الممرضات السعوديات

75% من الكوادر النسائية العاملة في المجال الصحي يرفضن نظام الدوام الجديد
الممرضات السعوديات يعانين من قرارات تعسفية ونظرة خاطئة وعدم وجود حوافز

جدة: نيروز بكر
طغت على أسبوع التمريض العالمي الذي احتفل به متأخرا عن موعده أكثر من أسبوعين موجة من الاحتجاجات والتذمر بسبب تطبيق الدوام الموحد في المراكز الصحية من الثامنة صباحا حتى السادسة مساءً وشمل الممرضات والطبيبات والفنيات, كما عادت مشاكل الممرضة السعودية للظهور على السطح بسبب ما تعانيه من نظرة المجتمع والقرارات التعسفية وعدم وجود حوافز، ولأن العناصر النسائية تشكل 75% من الكوادر الفنية في مراكز الرعاية الصحية الأولية, عبر عدد منهن عن نيتهن إثارة قضيتهن لدى حقوق الإنسان أو إحدى الجهات المختصة كونها ليست مهنية فقط بل اجتماعية وكون القرار تعسفيا وأوقع عليهن الضرر، وناشدن المسؤولين الاهتمام بوضع العاملة السعودية في القطاعات الصحية.
فطالبت مديرة الإشراف التمريضي بوزارة الصحة في المملكة منيرة العصيمي بتفعيل شعار الوزارة وأخلاقيات المهنة "المعاملة الحسنة لا تحتاج لإمكانات" واعتبارها رسالة من الوزارة لطمأنة العاملات من فنيات وطبيبات بمراكز الرعاية بأن نظام الدوام الموحد الجديد لمراكز الرعاية الصحية مازال نظاما تجريبيا لمدة 6 أشهر ويخضع للتقييم.
واعتبرت بعض الفنيات أن هذه الأشهر الستة قد تترك أثرا سلبيا على حياتهن, ورأين كما معظم العاملين بمراكز الرعاية أن دوام الخميس أقل وطأة من النظام الحالي، وفيما تفكر الأغلبية في ا لإعفاء من الكادر والتنازل عن بدل التفرغ 20% من رواتبهم تؤكد أخريات أن ذلك ليس حلا للمشكلة.
وعلقت الدكتورة فائزة كردي طبيبة أسنان على الموضوع قائلة: إن الكل مستاءات وقد يزداد الوضع سوءاً لدى الكثيرات مع القرار الجديد الذي يضرب بأوضاعنا الأسرية والاجتماعية عرض الحائط, ويخترق النظام بزيادة ساعات العمل حيث أكد ديوان الخدمة بأن القرار خارج عن أنظمة العمل، وبينما نطالب بالتنازل عن بدل التفرغ من رواتبنا حتى نتخلص من ورطة الدوام التي وجدنا أنفسنا بها يعمل أفراد بساعات أقل ورواتب أعلى، وبذلك نحن كالغرقى المعلقين بقشة بين القرار التعسفي وواجباتنا الأسرية, إذ أننا مضطرات إلى البقاء خارج المنزل والبعد عن أبنائنا أكثر من 10 ساعات يوميا، وأنا الآن مهددة بالطلاق إذا لم أقدم استقالتي بسبب طول فترة بقائي خارج البيت بعيدا عن أسرتي.
من جانبها، قالت وفاء الشمري إن هناك ميزة وحيدة لهذا القرار أن إجازة نهاية الأسبوع أصبحت يومين بدلا من يوم واحد, مع أن الدوام الجديد طويل جدا وأخرج المشاكل الأسرية إلى السطح بسبب نتائجه السلبية.
وأيدت الممرضة مريم سلطان ما ذكر من أن الممرضة السعودية مهضومة الحقوق ولا وجود لمزايا لها مع عدم مراعاة لظروفها الاجتماعية, وأكدت أن القرار الجديد تسبب في عدم قدرتها على رعاية والدها المريض الذي لا يوجد من يرعاه سواها, مشيرة إلى أن كيان كثير من الأسر قد تضرر بسبب بقاء الطبيبة أو الممرضة خارج المنزل لفترة طويلة, ما يعني أن كل ما يجري يهدف إلى "تطفيش" الممرضة السعودية وتحطيم معنوياتها, وطالبت بحماية حقوقها بدلا من التسبب في تسرب هذه الكفاءات والكوادر الوطنية الجيدة نتيجة الضغوط.
من جانبها أشارت نائبة مساعد مدير الشؤون الصحية للرعاية الصحية الأولية الدكتورة نهى دشاش إلى أن الوزارة ستجري دراسة في كل ساعة من ساعات العمل باحتساب عدد المراجعين وتقييم نسبتهم ورصد آرائهم وآراء العاملين, كما بدأت مراكز الرعاية تقديم خدمات المناوبة الليلية في 4 مراكز للحالات الإسعافية الطارئة التي لا تحتاج للعلاج بالمستشفيات. ورأت أن في قرار الدوام الجديد إيجابيات منها إلغاء دوام يوم الخميس ، كما تساوت جميع مراكز الرعاية بالمملكة بما يحقق العدل وتصحيح الأوضاع وعدم وجود اختلاف في أوقات الدوام الذي تتخلله فترة راحة مدتها ساعة, بالإضافة إلى أنه يوفر أطول وقت ممكن لخدمة المرضى.
وذكّرت بأن التغيير في بدايته صعب ولا يمكن الحكم على النظام من خلال التطبيق لفترة بسيطة, ونفت أنه مخالف لقوانين العمل وقد تم احتساب وتوزيع عدد ساعات العمل شهريا بما لا يتجاوز ساعات العمل المحددة بالقانون وقالت: إن الاعتياد قد يحل مشاكل كثيرة ويؤدي إلى تفهم طبيعة العمل بالرغم من أن طول مدة الدوام يشكل عامل ضغط على الممرضة السعودية ويؤثر على حياتها الأسرية لطول الغياب عن المنزل وعدم ممارسة دورها كأم وربة بيت بشكل كامل. وأشارت الدكتورة دشاش إلى دور التمريض كحجر أساس حيث يحتل ما بين 70-80% من الخدمات العلاجية في مراكز الرعاية الصحية التي تقوم على الكادر التمريضي في حملات التطعيم ورعاية الحوامل وعيادات الطفل السليم والتوعية التثقيفية والصحية والعلاجية, كما يساند دور الأطباء في الأمراض المزمنة وتعليم المرضى وتوعيتهم بأساليب الحميات وأمراض السكري والعلاج.
وأشادت بالممرضة السعودية التي تقوم بتأدية أشرف المهن ووصفتها بـ " المجاهدة " وهي تواجه معوقات أساسية في عملها وحياتها بسبب عدم تقبل المجتمع لعمل المرأة في المجال الصحي ما يؤثر على أدائها ودورها الوظيفي, إضافة إلى معاناتها كربة بيت وموظفة، منوهة بأنه لا يمكن الاستغناء عن الممرضة السعودية في مراكز الرعاية الأولية لتوعية المراجعين والأفراد بالأمراض والتطعيم لمعرفتها بأبعاد وتقاليد مجتمعها خلافا للممرضة الأجنبية, وإذا لم يتقبل المجتمع الممرضة السعودية فلن نستطيع إيصال خدمات صحية متميزة، كما أن من حق هؤلاء الممرضات تغيير النظرة السائدة عنهن حتى يستطعن تقديم خدمة عالية المستوى.
وبينت أن الوزارة تحاول بعد القرار توفير استراحات ومطاعم للعاملات، وطلبت منهن في ذات الوقت دراسة الوضع الحالي وأخذ الوقت الكافي لتقييم التجربة من حيث الإيجابيات والسلبيات، حيث سيعتمد في ذلك على مستقبلي ومقدمي الخدمة في جميع مناطق المملكة من خلال آراء المراجعين والمسؤولين والفنيين والفنيات والكادر الطبي ليتم تحديد الخطوة التالية بين استمرار النظام أو البحث عن بدائل أخرى.