ما هو السر في فشل مبادرات جذب الاستثمارات الأجنبية إلى المملكة ؟

فيصل اليامي - الجبيل

في ظل الطفرة الاقتصادية المتوقع ان تشهدها المملكة في الفترة المقبلة الا انه يلوح في الافق تردد بعض الشركات الاجنبية في اقتحام السوق السعودي مما يشير الى ان ذلك قد ينعكس سلباً على الاقتصاد الوطني .

''المدينة'' سلطت الضوء على هذا الجانب من خلال هذا الاستطلاع الذي أجرته والتقت خلاله بعدد من المستثمرين والاقتصاديين لمعرفة الاسباب والمعوقات والحلول .

يقول مطلق بن نبأ القحطاني رئيس لجنة رجال الاعمال بفرع الغرفة التجارية الصناعية بالجبيل: هنالك اسباب كثيرة لتردد الشركات الاجنبية من الدخول الى السوق السعودي وذلك بسبب المعوقات التالية وهي عدم كفاية المعلومات التي تمكن المستثمرين من عمل دراسات جدوى اقتصادية وعدم معرفتهم بالسوق من الجانب التسويقي ليتمكنوا من رسم الاستراتيجيات التي تساعدهم على انتشار منتجاتهم ومقارنتها من الناحية الفنية بما هو متوفر بالسوق وتقديم افضل الخدمات والسلع للمستهلك .

واشار القحطاني الى البيروقراطية في اجراءات الحصول على التراخيص اللازمة لمزاولة المستثمر لاعماله ودخوله في تضارب وجهات النظر مما يضيع فرصة الانتاج في الوقت المناسب ومن المعوقات ايضاً عدم حصول المستثمر على التأشيرات اللازمة بالاعداد الكافية والجنسيات التي يحددونها سواء من جنسية نفس المستثمر او استخدام الايدي العاملة المؤهلة لتشغيل منشأته كذلك البطء في اجراءات البت في طلبه مما قد يجعله يتراجع في قراره بالاستثمار بالمملكة وذلك لقناعته بان مشروعه سوف يفشل اذا كانت الاعداد التي طلبها من العمالة سوف تمنح له ناقصة وكذلك منحه تأشيرات لجنسيات لا يرغب بها ولا يمكنه التعامل معها واضاف ان ارتفاع رسوم التصدير والاستيراد وفترة السماح للارضيات بالموانىء البرية والبحرية مما يزيد من تكلفة الانتاج ومن ثم ارتفاع اسعار المنتجات وهذا ايضاً من المعوقات التي يواجهها المستثمر .

وقال : ان عدم انفتاح السوق للمستثمر الاجنبي له انعكاسات اقتصادية حتى على المستثمر المحلي لان في ظل غيابها تكون الحركة الاقتصادية اقل وتعتمد فقط على الاستيراد بدلاً من توطين التقنية وتشجيع زيادة الاستثمار في مجالات الصناعة والتي سوف تستهلك المواد الخام المنتجة محلياً وفتح فرص وظيفية للايدي العاملة الوطنية وانتعاش الخدمات المساندة كالعقارات وتاجير الاليات والمعدات المختلفة .

وفي ظل انضمام المملكة لمنظمة التجارة العالمية فان الصناعة الوطنية سوف يكون امامها تحديات لمواكبة مثيلاتها من حيث الكمية والنوعية وعليها ان تفتح اسواق خارجية للسلع الوطنية وخاصة التي تعتمد في تصنيعها على مواد خام متوفرة محلياً ومعظمها من المنتجات البلاستيكية والبتروكيماوية والقيام بتدريب الايدي العاملة الوطنية لتأهيلهم للمساهمة في دفع عجلة الصناعة الوطنية وهذا ما تسعى وتهدف له سياسة القيادة الرشيدة . واستطرد القحطاني: ان الحلول للعوائق التي قد تواجه المستثمر الاجنبي هي العمل على تسهيل المعوقات والاقتداء ببعض دول الجوار التي عملت على تسهيل واستقطاب الاستثمارات على المستويين العربي والاجنبي ولا شك ان هذه هي تطلعات وسياسات الحكومة لدعم الاقتصاد الوطني وتشجيع الاستثمارات المحلية والاجنبية

من جانبه اوضح عبدالله بن مبارك المسحل مستثمر ورجل اعمال سعودي ان هناك معوقات ليست بالقليلة تحول دون تدفق الاستثمارات الاجنبية الى المملكة يأتي في مقدمتها عدم وضوح الانظمة والقوانين التجارية التي تعتبرها الشركات العالمية الاساس الاول الذي تعتمد عليه للدخول الى الاسواق الاجنبية .

واضاف المسحل ان دهاليز التقاضي التجاري تمثل ايضاً عقبة لا يمكن تجاوزها خصوصاً من قبل الشركات التي كانت طرفا في قضية ما خلال الاعوام الماضية .

واستخراج التصاريح الخاصة لانشاء الشركات داخل المملكة يشهد كثيراً من التعقيدات غير المبررة وتعدد الجهات ذات العلاقة التي يستوجب على الشركات مراجعتها من اجل استخراج التراخيص الخاصة . واختتم المسحل حديثه بان الاستثمارات الاجنبية تبحث عن بيئة استثمارية متطورة تخضع للقوانين والانظمة الواضحة وتتمتع بمرونة تسمح لها بالتحرك السريع وتطبيق استراتيجياتها الاستثمارية .

واجمع عدد من المستثمرين ان الامور التي يرونها معوقات للاستثمار هي بيروقراطية الاجراءات واستغراقها لوقت طويل لدى العديد من الجهات الحكومية لانهاء التراخيص اللازمة للاستثمار وتسجيل الشركات والبدء في الانتاج ومن هذه الاجراءات صعوبة تسجيل الشركات لدى وزارة التجارة واستغراق وقت طويل لذلك صعوبة وتعقيد اجراءات وزارة العدل لحصول الشركات على صكوك ملكية او افراغ وبيع بعض الاصول . الاجراءات المتعلقة باستقدام الايدي العاملة وتأشيرات الزيارة لرجال الاعمال والخبراء - الاجراءات الطويلة للحصول على القروض من صندوق التنمية الصناعية ومن المعوقات ايضاً اشاروا الى زيادة تكاليف ربط التيار الكهربائي للصناعات كذلك الزيادة في التعرفة - ارتفاع ايجار الاراضي في ميناء الملك فهد الصناعي - صعوبة اجراء التخليص الجمركي للمنتجات الصناعية - تأثير الايدي العاملة الوطنية غير المدربة على تكلفة الانتاج .

وقال بعض المستثمرين ان حرص الهيئة العامة للاستثمار بالعناية بشؤون الاستثمار من خلال زيادة الاستثمار المحلي والاجنبي وتتبلور اهداف الهيئة الى تحسين بيئة الاستثمار في المملكة وجذب وتشجيع الاستثمار الاجنبي واضافوا الى ان الهيئة تقوم بانشطة مختلفة في سبيل تعريف المستثمرين الاجانب بمناخ الاستثمار في المملكة والانظمة المطبقة والمزايا والحوافز الموجودة في المجالات الاستثمارية الامر الذي يساهم ويساعد في استقطاب رؤوس الاموال الاجنبية للاستثمار في المملكة .

يذكر ان في المملكة مدناً صناعية مؤهلة لجذب الاستثمارات الا ان المعوقات السالفة الذكر تقف حجر عثرة وتعتبر مدينة الجبيل الصناعية ارضاً خصبة لاستقطاب الكثير من رؤوس الاموال الاجنبية والمحلية حيث الهدف من انشاء هذه المدينة هو ايجاد مصدر جديد للدخل القومي عن طريق اقامة قاعدة صناعية متكاملة تعتمد على الموارد الطبيعية للبلاد وهو امر لا يمكن تحقيقه الا عبر خطة تنموية شاملة تراعي تحقيق المنجزات على ارض الواقع الى جانب تطوير القدرات البشرية واحتساب عامل الزمن الذي عكس بدوره ترجمة لاهداف المملكة التنموية في زيادة اسهامات القطاع الصناعي في الناتج المحلي الاجمالي للمملكة .

ومن فرص الاستثمار الصناعي تأسيس صناعات متضامنة مع الشركات الاجنبية للاستفادة من ثروات البلاد الهيدروكربونية وتاسيس صناعات ثانوية او تحويلية تستفيد من المواد الاولية التي تنتجها الصناعات الاساسية - تأسيس صناعات خفيفة ومساندة توفر السلع الاستهلاكية والخدمات المساندة . وهناك مزايا استثمارية تقدمها الهيئة الملكية بالجبيل للمستثمرين من داخل المملكة وخارجها وهي توفر المواد الاولية ( المواد الخام ) وتوفر الخدمات الصناعية المساندة وتوفر التجهيزات الاساسية والمرافق الرئيسة التي تشمل شبكة التبريد بمياه البحر ومحطات الطاقة الكهربائية وشبكة الاتصالات السلكية واللاسلكية ومحطات تحلية مياه الشرب وخطوط الانابيب والموانىء والطرق والمطار ومياه الصرف الصحي والتخلص من النفايات الصلبة .

وتشير مصادر الى ان مدينة الجبيل الصناعية قد حققت العديد من الانجازات فقد بلغ معدل النمو الصناعي 6% سنوياً وتبلغ حصة المدينة في السوق العالمية للبتروكيماويات 7 % من الانتاج العالمي وتناهز صادرات الجبيل 70 % من صادرات المملكة غير النفطية ويبلغ راس المال المستثمر في مدينة الجبيل الصناعية اكثر من 230 مليار ريال وتحتل مدينة الجبيل الصناعية مكانة الصدارة بالمملكة من حيث اجمالي الاستثمارات والمشروعات التضامنية مع رؤوس الاموال الاجنبية وتبلغ الاستثمارات الاجنبية حوالي 50% من اجمالي الاستثمارات بالمملكة وتبلغ الاستثمارات الاجنبية في مدينة الجبيل الصناعية 35% من حجم الاستثمارات الحالية .