قدوتي في التخطيط والتنظيم - فاطمة بنت محمد العبودي

فاطمة بنت محمد العبودي

قدوتي في التخطيط والتنظيم
ماذا عساي أن أكتب والنفس تقطر أسى وحزناً على أهل غزة؟! ومراسلو القنوات الفضائية يعرضون أنفسهم للخطر لينقلوا إلينا صورة واقعية لما يجري تفوق في مأساويتها كل وصف، وأخبار المجازر تطغى على الساحة لتتقزم معها أهمية أي موضوع آخر لكن ماذا يمكنني ككاتبة أن أقدم لأهل غزة بقلمي المتواضع، لا أملك سوى الدعاء لهم بالنصر والفرج القريب، وألا تلهينا مشاغلنا وهموم دنيانا عنهم فهذا أقل ما يمكننا تجاههم.
يشتكي الكثير منا قصر اليوم وعدم القدرة على إدارة الوقت، فتجد اليوم تلو اليوم يمضي ونسبة الإنجاز محدودة خاصة إذا كان ما نرغب إنجازه غير محدود بوقت معين يتعين إنجازه فيه، فنحن مع الأسف (ربع آخر لحظة) كما يقولون ولا أدل على ذلك من ازدحام الأسواق ليلة رمضان أو ليلة العيد أو ليلة بدء العام الدراسي، وكأن تلك المناسبات أتت فجأة ولم نكن نعلم عنها.
المشكلة الرئيسية أننا في أحيان كثيرة، على مستوى الأفراد والمؤسسات، نعمل دون أهداف محددة وليست لدينا رؤية واضحة للمستقبل، بل تكون لدينا الكثير من الآمال التي تحتاج إلى خطوات عملية لنقلها من عالم التفكير إلى عالم الواقع. فقد تكون هناك إدارتان في مؤسسة واحدة تذهب إلى الأولى فتجد أن أمورها منسابة بشكل يريح العاملين فيها والمتعاملين معها، بينما في المقابل نجد الإدارة الأخرى تعاني من تدنٍِ في مستوى الإنتاجية وشعور العاملين فيها بالإحباط وعدم رضى الجمهور المتعامل معها، والفارق بين الصورتين أن الأولى اعتمدت على التنظيم وتحديد الأهداف وسار الجميع فيها لتحقيق أهداف المنظمة، بينما اختفى التنظيم من الثانية فلم تتضح الأهداف وسادت العشوائية والفوضى جو العمل. هو نقص التخطيط والتنظيم مشكلتنا، صحيح أن الوقت أصبح يمضي حالياً أسرع مما سبق، لكن الأشخاص المنظمين يستطيعون إنجاز أعمالهم الضرورية ويحققون طموحاتهم.
أشغل موضوع التنظيم والاستغلال الأمثل للأوقات الكثير من كتاب الإدارة على مستوى العالم، وقد لا أضيف جديداً لكنني سأذكر بعض القواعد التي استقيتها من قدوتي في التنظيم وهو والدي -حفظه الله- الذي استطاع إعطاء عمله وبيته وهواياته وتأليفه حق كل منها دون التأثير سلباً على الآخر.
أعتقد أن أساس إدارة الوقت للأفراد هو تنظيم أوقات النوم والاستيقاظ وأوقات الوجبات الغذائية، فبانتظامها تنتظم بقية الأوقات، يلي ذلك تنظيم الأشياء في مكانها مما يضمن عدم إضاعة الوقت في البحث عنها. كما أن والدي -حفظه الله- يجمع إلى ما سبق، روح المبادرة وعدم التسويف مما يجعل إنجازه واستثماره الوقت مثاليا، فلا تسمع منه كلمة سأفعل مستقبلاً إلا من باب التخطيط.
نعلم أن الله خلق الناس مختلفين فمنهم المنجز ومنهم خلاف ذلك، لكن من يرغب في التنظيم يستطيعه، ويتفاوت الجهد المبذول وفقاً لطبيعة الأشخاص، لكن المهم هو المبادرة بوضع الأهداف والبدء بتنفيذ خطة عملية لتحقيقها.

*كاتبة سعودية