أسلوب التربية بالقصة:

تعتبر التربية بالقصة من الأساليب التربوية التي جاء بها القرآن الكريم،والقصة مزيج من الحوار،والأحداث والأشخاص،والمكان والزمان والحالات الاجتماعية،والطبيعية التي يعيشها الإنسان بالقصة،وهي قادرة على بناء قيم وأخلاق يرغب المربي في غرسها في نفوس الأطفال،باستشارة مشاركة الطفل العاطفية مع الأحداث القصة وسردها،وفي القرآن الكريم مجموعة من القصص جاءت لإبراز أمور جوهرية أرادها الله سبحانه وتعالى،ومن أولويات هذه الأمور تربية الأمة الإسلامية،وتنشئة الجيل المسلم تنشئة إسلامية بما أراده الله لها وبما جاء به رسول صلى الله عليه وسلم.قال تعالى:{نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَـذَا الْقُرْآنَ وَإِن كُنتَ مِن قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ[1]}.وقال تعالى:{تِلْكَ الْقُرَى نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنبَآئِهَا وَلَقَدْ جَاءتْهُمْ رُسُلُهُم بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانُواْ لِيُؤْمِنُواْ بِمَا كَذَّبُواْ مِن قَبْلُ كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللّهُ عَلَىَ قُلُوبِ الْكَافِرِينَ[2]}.وقال تعالى أيضاً:{هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ الْمُكْرَمِينَ[3]}.والقرآن الكريم ملآن بقصص الأنبياء عليهم السلام مع أقوامهم،وقد نجد في بعض الأحيان إن القصة تتكرر مرات عدة،والهدف من ذلك إظهار القصص بأسلوب جديد،وتذوق الإعجاز القرآني بأسلوبه الرائع،وبيانه الفريد،والاستنتاج العظة والعبرة،ولتوجيه القارئ بما ينفعه في دنياه،وآخرته،ويكون رجلاً مؤمناً بالله قوي الإيمان،وداعية إلى الله ومجاهداً في سبيله[4]).من الحكم المستفادة من استخدام الأسلوب القصصي في القرآن الكريم هداية الناس وتذكيرهم بآيات الله سبحانه وتعالى،وكان هذا الأسلوب يستهوي العرب في الجاهلية ،فيتخذونه بشكل كبير ،ويترك في نفوسهم أثر كبير وتحفيزهم للتفاعل والاستجابة،يقول أحد المفكرين المسلمين:"وقد كان أمراً طبيعياً أن تكون القصة موهبة خاضعة للأغراض الدينية ،التي جاءت لتحقيقها،فليس القرآن كتاب قصص في أصله،وإنما هو كتاب تربية وتوجيه وبناء شخصية مؤمنه متكاملة سوية،ولكن الدقة في الأداء ومراعاة القواعد الفنية يجعل القصة مع خضوعها للغرض الديني طليقة من الوجهة الفنية،ويجعل القصد للتربية على إطلاقها جزءاً من نهج التربية الإسلامية[5]) .ومن الفوائد التربوية التي يمكن استخلاصها من القصص القرآني:

1- تعد القصص القرآنية والنبوية الصف الأساليب التدريسية بكتاب الله ،ففيها الفطنة والتذكرة لمن ضل عن الحق .
2- تهدف القصة القرآنية إلى ترسيخ مبادئ العقيدة الإسلامية الصحيحة في نفوس المسلمين،ويحفظ القارئ من سير الأمم السالفة،الذين نالهم العقاب والعذاب بسب فسادهم وابتعادهم عن الطريق السوي.
3- تمتاز القصة في القرآن بعنصر التشويق وشد أنتاه السامع أو القارئ للأحداث التي تتوارد في السورة على جانب الإقناع الفكري،وتربية النفس لتربية ربانية على خشية الله والخشوع له.
4- أسلوب القرآن القصصي واضح قوي الأثر والإيقاع في النفس البشرية مما يؤدي إلى تحريك الدوافع الخيرة في الإنسان وطرد النزعات الشريرة[6].

[1][سورة يوسف : أية 3]

[2][سورة الأعراف : أية 101]

[3][سورة الداريات: آية 24]

[4][ عبدالله علوان ،تربية الأولاد في الإسلام ،ج2،ص693]

[5][محمد عثمان كشمي،مذكرة أصول التربية الإسلامية،ج2،ص38]

[6] [ فتحية عمر الحلواني،دراسة نافذة لأساليب التربية المعاصرة في ضوء الإسلام،ص81]