متعة.. ولن تندم انيس منصور

متعة.. ولن تندم

لا بد أن الخبر يهمك إلى حد ما. وقد يكون صغيرا أو كبيرا. ولأنك تعيش في عصر الفضاء، فلا بد أن تعرف أنهم اتخذوا قرارا بإدخال تعديلات جديدة في التلسكوب الفضائي هابل ـ وقد اتخذ اسمه تيمنا بالعالم الفلكي الأمريكي ادوين هابل.

وإن كنت ناسيا فسوف أذكرك. مهمة التلسكوب المداري أن له مدارا دائريا مرتفعا عن الأرض بحوالي 600 كيلومتر. وقد دار حول الأرض من سنة 1990 ما يعادل 97 ألف دورة. وقد صور لنا 14 ألف جسم لم نكن نعرفها.

وأهم وأخطر ما سجله لنا تلسكوب هابل أعمق أعماق الكون.. وصورة للكون نفسه بعد خلقه بلحظات.. يقال بثانية واحدة.. ويقال بواحد على الألف من الثانية. وعرفنا من هذه الصور أن الكون عمره الآن حوالي 14 ألف مليون سنة. وهذا التلسكوب هو الذي أكد لنا أن هناك «ثقوبا سوداء»، أي ما لا نهاية له من النجوم التي تحتضر والتي بلغت قوة جذبها أنها تبلع كل شيء ـ حتى الأشعة المنبعثة منها، ولذلك تبدو سوداء. ثم إن هذا التلسكوب هو الذي أكد لنا مرة أخرى أن الكون منذ انفجاره لأول مرة لا يزال يتباعد ـ إلى أين؟ نحن لا نعرف. ولا يزال يتباعد.

وهناك نظرية تقول إن هناك احتمالا بأن يرتد الكون على نفسه ويتقلص ولا يزال في ألوف ملايين السنين حتى يعود كما بدأ ـ ذرة متناهية الكثافة، ثم يعاود الانفجار مرة أخرى ليظهر كون جديد ـ والله أعلم. وقد درس العلماء كل الاحتمالات. فلولا هذه التحذيرات والتطويرات والإحلال والإبدال في الصفائح الحافظة للمرصد من الحرارة وتغيير بعض العقول الاليكترونية والبطاريات لتوقف التلسكوب تماما بعد أربع سنوات، ولذلك كان لا بد من إرسال طاقم من رواد الفضاء في مكوك فضائي ينقلهم من الأرض أو من المحطة الدولية.

فهل أنا أضفت إلى معلوماتك شيئا جديدا؟ هل تشعر الآن أن هذه المعلومات التي كانت تنقصك بسبب انصرافك عن القراءة.. أو هذه المعلومات أصبحت سببا في ألا تقرأ عن الفضاء أو في أي مكان آخر.

عذري أنني غرقان في علوم الفضاء وأنها طعامي ليلا ونهارا. أرجو أن تشغلك ففيها متعة عظيمة. إن لم تجدها في الكتابة ففي كثير من الأفلام المصورة على الشاشات وعلى الإنترنت. صدقني.. إنها متعة لا مثيل لها ـ وهذا رأي كل واحد قد جربها مئات المرات!