك. وقال البيهقي في موضع آخر ليس بمحفوظ عن مالك ورواه الخطيب في كتاب الرواة عن مالك في ترجمة سوادة بن إبراهيم عنه وقال سوادة مجهول والخبر منكر عن مالك. ورواه ابن ماجة من حديث أبي ذر وفيه شهر بن حوشب وفي الإسناد انقطاع أيضا ورواه الطبراني من حديث أبي الدرداء ومن حديث ثوبان وفي إسنادهما ضعف وأصل الباب حديث أبي هريرة في الصحيح من طريق زرارة بن أوفى عنه بلفظ إن الله تجاوز لأمتي ما حدثت به أنفسها ما لم تعمل به أو تكلم به ورواه بن ماجة ولفظه عما توسوس به صدورها بدل ما حدثت به أنفسها وزاد في آخره وما استكرهوا عليه والزيادة هذه أظنها مدرجة كأنها دخلت على هشام بن عمار من حديث في حديث والله أعلم. (تنبيه): تكرر هذا الحديث في كتب الفقهاء والأصوليين بلفظ رفع عن أمتي ولم نره بها في الأحاديث المتقدمة عند جميع من أخرجه نعم رواه بن عدي في الكامل من طريق جعفر بن جسر بن فرقد عن أبيه عن الحسن عن أبي بكرة رفعه (رفع الله عن هذه الأمة ثلاثا الخطأ والنسيان والأمر يكرهون عليه) وجعفر وأبوه ضعيفان، كذا قال المصنف وقد ذكرناه عن محمد بن نصر بلفظه، وقد جدته في فوائد أبي القاسم الفضل بن جعفر التميمي المعروف بأخي عاصم حدثنا الحسين بن محمد ثنا محمد بن مصفى ثنا الوليد بن مسلم ثنا الأوزاعي عن عطاء عن ابن عباس بهذا ولكن رواه ابن ماجة عن محمد بن مصفى بلفظ (إن الله وضع). راجع: ابن حجر: تلخيص الحبير في تخريج أحاديث الرافعي الكبير/تحقيق: حسن بن عباس بن قطبب/مؤسسة قرطبة/جدة/ط أولى /1416هـ 1995م /ج1 ص509 ، 510 ، 511 ، 512.
__
__________________
المستشار القانوني / إبراهيم خليل
موبيل 0123732968 / 0105225061
مكتب 23952217
|
|
|