الدرمحي في مدارج الحب له منهاج



بـنـيـت شـعــرٍ يـضـاهـي عـالـيـات الـصــروح
وكــل شـاعـر مـــن الـشـعـار لـــه منـهـجـه
هــذا يـحـب الـهـجـا وهـــذا يـحــب الـمــدوح
وانــا مــن الـلـي يـحــب الـوصــف والغـنَـجـه
الـشـعــر ذا مـايـهــز الــــروح مــالــه صــــروح
وان كان ماهوب في وصـف الغضـي لجلجـه
اوصـــف بـــه اللـي الا دارت بــوجــهٍ صــبــوح
مـثـل القـمـر لا بــدا فـــوق الـظــلام ابـلـجـه
مـيـاسـة الـقــد تـاسـرنـي بـثـغــر ســمــوح
تــذوب كــل الـصـور فـــي عيـنـهـا الـداعـجـه
يـا زينهـا يــوم تـبـدا فــي الضـحـك والـمـزوح
تحكي وتسكت على بعض الحكي محرجه
ان صــح مــا قـالـوا ان الـحــب كـلــه جـــروح
يمـكـن جـروحـي تطلـع مـافـي الاودجـــه
هـذيــك قـلـبـي لـهــا عــمــا يـكـنــه يــبــوح
واحـبـهـا لـيــن بـعــد الـمــوت والـحـشـرجـه
لـو تطلـب المهـر روح ، اجــي لـهـا بـالـف روح
واكـبــر مصـيـبـه عـلــي ان كـــان مـتـزوجــه


أعلنهـــا الدرمحي صريحة واضحة مدوية
منهجي في شعري الوصف والتشبيب

يقول كامو: "يحتفظ كل فنان في أعماق روحه بمصور مكنون خفي، يتغذى طيلة حياته كلها بكينونته وبما يقوله. وعندما ينضب هذا المصدر في روح الفنان، يذبل الإبداع ويتقوض".‏ واحمد الدرمحي مذ عرفناه وهو يصوغ قصائده بحرفية عالية بعيدة عن الصنعة الممجوجة ، تراه يتخير اللفظ بعناية فائقة فيبني به قصيدته بناءً جميلا ، فيعجبك البناء ، وياسرك المنهاج ، ويشجيك اللفظ ، ويدهشك المعنى .
وفي قصيدة ( منهجي ) يمتطي أحمد منهج الوضوح والصراحة منذ الوهلة الأولى فيقول :

بـنـيـت شـعــرٍ يـضـاهـي عـالـيـات الـصــروح
وكــل شـاعـر مـــن الـشـعـار لـــه منـهـجـه
هــذا يـحـب الـهـجـا وهـــذا يـحــب الـمــدوح
وانــا مــن الـلـي يـحــب الـوصــف والغـنَـجـه

صراحة توارى عنها الكثيرون وتستر بالرمز ( الخبو ) عنها شعراء مشهورون ، وذلك لبقية عادات كانت سائدة ومتوارثة وهي بلا شك فيها الخير وتعد من مكارم الأخلاق .
ومع ذلك فقد كان شعراء الفصيح أكثر صدقا مع أنفسهم وهم يطرقون غرض ( الغزل والتشبيب ) في قصائدهم وبكل صراحة ووضوح وأدب أمثال عمر بن أبي ربيعة وجميل بثينه والشريف الرضي وبعضهم كان يحب أن تكون مطالع قصائده تشبيب وغزل ولن ننسى قصيدة كعب بن زهير في حضرة المصطفى صلى الله عليه وسلم :

بانت سعاد فقلبي اليـوم متبول ** متيم إثرهــا لم يـفــد مكـــــــــبول
وما سعاد غداة البين إذ رحلوا ** إلا أغن غضيض الطرف مكحول

وقد أعادنا إلى أولئك الشعراء العماليق هذا الدرمحي الذي إن سار على ذات الخطا ولم يطرق أبواب الشعر التجاري فسيكون من أعلام شعر التشبيب الجنوبي البارزين .


الـشـعــر ذا مـايـهــز الــــروح مــالــه صــــروح وان كان ماهـــوب في وصـف الغضـي لجلجـه
اوصـــف بـــه اللـي الا دارت بــوجــــهٍ صـــبــوح مـثـل القــــمـر لا بــدا فـــوق الـظــلام ابـلـجـه
مـيـاســــــة الـقــد تـاســـرنـي بـثـغــر ســمــوح تــذوب كــل الـصـور فـــي عيـنـهـا الـداعـجـه
يـا زينــهـا يــوم تـبـدا فــي الضـحــــك والـمـزوح تحــــكي وتسكـــت على بعض الحكي محرجه


ترى أين يقع الدرمحي بعد هذا الوضوح من مقولة ( كامو ) السالف ذكرها ..؟؟

الـشـعــر ذا مـا يـهــز الــــروح مــالــه صــــروح وان كان ماهـــوب في وصـف الغضـي لجلجـه

بقي عليه أن )( يقتعـــــد )( للغواني ويتعرض لهن على الطرقات ليهبهن جمال قصائده وكل أشعاره التي آلا على نفسه ألا يقوله إلا فيهــن .

ولما حصل الجد تعاظمت الجروح وبلغت التراقي


ان صــح مــا قـالـوا ان الـحــب كـلــه جـــروح يمـكـن جـروحـي تطلـع مـافـي الاودجـــه


ولم يعد يملك إلا البوح والإعلان وتقديم الثمن الغالي بطيبة نفس ورضا واختيار

هــذيــك قـلـبـي لـهــا عــمـــــــا يـكـــنــه يــبــوح واحـبـهـا لـيــن بـعــد الـمــوت والـحـشـرجـه
لـو تطلـب المهـر روح ، اجــي لـهـا بـالـف روح واكـبــر مصـيـبـه عـلــي ان كـــان مـتـزوجــه


بقي أن أشير إل أن إيقاع القصيدة تمركز حول حرفين هما الحاء والخاء وهما حرفي الحب والجمال وكان انتقاء الشاعر لهما ليقدم ويثبت بمزيد من الأدلة مدى جديته في هذا المنهاج

وقد تكرر حرف الحاء ثلاث وعشرون مره بينما تكرر حرف الخاء خمس عشرة مرة كما تكررا كليهما في بيت واحد سبع مرات


ان صــح مــا قـالـوا ان الـحــب كـلــه جـــروح يمـكـن جـروحـي تطلـع مـافـي الاودجـــه

ولو تعمقنا وتأملنا قليلا في هذا البيت الذي شكل حرفي الحاء والخاء سمفونيته لأدركنا على الفور ان هذا البيت بما يشكله من معنى كبير ( بيت القصيد ) بل هو القصيدة كلها

كما أن الحرفين قد تكررا في كل بيت من البيتين التاليين ست مرات

هــذا يـحـب الـهـجـا وهـــذا يـحــب الـمــدوح وانــا مــن الـلـي يـحــب الـوصــف والغـنَـجـه

يـا زينهـا يــوم تـبـدا فــي الضـحـك والـمـزوح تحكي وتسكت على بعض الحكي محرجه

ليبن أهمية ووظيفة كل بيت في الدلالة الموسيقية والوظيفية وبنية القصيدة وهدفها ومنهجها