قراءة أدبية في قصيدة ( الأسد ) الرائعة للشاعر : عبد الواحد الزهراني

قراءة أدبية في قصيدة ( الأسد ) الرائعة للشاعر : عبد الواحد الزهراني




صحيفة زهران - الثقافية - خاص :

قراءة أدبية في قصيدة ( الأسد ) الرائعة للشاعر : عبد الواحد الزهراني


انا من صغرتي ما فتحت عيني الا أرعى الغنم

الله أقوى قواها غنمي كم لقيت من عصاتي

أتفرعن عليها ظلم وانزل بها أشد العذاب

مير لمن عوى الذيب الغبر ما قدرت أذود عنها

انتزى وأخذ أطيبها وأنا واقف أتفرج عليه

وأنا وقعت توقيعين لا موت ما احمل بندقيه

ولا يا ما بقلبي ودي أشق كبده واقتله

واخذ الذيب يعوى نصر واخذت غنمنا بتلاشي

قالوا الذيب يهزمه الاسد وانتزيت وجبت اسد

الاسد قض راس الذيب لكن غدا من بكره جايع

ولا لابد له في كل الاحوال من شي ياكله

قام يفطر على وحده واعشيه وحده من غنمنا

والغنم غلقت يا ذيب ماعاد غير انت وانا

اذبحه كيف انا لو اقدر اذبح ذبحت الذيب قبله

والله يا ذيبنا يذكرك بالخير حتى وانت ذيب

الاسد كل حلالي وامسى ما عينه إلا في كتوفي

يفترسني عشية بعض الايام ولا فجرها

انا من صغرتي ما فتحت عيني الا أرعى الغنم

الله أقوى قواها غنمي كم لقيت من عصاتي

أتفرعن عليها ظلم وانزل بها أشد العذاب

رمزية هذه القصيدة جعلها أكثر إثارة لما تطرحه من أفكار جديدة أجادها الشاعر بإتقان تام بل إن لم أكن متجاوزا قليلا لأقول حول عبد الواحد مكنونات النفس البشرية المكبوتة إلى غزارة الجرأة وفيض الصراحة لتتجلى أمام ناظري القارئ حتى جعل بين مفردات النص وقارئه حميمة لدرجة تعجب من قبول الجمهور لها على جميع المستويات ويبدو أننا مقبلون على أسلوب جديد خطه يراع هذا الشاعر الفتي بطريقة الحكاية وتضمينها أبجديات السرد ولكن بطريقة شعرية قلما تجدها في شاعر آخر عنصر المقدمة مدخل الحكاية جودة العرض عمق الصراع لدرجة الغضب واستحالة الحل خروج منطقي من خاتمة النص لجعل القارئ يضع العلاج المناسب وكأن عبد الواحد ينتزع منا الإجابة * رغما عنا * لنوجد مبرر الحل بطريقة أيقظ الضمير النائم فكأنه بفطرته الشعرية مارس معنا بحرفة [ الطبطبة ] على الأكتاف وأخذ بتلابيب أعناقنا لنفيق من غفلتنا التي ربما مع الأيام نصحو من بعد سبات عميق فلله دره من شاعر !!

************************

مدخل النص جميل تعود إلى الفطرة ( الطيبة الزائدة ربما ) عنما أشار إليها بكلمة ( أرعى الغنم ) ثم ينقلنا الشاعر بتتبع حميد إلى تحول تلك الفطرة من بني البشر إلى حد القسوة دون أن يعلم أن تلك الممارسات قد تجني عليه !! وأتى ب ( كم الخبرية ) ليدلل على تلك الفطرة من خلال كلمة (لقيت ) أي أنه مارس معها القسوة مرات كثيرة ثم أعلنها صريحة في البيت الثالث بكلمة (أتفرعن عليها ) إشارة ذكية إلى رمز الفساد والجبروت والكبرياء ( فرعون ) ولحق بكلمة [ ظلم ] لزيادة في الطغيان بما لا تتحمله العقول أو تستسيغه الأنفس وخرج عن حدود الفطرة إله تعمد ذلك بدليل قول الشاعر :

مير لمن عوى الذيب الغبر ما قدرت أذود عنها

انتزى وأخذ أطيبها وأنا واقف أتفرج عليه

وأنا وقعت توقيعين لا موت ما احمل بندقيه

ولا يا ما بقلبي ودي أشق كبده واقتله



هنا لي وقفات :

تسمية الذئب ب [ الغبر ] لقصد التشويه المعنوي والخلقي وهذه صفة أحسبها ملاصقة بالحيوانات

كلمة [ اذود عنها ] تشير إلى العجز الكلي والانقياد والاستسلام طواعية هكذا دون تردد أو حتى معرفة حسرة ومآال هذا الجبن ورمز إليه بـــكلمة [ ما قدرت ] ربما حاول ولكن الأكيد فشل بدليل الانهزامية بكلمة [ وانا واقف اتفرج عليه ] ؟!

جبروت هذا الذيب بدليل ذهابه ببطء شديد دون أدنى مقاومة تذكر ( انتزى واخذ أطيبها )

تعبيره بــ ( البندقية ) إلى رمز المقاومة المشروعة المتزنة ولكن للأسف حتى هذه معطلة لديه ويكمن ذلك بسببين :ــ

القيود المفروضة المسلسلة التي كبلته رغما عنه

انعدام وجودها والخوف المسيطر لدرجة العجز

المعاهدات التي فرضت عليه ….

التمني لدرجة الغل من خلال ( ودي أشق كبده واقتله ) أو لنقل المستحيل ولكن لا يأسف عليه !!

يستعرض الشاعر هيمنة الصراع الأول من خلال قوله :ـــ

ثم واخذ الذيب يعوى نصر وأخذت غنمنا بتلاشي

تدهشني هذه المفردة ( بت لا شي ) بمعنين متجانسين في اللفظ مختلفين في المعنى التناقص لدرجة الاضمحلال ( بتلاشي ) أو المعنى الأول المستحيل أو السراب ينقلنا من حدة الصراع إلى الحل من قبله بقوله :ــ

قالوا الذيب يهزمه الاسد وانتزيت وجبت اسد

الاسد قض راس الذيب لكن غدا من بكره جايع

ولا لابد له في كل الاحوال من شي ياكله

قام يفطر على وحده واعشيه وحده من غنمنا

والغنم غلقت يا ذيب ماعاد غير انت وانا



** الاستعانة بمن هو أقوى طبعا بمنطق الغابة أو الوحوش – إن أردتم – العجيب في هذه المفردة ( انتزيت ) بمعنى عندما حرر فكره من الماضي المقيت تبلورت لديه الجرأة أي أراد الشاعر بذكاء أنه لم يأتي بالأسد إلا بعد معناه وسجال هنا وهناك فلماذا لا يقتل الذيب أصلا ؟!

** كلمة ( قض رأس الذيب ) لم يقتله الأسد بل عطل حركته أي سجن خطواته وجعله مدان ربما يستخدمه لغرض ما كما نعرف بعد ذلك بدليل قوله ( ما عاد غير أنت وأنا ) 0

** تطور ( شخصية الأسد من خلال حدة الصراع ) وظهور مشاكل أخرى لم تكن في الحسبان مطلقا فهذا الآسد ليس ككل الحيوانات لالا بل إذا جاع يأكل أي شيء يعترض طريقه ويندم ولات حين مناص ينفع الندم يتحسر على ماضي الذيب لو كان موجوا من خلال قوله :

والله يا ذيبنا يذكرك بالخير حتى وانت ذيب



اذبحه كيف انا لو اقدر اذبح ذبحت الذيب قبله

منطق العجز والخوف والشعور بالذلة والهوان والصغار واتى الشاعر بتكرار كلمة ( الذبح ) للخلاص من هذه الخسة وفيها كذلك قمة الصراع الثاني وهذا دليل على حبكة الشاعر الحكائية وجودتها من خلال :ــ

الاسد كل حلالي وامسى ما عينه إلا في كتوفي

يفترسني عشية بعض الايام ولا فجرها

ترك الشاعر : عبد الواحد لنا ( القراء ) حرية اختيار الحلول وهذه أبداع يضاف إلى إبداعاته بمعنى ترك النهاية لهذه الحكاية المأساوية مفتوحة وعن عمد وعبر بكلمة ( كتوفي ) لجماله ولذة طعمه ولسهولة الإمساك به 0




قراءة وتحليل :

علي بن حسين الزهراني ( السُعلي )

شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .

الشكر لك اخي على قراءتك

قرأة وتحليل جميل ومميز من استاذ اجاد فك طلاسم هذه القصيده

عبد الواحد جميل في كل حالاته يجيد التلاعب بالمعجم اللغوي واللفظي

ابو احمد بيض الله وجهك يا الذيب على هذا النقل الجميل والمفيد وارجو اثراء المنتدى بهكذا مواضيع

هذه القصيدة تعتبر من افضل قصايد العرضه على الاطلاق وعلى مر العصور
ونشكر الاخ علي بن حسين الزهراني ( السُعلي ) على هذا الشرح للقصيده
من خلال منضوره ولو ان القصايد تبقى معانيها في قلب شاعرها وكلن يفسرها
على حسب فهمه

منظومة شعرية تحمل بين طياتها العمق الشعرى والادبى لشاعر فذ عملاق 0الف تحية ابا احمد بارك الله فيك

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .

كنت ابحث عنها من فتره وياليت احد ينزلها صوتيه