الوسام .. الاكاديمي ابن الجنوب ..حسن القرشي ... لؤلؤة زهران كل الحكاية قسم المحاورة


 
 عدد الضغطات  : 5725


إهداءات


 
 

 
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
#1  
قديم 04/03/2006, 08:17 PM
المؤسس والمشـــرف العــــام
صقر الجنوب ٌهé÷àٌ يà ôîًَىه
Saudi Arabia     Male
SMS ~ [ + ]
سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتْوبُ إِلَيْكَ
Awards Showcase
لوني المفضل Maroon
 رقم العضوية : 2
 تاريخ التسجيل : Aug 2004
 فترة الأقامة : 7614 يوم
 أخر زيارة : 10/06/2025 (02:09 AM)
 الإقامة : جدة
 المشاركات : 64,163 [ + ]
 التقييم : 16605
 معدل التقييم : صقر الجنوب has a reputation beyond reputeصقر الجنوب has a reputation beyond reputeصقر الجنوب has a reputation beyond reputeصقر الجنوب has a reputation beyond reputeصقر الجنوب has a reputation beyond reputeصقر الجنوب has a reputation beyond reputeصقر الجنوب has a reputation beyond reputeصقر الجنوب has a reputation beyond reputeصقر الجنوب has a reputation beyond reputeصقر الجنوب has a reputation beyond reputeصقر الجنوب has a reputation beyond repute
بيانات اضافيه [ + ]
افتراضي مازن والكابوس



مازن والكابوس
أسعد الخفاجي




كان مازن نائماً في سريره قرير العين هانئاً في غرفته المجاورة لغرفة والديه. كان يحلم بوالديه على الدوام! وحسبما يقوله علماء النفس فأن الأحلام مسرح يعبر ضمير الأنسان من خلاله عن المشاعر والخلجات الحقيقية في الواقع المعاش. مازن طالب الثانوية هذا كان متعلقاً بأبيه كثيراً. ولطالما أستمع اليه أصدقاؤه الطلاب وهو يتحدث بأحترام وأجلال عن أبيه الذي كان يدرس الفيزياء في المدرسة نفسها التي كان مازن يدرس فيها.
أبو مازن كان يستحق ذلك التقدير لأنه كرس جل وقته وأعصابه لتعليم الطلاب ولدفعه نحو طريق العلم ولحب الناس والتعاون معهم. وقد أطلق قسم من الطلاب عليه أسم (الأستاذ أبو الأضافي!) لأنه نادراً ما كان يكف عن الشرح في الصف قبل أن يدق جرس الحصة القادمة! لم يعجب هذا التصرف جميع الطلاب بالطبع لذا شرعوا بأغاضة مازن (بقصد المزاح) وتكرار هذا اللقب (الطلابي) على والده كلما التقوه في ممرات المدرسة! وأذا كان موضوع الدرس هو الحركة البسيطة فأن الأستاذ أبو مازن لم يكتف بالقوانين المذكورة في المنهاج الدراسي بل يتعداه الى أعطاء صورة مبسطة للقوانين الكونية العامة الأخرى ذات الصلة كالنظرية النسبية مثلا وغيرهاً!! متعللاً بالقول أن "الوقت المتاح لا يكفي للحاق بالعالم المتمدن لذلك ينبغي على العراقيين أن يختصروا الزمن!"

ومن أبي مازن سمع الطلاب بالأبستمولوجيا والديالكتيك والبراجماتية والميتافيزيقية وغيرها من المصطلحات التي لاتعرفها المناهج الدراسية!! وكما هو الحال مع الطلبة فمنهم من كان متحمساً لأسلوب الأستاذ أبو مازن في التدريس ومنهم من كان يتذمر! وكان البعض من الطلاب يكرهون أبو مازن (لأنه كان يتفلسف أكثر من اللازم وهم لايريدون من المدرسة سوى تمضية الوقت!).

كان ذلك في ليلة الثامن من شباط عندما قطع الكابوس الرهيب على مازن حلمه الجميل. رأى مازن خلال الكابوس الذي كان يشبه الحقيقة جماعة من الطلاب الذين لا يحبون طريقة ابيه في التدريس ويعدونه مضيعاً لوقتهم وهم يكبلون يدي والديه بالحبال بقسوة وغلظة ويضعونه في كيس قديم ثم يربطون الكيس. وبعد لحظات جعلوا يطعنون الكيس بحراب بنادق الكلاشنكوف. ولم يكن مازن قادراً على مساعدة أبيه وهو في داخل الكيس يتلوى من الألم. صب الطلاب النفط على الكيس ورمى أحدهم عود ثقاب عليه دون أكتراث وهو يقول:
"خلي الفلسفة تنفعك يا ابو الأضافي؟!" شبت النار ملتهمة الكيس وأبو مازن في داخله في لظى عالية حتى كادت أن تحرق وجه مازن!
هب مازن من الفراش فزعاً مرتجفاً يتصبب العرق من جسده الشاحب وقد نشف ريقه وتيبست مفاصله. وبعد لحظات أسترجع خلالها توازنه فأدرك أنه تعرض لكابوس لا غير! الحمد لله!

هرع الى المطبخ وفتح الثلاجة ثم أخرج منها قنينة عصير. شرب نصف القنينة وجلس هنيهة على أحد كراسي المطبخ قريباً من الثلاجة وهو يرنو الى صورة المجموعة الشمسية المعلقة جنب الثلاجة. غداً سوف يعرضها على الصف. انها المشروع العلمي السنوي الذي أعده مع زميل آخر. وعلى أشعة مصابيح الشارع المتسربة الى المطبخ بدأ مازن بالحلم الذي طالما كان يراوده! مازن يحلم بأن يصبح عالماً للفضاء! لكن فكرة طارئة سرعان ما جذبت مازن الى غرفة والديه! كانت الباب نصف مفتوحة. بهدوء وبطء مد مازن رأسه ليتفقد أبيه!! رغم رسوخ العلم في عقل مازن فأنه يظل أسيراً لتأثيرات التراكمات الميتافيزيقية التي حشتها في ذهنه جدته في صغره عن الطنطل والسعلوة وممالك الجن وغيرها! كان ابو مازن يغط في نوم عميق ومما زاده أطمئناناً سماعه (للموسيقى التصويرية) الصادرة عن فم ابيه الفاغر! هكذا كان مازن يسمي ذلك النوع المتميز لشخير والده!

وفي الصباح لم يقص مازن على أمه ما شاهده في الكابوس الذي أقض مضجعه الليلة الماضية. سوف يعجز حتماً عن وصف ما رآه في ذلك الكابوس من مناظر غير عادية! كذلك فهو لايريد لأمه أن تجزع أو أن تبدأ معه فصلاً من التحقيق! سوف تحاول معرفة كل التفاصيل التي عاشها مازن خلال الكابوس لغرض تفسيره!

وقلق مازن حينما شاهد أمه في الصباح بالمطبخ وهي تولول.

"ماذا حدث يا أماه؟!"
" أبوك يقول أن الجمهورية في خطر! هناك أنقلاب ضد الزعيم!"
كان أبو مازن قد غادر الدار منذ الصباح الباكر بعد أن سمع من المذياع بيانات تدعو الناس الى قتل الشعوبيين والملحدين أنصار الزعيم قاسم العراق!
"بيان صادر الى افراد الحرس القومي الأبطال: أقتلوهم أبيدوهم نظفوا العراق العربي المسلم من أدرانهم!"
كانت المذيعة تعصر صوتها لتزيده أقناعاً وتحريضاً. ولم تكف تلك المرأة عن دعوة الناس الى القتل والأبادة والسحل حتى المساء. في وقت متأخر من المساء قلق مازن وأمه لتأخر والده عن العودة الى الدار. ولا يعلمان الى أين ذهب. لم يكن من عادته التأخر هكذا. كان يقول لزملائه الذين يريدون منه مرافقتهم الى النادي:

"أحلى الأوقات يقضيها الأنسان مع عائلته!" هذه هي فلسفة أبو مازن, فماالذي ياترى حصل له لكي يبدل عادته؟!

وفي التاسعة مساء سمع مازن وأمه طرقاً عنيفاً على الباب الخارجي. خرجا ملهوفين لأستقبال أبى مازن! هكذا فكرا. غير أنهما على الضد من ذلك شاهدا أمام الدار سيارة جيب روسية قيادة وكان شخصان يرتديان البدلة العسكرية ومتنكبين للبندقية الكلاشنكوف وأمامهما كان كيس ملطخ ببقع حمراء! نظر مازن الى الشخصين فكانا جسام وعبد الزهرة الطالبين في مدرسته! جعل ينقل نظره بسرعة من الكيس الى وجه أمه الى الطالبين المنتصبين هناك أمامه يعلو هيئتيهم ا زهو وفخر مصطنعان. بعد ذلك توجه الى والدته بنظرة فيها الف سؤال. وفجأة قطع عبد الزهرة على مازن حيرته قائلاً بصوت طفولي وهو لم يتم بعد السابعة عشر من العمر يتصنع الخشونة فجاءت الكلمات وكأنها صادرة عن ممثل هاو في فلم مصري:
"خذا الوالد الشعوبي عدو القومية العربية الملحد الفوضوي!"
صرخت أم مازن بصوت مجلجل:
"لا! ليش ربي؟ ليش؟!"
أدرك مازن أن الكابوس الذي رآه الليلة الماضية لم يكن الا حقيقة! وفي لحظات مرت بسرعة البرق تدافعت أمام عينيه عشرات الصور المبهمة وخيمت في رأسه الصغير سحابات سوداء مشحونة بالشك والريبة! وشعر كأن الدم في عروقه بدأ يغلي وأحس أنه بدأ يصرخ بصوت أعلى من صرخات أمه لكن أذنيه لم تلتقطا نبرة من صرخاته الرهيبة! راح مازن يصرخ ويولول دون أن تتحرك شفتاه! كالبركان الذي يغلي في داخله قبيل الأنفجار! وللحظات توقع مازن أنه سوف ينفجر! ألا أن شيئاً من ذاك لم يحصل!

هذه الحالة التي أسرت مازن لدقائق لازمته لسنين طويلة. تأتيه هذه الموجة من الصراخ والعويل الصامتين (يطلقهما) مازن لدقائق دون ضجة ثم ما يلبث أن يشعر بالطمأنينة والراحة! وقد سماها صديقه حسام الذي تعرف عليه فيما بعد في براغ محل أقامة مازن في الغربة حتى اليوم:
الصيحات الصامتة!

يتذكر مازن أن صرخته الصامتة في مساء 8 شباط بعد القاء نظرة على جسد ابيه الملئ بالطعنات و المسجى في كيس مطرز بالدم شملت أسئلة كثيرة غير مترابطة مثل:

أهذا جزاء من يساعد الطلاب؟
ولماذا يسفك طالب دم أستاذه؟
أهذه هي حقاً العروبة؟
أهذه هي الثمرة الحرام للفتوى الخبيثةالمتعطشة الى دم الفقراء والمخلصين ؟
أهذا هو مصير كل من يحب الناس الطيبين والأرض والتقدم؟
ويقول كلمة الحق؟

مرت على تلك الواقعة أربعون عاماً وما يزال مازن يطرح الأسئلة عينها في صرخاته الصامتة التي يطلقها بين الحين والآخر للتنفيس عن كربته ولأعادة الطمأنينة مؤقتاً الى قلبه.
ولا من مجيب!

وقد أضاف مازن الى أسئلته تلك عدداً آخر من الأسئلة بعد أن تعلم حقيقة (الكابوس) و(عروس الثورات) وما هي العوامل التي أدت الى تلك الكارثة القومية والأنسانية الكبرى في تأريخ العراق الحديث.
علم أن العديد من عناصر الشر والباطل قد ساهمت في خلق ذلك الكابوس. فبالأضافة الى الأطماع البشرية للأقطاعيين في ثروات الفقراء من الفلاحين وتخوف الدول الأجنبية من نهضة حقيقية لشعب جرئ كان هناك عامل التحريض الصريح والسافرعلى قتل والده الذي صدر عن أحد أدعياء الدين الملالي الذين فرضوا أنفسهم أوصياء للناس حيث قال ذلك المتعطش للدماء موجهاً كلامه الى الجهلة من الذين يخشون العلم والتنوير من أتباعه:
"أن قتل ابو مازن وأمثاله واجب عليكم الى يوم الدين!!"
ومن تلك الدوافع تكالب أدعياء القومية العربية من عبيد أسطورة: (الأمة العربية الواحدة من المحيط الهادر الى الخليج العاهر لبيك عبد الناصر!".
تلك الأسط ورة المحمومة لم تتحقق لحد اليوم بل أستبدلها أدعياؤها بضم الفروع الى الأصول وأحتلال الأراضي الشقيقة و الذي أدى الى هيمنة الدول الكبرى في أراضي النفاق والجهل (العربي) و في أرض الرافدين الذبيحة. وآخر الأسئلة التي أضافها مازن الى صرخاته الصامتة:
"بأي وجه ياترى تمنع الضحية العالم من ذبح جزارها؟!



* كتبت بمناسبة مرور أربعين عاماً على أستشهاد العراقي أبي مازن مدرس الفيزياء (الشعوبي) المتألق.


(أنتهى)




 توقيع : صقر الجنوب

مواضيع : صقر الجنوب


رد مع اقتباس

اخر 5 مواضيع التي كتبها صقر الجنوب
المواضيع المنتدى اخر مشاركة عدد الردود عدد المشاهدات تاريخ اخر مشاركة
دهاء الشيخ محمد بن يحيى العسيري شيخ رباع تاريخ قرية رباع بين الماضي والحاضر 0 6464 20/10/2024 02:27 PM
وقفات ودروس من حروب بخروش بن علاس ضد جحافل... تاريخ زهران وغامد 2 10828 17/09/2024 11:11 PM
الشعراء بن حوقان وعبدالواحد منتدى القصائد الجنوبية ( المنقولة) 0 19895 04/01/2024 11:35 AM
القصة (مورد المثل) منتدى القصص و الروايات المتنوعة 1 18591 02/01/2024 09:28 AM
الله لايجزي الغنادير بالخير منتدى القصائد النبطية والقلطة ( المنقولة) 1 16311 28/12/2023 05:06 PM

 

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

(مشاهدة الكل عدد الذين شاهدوا هذا الموضوع : 0 :
لا يوجد أعضاء

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الإعلانات النصية ( أصدقاء الأكاديمية )

انشر مواضيعك بالمواقع العالمية من خلال الضغط على ايقونة النشر الموجودة اعلاه

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010
جميع الحقوق محفوظة © لأكاديمية العرضة الجنوبية رباع

a.d - i.s.s.w