الدفاعات النفسية
كما ذكرنا في موضوع الصراعات النفسية فان الصراع بين جزء الشهوات في الانسان او ما يسمى الهو، وبين الانا العليا او الضمير وهو المسؤول عن معرفة الصواب والخطأ، هذا الصراع يولد القلق النفسي، فالانسان لديه احتياجات وشهوات لا يمكنه اشباعها كلها لمخالفتها تعاليم المجتمع او الدين او الخلق، او لانه لا يمكن اشباعها او لان الوقت والمكان غير مناسبين للاشباع، في كل هذه الحالات يشعر الفرد بالتوتر لعدم الاشباع، والنظام الاجتماعي دوره تنظيم اشباع هذه الاحتياجات، والتوتر الناتج عن عدم الاشباع شيئ طبيعي وصحي في حدود مقبولة، فهذا التوتر يدفع الانسان الى التطور والنمو، فمثلا الشاب يتعلم ويعمل حتى يكون مؤهلا للزواج، ولكن ان استمر او اشتد الحرمان فان التوتر يشتد وعندها يكثر الانسان من استخدام الدفاعات النفسية للتعامل مع هذا التوتر، والدفاعات النفسية هي عمليات نفسية يلجأ اليها الانسان للتقليل من الصراعات في داخله وايضا لحماية ذاته من التهديد، وكلنا يستخدم هذه الدفاعات واختلاف نوع الدفاعات يحدد نوعا ما صفاتنا الشخصية، ولكن عندما يزيد استخدام هذه الدفاعات فان بعض الاعراض النفسية قد تنشأ، وسوف استخدم هذا المثال للحديث عن بعض هذه الدفاعات :
سعيد شاب في العشرينات وعنده بعض الميول العدوانية التي لا يمكنه اشباعها لانها تخالف القانون، فماذا يمكنه ان يفعل؟
التثبيط او Suppression : يمكن لسعيد ان يقرر بارادته ووعيه انه لن يشبع هذه الشهوة وانه سوف يتعايش مع عدم اشباعها.
الكبت او Repression : في هذه الحالة يكبت سعيد شهوته وميوله ويكبت ايضا انه يكبت وعليه فانه لايكون على وعي بعدوانيته وينكر وجودها وهو صادق حيث انه لا يعي وجودها، ولكنها موجودة في عقله الباطن وتخرج في احلامه وزلات لسانه وتصرفات او اقوال يعتبرها هو بريئة او مزاح ولكنها تؤذي الاخرين.
التعلية او Sublimation : في هذه الحالة يبحث سعيد عن طرق مقبولة اجتماعيا للتعبير عن شهواته وميوله، فقد يصبح ملاكما او محاربا، او حارس امن، وبهذه الطريقة يعبر عن رغباته باسلوب مقبول.
الانتكاس او Regression : في هذه الحالة قد يعبر سعيد عن ميوله باسلوب طفولي بدلا عن الاسلوب الناضج، فقد يصرخ ويضرب الارض ويبكي ويهوج ويتصرف كطفل غاضب.
الاسقاط او Projection : قد ينكر سعيد ميوله تماما وبصدق ويسقط هذه الميول على الاخرين، كمن يرى نفسه في المرآة، يعتقد ان الاخرين عدوانيين وينوون الشر له ويشعر بالخوف، اننا لا نعلم بيقين ماذا يشعر الاخرون، انه امر عجيب ان نتحدث بيقين عن مشاعرهم ونبني تصرفاتنا على هذه الظنون.
تحويل رد الفعل او Reaction Formation : وهنا يعبر سعيد عن مشاعر مبالغ فيها من الحب بدل العدوانية، فهو حب مفتعل وغير مبني على اسس واقعية، ويتصرف وكأنه خال تماما من مشاعر الغضب، وفي حقيقة الامر هو غاضب ويتراكم الغضب داخله وفي يوم قد ينفجر او يصاب بمرض عضوي حاد .
التبرير او Rationalization : وفي هذه الحالة يعبر سعيد عن ميوله ولكنه يجد لذلك الاعذار والمبررات، قد يقول انه اعتدى او قتل لاسباب ايدولوجية، او لانه مجبر، او لتأثير مخدر او مسكر وما الى ذلك، وفي الحقيقة قد يكون انجذب لايدولوجية معينة او شخص او مسكر او مخدر حتى ينفس عن رغباته وتكون مبررا لتصرفاته حتى لا يشعر بعذاب الضمير وصراعه النفسي، .
وهناك دفاعات اخرى لا يسع المجال لذكرها، والخطر هو عندما يكثر استخدام احد هذه الدفاعات، ويفشل النظام الاجتماعي في اشباع احتياجات افراده. عندها تزداد الامراض النفسية، والاساليب غير المشروعة لاشباع الشهوات، ودور الاسرة مهم هنا، فهي التي تعلم الطفل كيفية التعامل مع نفسه ورغباتها، وتزرع فيه مع المجتمع القيم الخيرة الجميلة التى تقود هذا الاشباع وتساعده على التعايش مع الاخرين...
ليت عند الباب نهرا من العسل والسماء تمطر سحايسها ذهب والفرح ثوبا عسى مابه طسل والنسايم هبهبتها هب هب
والمزون اللي بحمله قد رسل
ورنة المطر شبيهات الشهب
|