الوسام .. الاكاديمي ابن الجنوب ..حسن القرشي ... لؤلؤة زهران كل الحكاية قسم المحاورة


 
 عدد الضغطات  : 5725


إهداءات


 
 

 
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
#1  
قديم 22/01/2011, 11:00 PM
نواف بيك البريدية âيه ôîًَىà
لوني المفضل Cadetblue
 رقم العضوية : 13667
 تاريخ التسجيل : Jan 2009
 فترة الأقامة : 6022 يوم
 أخر زيارة : 03/01/2009 (01:59 PM)
 المشاركات : 2,974 [ + ]
 التقييم : 500
 معدل التقييم : نواف بيك البريدية is a glorious beacon of lightنواف بيك البريدية is a glorious beacon of lightنواف بيك البريدية is a glorious beacon of lightنواف بيك البريدية is a glorious beacon of lightنواف بيك البريدية is a glorious beacon of lightنواف بيك البريدية is a glorious beacon of light
بيانات اضافيه [ + ]
افتراضي حكمة للبيع !










مغترب
"بَسْ دقيقة"


بقلم: محمد عبد الوهاب جسري


كنت أقف في دوري على شباك التذاكر لأشتري بطاقة سفر في الحافلة إلى مدينةتبعد حوالي 330 كم، وكانت أمامي سيدة ستينية قد وصلت إلى شباك التذاكروطال حديثها مع الموظفة التي قالت لها في النهاية: الناس ينتظرون، أرجوكِتنحّي جانباً. فابتعدت المرأة خطوة واحدة لتفسح لي المجال، وقبل أن أشتريبطاقتي سألت الموظفة عن المشكلة، فقالت لي بأن هذه المرأة معها ثمن بطاقةالسفر وليس معها يورو واحد قيمة بطاقة دخول المحطة، وتريد أن تنتظرالحافلة خارج المحطة وهذا ممنوع. قلتُ لها: هذا يورو وأعطها البطاقة.وتراجعتُ قليلاً وأعطيتُ السيدة مجالاً لتعود إلى دورها بعد أن نادتهاالموظفة مجدداً.

اشترت السيدة بطاقتها ووقفت جانباً وكأنها تنتظرني، فتوقعت أنها تريد أنتشكرني، إلا أنها لم تفعل، بل انتظرتْ لتطمئن إلى أنني اشتريت بطاقتيوسأتوجه إلى ساحة الانطلاق، فقالت لي بصيغة الأمر: احمل هذه... وأشارت إلىحقيبتها.

كان الأمر غريباً جداً بالنسبة لهؤلاء الناس الذين يتعاملون بلباقة ليسلها مثيل. بدون تفكير حملت لها حقيبتها واتجهنا سوية إلى الحافلة، ومنالطبيعي أن يكون مقعدي بجانبها لأنها كانت قبلي تماماً في الدور.

حاولت أن أجلس من جهة النافذة لأستمتع بمنظر تساقط الثلج الذي بدأ منذساعة وأقسم بأن يمحو جميع ألوان الطبيعة معلناً بصمته الشديد: أنا الذيآتي لكم بالخير وأنا من يحق له السيادة الآن! لكن السيدة منعتني و جلستْهي من جهة النافذة دون أن تنطق بحرف، فرحتُ أنظر أمامي ولا أعيرهااهتماماً، إلى أن التفتتْ إلي تنظر في وجهي وتحدق فيه، وطالت التفاتتهادون أن تنطق ببنت شفة وأنا أنظر أمامي، حتى إنني بدأت أتضايق من نظراتهاالتي لا أراها لكنني أشعر بها، فالتفتُ إليها.

عندها تبسمتْ قائلة: كنت أختبر مدى صبرك وتحملك.

- صبري على ماذا؟

- على قلة ذوقي. أعرفُ تماماً بماذا كنتَ تفكر.

- لا أظنك تعرفين، وليس مهماً أن تعرفي.

- حسناً، سأقول لك لاحقاً، لكن بالي مشغول كيف سأرد لك الدين.

- الأمر لا يستحق، لا تشغلي بالك.

- عندي حاجة سأبيعها الآن وسأرد لك اليورو، فهل تشتريها أم أعرضها على غيرك؟

- هل تريدين أن أشتريها قبل أن أعرف ما هي؟

- إنها حكمة. أعطني يورو واحداً لأعطيك الحكمة.

- وهل ستعيدين لي اليورو إن لم تعجبني الحكمة؟

- لا، فالكلام بعد أن تسمعه لا أستطيع استرجاعه، ثم إن اليورو الواحد يلزمني لأنني أريد أن أرد به دَيني.

أخرجتُ اليورو من جيبي ووضعته في يديها وأنا أنظر إلى تضاريس وجهها. لازالت عيناها جميلتين تلمعان كبريق عيني شابة في مقتبل العمر، وأنفهاالدقيق مع عينيها يخبرون عن ذكاء ثعلبي. مظهرها يدل على أنها سيدة متعلمة،لكنني لن أسألها عن شيء، أنا على يقين أنها ستحدثني عن نفسها فرحلتنا لازالت في بدايتها.

أغلقت أصابعها على هذه القطعة النقدية التي فرحت بها كما يفرح الأطفالعندما نعطيهم بعض النقود وقالت: أنا الآن متقاعدة، كنت أعمل مدرّسة لمادةالفلسفة، جئت من مدينتي لأرافق إحدى صديقاتي إلى المطار. أنفقتُ كل ما كانمعي وتركتُ ما يكفي لأعود إلى بيتي، إلا أن سائق التكسي أحرجني وأخذ منييورو واحد زيادة، فقلت في نفسي سأنتظر الحافلة خارج المحطة، ولم أكن أدريأنه ممنوع. أحببتُ أن أشكرك بطريقة أخرى بعدما رأيت شهامتك، حيث دفعت عنيدون أن أطلب منك. الموضوع ليس مادياً. ستقول لي بأن المبلغ بسيط، سأقول لكأنت سارعت بفعل الخير ودونما تفكير.

قاطعتُ المرأة مبتسماً: أتوقع بأنك ستحكي لي قصة حياتك، لكن أين البضاعة التي اشتريتُها منكِ؟ أين الحكمة؟

- "بَسْ دقيقة".

- سأنتظر دقيقة.

- لا، لا، لا تنتظر. "بَسْ دقيقة"... هذه هي الحكمة.

- ما فهمت شيئاً.

- لعلك تعتقد أنك تعرضتَ لعملية احتيال؟

- ربما.

- سأشرح لك: "بس دقيقة"، لا تنسَ هذه الكلمة. في كل أمر تريد أن تتخذ فيهقراراً، عندما تفكر به وعندما تصل إلى لحظة اتخاذ القرار أعطِ نفسك دقيقةإضافية، ستين ثانية. هل تعلم كم من المعلومات يستطيع دماغك أن يعالج خلالستين ثانية؟ في هذه الدقيقة التي ستمنحها لنفسك قبل إصدار قرارك قد تتغيرأمور كثيرة، ولكن بشرط.

- وما هو الشرط؟

- أن تتجرد عن نفسك، وتُفرغ في دماغك وفي قلبك جميع القيم الإنسانيةوالمثل الأخلاقية دفعة واحدة، وتعالجها معالجة موضوعية ودون تحيز، فمثلاً:إن كنت قد قررت بأنك صاحب حق وأن الآخر قد ظلمك فخلال هذه الدقيقة وعندماتتجرد عن نفسك ربما تكتشف بأن الطرف الآخر لديه حق أيضاً، أو جزء منه،وعندها قد تغير قرارك تجاهه. إن كنت نويت أن تعاقب شخصاً ما فإنك خلال هذهالدقيقة بإمكانك أن تجد له عذراً فتخفف عنه العقوبة أو تمتنع عن معاقبتهوتسامحه نهائياً. دقيقة واحدة بإمكانها أن تجعلك تعدل عن اتخاذ خطوةمصيرية في حياتك لطالما اعتقدت أنها هي الخطوة السليمة، في حين أنها قدتكون كارثية. دقيقة واحدة ربما تجعلك أكثر تمسكاً بإنسانيتك وأكثر بعداًعن هواك. دقيقة واحدة قد تغير مجرى حياتك وحياة غيرك، وإن كنت منالمسؤولين فإنها قد تغير مجرى حياة قوم بأكملهم... هل تعلم أن كل ما شرحتهلك عن الدقيقة الواحدة لم يستغرق أكثر من دقيقة واحدة؟

- صحيح، وأنا قبلتُ برحابة صدر هذه الصفقة وحلال عليكِ اليورو.

- تفضل، أنا الآن أردُّ لك الدين وأعيد لك ما دفعته عني عند شباك التذاكر. والآن أشكرك كل الشكر على ما فعلته لأجلي.

أعطتني اليورو. تبسمتُ في وجهها واستغرقت ابتسامتي أكثر من دقيقة، لأنتهبهإلى نفسي وهي تأخذ رأسي بيدها وتقبل جبيني قائلة: هل تعلم أنه كانبالإمكان أن أنتظر ساعات دون حل لمشكلتي، فالآخرون لم يكونوا ليدروا ما هيمشكلتي، وأنا ما كنتُ لأستطيع أن أطلب واحد يورو من أحد.

- حسناً، وماذا ستبيعيني لو أعطيتك مئة يورو؟

- سأعتبره مهراً وسأقبل بك زوجاً.

علتْ ضحكتُنا في الحافلة وأنا أُمثـِّلُ بأنني أريد النهوض ومغادرة مقعديوهي تمسك بيدي قائلة: اجلس، فزوجي متمسك بي وليس له مزاج أن يموت قريباً!

وأنا أقول لها: "بس دقيقة"، "بس دقيقة"...

لم أتوقع بأن الزمن سيمضي بسرعة. كانت هذه الرحلة من أكثر رحلاتي سعادة،حتى إنني شعرت بنوع من الحزن عندما غادرتْ الحافلة عندما وصلنا إلىمدينتها في منتصف الطريق تقريباً.

قبل ربع ساعة من وصولها حاولتْ أن تتصل من جوالها بابنها كي يأتي إلىالمحطة ليأخذها، ثم التفتتْ إليّ قائلة: على ما يبدو أنه ليس عندي رصيد.فأعطيتها جوالي لتتصل. المفاجأة أنني بعد مغادرتها للحافلة بربع ساعةتقريباً استلمتُ رسالتين على الجوال، الأولى تفيد بأن هناك من دفع ليرصيداً بمبلغ يزيد عن 10 يورو، والثانية منها تقول فيها: كان عندي رصيد فيهاتفي لكنني احتلتُ عليك لأعرف رقم هاتفك فأجزيكَ على حسن فعلتك. إن شئتاحتفظ برقمي، وإن زرت مدينتي فاعلم بأن لك فيها أمّاً ستستقبلك. فرددتُعليها برسالة قلت فيها: عندما نظرتُ إلى عينيك خطر ببالي أنها عيون ثعلبيةلكنني لم أتجرأ أن أقولها لك، أتمنى أن تجمعنا الأيام ثانية، أشكركِ علىالحكمة واعلمي بأنني سأبيعها بمبلغ أكبر بكثير.

"بس دقيقة"... حكمة أعرضها للبيع، فمن يشتريها مني في زمن نهدر فيه الكثير الكثير من الساعات دون فائدة؟



























المزيد...




رد مع اقتباس

اخر 5 مواضيع التي كتبها نواف بيك البريدية
المواضيع المنتدى اخر مشاركة عدد الردود عدد المشاهدات تاريخ اخر مشاركة
sssssssssssss : Orjwan Webmaster بواسطة مجموعة نواف بيك البريدية 0 19044 06/06/2018 04:27 AM
تجربة : مناير بواسطة مجموعة نواف بيك البريدية 0 7334 05/06/2018 03:47 AM
قيادة المرأة للسيارة بعيون رسامي الكاريكاتير :... مجموعة نواف بيك البريدية 0 7517 04/10/2017 06:19 AM
أطرف الكاريكاتيرات حول بعض التصرفات في رمضان :... مجموعة نواف بيك البريدية 0 7191 04/06/2017 07:31 PM
طفلة عمرها 3 سنوات تبهر 27 ألف متابع بهذه الصور :... مجموعة نواف بيك البريدية 0 7633 20/05/2017 10:13 AM

 

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

(مشاهدة الكل عدد الذين شاهدوا هذا الموضوع : 0 :
لا يوجد أعضاء

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الإعلانات النصية ( أصدقاء الأكاديمية )

انشر مواضيعك بالمواقع العالمية من خلال الضغط على ايقونة النشر الموجودة اعلاه

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010
جميع الحقوق محفوظة © لأكاديمية العرضة الجنوبية رباع

a.d - i.s.s.w