أن بعض ضعاف النفوس استغلوا بعض هؤلاء المرضى،

بينهم مدرسون وعاملون في القطاع العسكري
مرضى نفسيون في شوارع الشرقية والصحة والأمنية تلقيان اللوم على الأسر


الدمام: سفر العزمان
يلفت النظر في عدد من مدن المنطقة الشرقية مشاهد المرضى النفسيين الذين يتواجدون في أماكن غير ملائمة لوضعهم الصحي والنفسي، ويشكلون خطراً على أنفسهم وعلى غيرهم، مما يستدعي إجراء عاجلاً لحل هذه المشكلة، قبل أن تتفاقم وتتحول إلى ظاهرة يصعب حلها.
وخلال جولة قامت بها "الوطن" في كل من الدمام والخبر والقطيف خلال اليومين الماضيين، تم رصد عدد من الحالات، لبعض المرضى النفسيين، ممن تتراوح أعمارهم بين الثلاثينات والأربعينات، حيث يعكس وجودهم صورة غير إيجابية، تنم عن أن هناك وضعاً يحتاج إلى معالجة سريعة.
ففي حاضرة الدمام التقت "الوطن" عددا من هؤلاء وتحاورت مع بعضهم بعيداً عن عدسة الكاميرا، بعد أن اطمأنوا للحديث، فتبين أن بعض الحالات جاءت نتيجة تخلف عقلي منذ الولادة، أو نتيجة الوقوع في براثن المخدرات، أو نتيجة التعرض لصدمة نفسية قوية ولم يتم مواجهتها بالرعاية والعلاج من قبل الأسر.. فتجد البعض من هؤلاء يبدأ الحديث بشكل طبيعي، مما يوحي لأول وهلة بأنه إنسان سليم من كافة النواحي، ولكن سرعان ما يتغير ثم تظهر منه تصرفات غريبة، وغير سوية، لدرجة أن أحدهم حمّل رواد ومستخدمي الطريق المسؤولية عن كل الذي يجري له، وأنهم السبب في تصرفاته الغريبة المتقلبة.. في حين يستدر البعض منهم عطف الآخرين، من خلال تصرفاته وملابسه الرثة ومظهره الخارجي، مما يدفعهم للتصدق عليهم بمبالغ مالية أو ملابس أو بعض الأطعمة والعصائر. وبالقرب من أحد الشوارع الرئيسية بالدمام كان هناك شاب في الـ40 من العمر، لا شغل لديه إلا أن يتراقص أمام المارة، متجردا من معظم ملابسه في جو بارد بل شديد البرودة، و يظهر تصرفات غير طبيعية أبدا، ثم يعود إلى أحد المراكز التسويقية، ويطلب منحه سيجارة وطعاما وعصيرا بريال واحد فقط، من جهة أخرى استلقى أحدهم قرب ماكينة للصرف الآلي بمحافظة القطيف، وخلد إلى النوم غير عابئ بمن حوله، بعد أن حول ذلك الموقع إلى منزل خاص به، وافترش أرضه، فلا أحد يستطيع إيقاظه، ولا استخدام الصراف الآلي ما دام نائما.
كما رصدت "الوطن" اثنين من المجهولين جالسين بالقرب من مواقف سيارات الأجرة العامة في مدينة الدمام، مفترشين بعض الأزقة والحدائق، مما دفع البعض من سائقي سيارات الأجرة إلى وصفهما بـ "حارسي السوق"، إشارة إلى طول الفترة التي يتواجدان فيها. كما رصدت البعض الآخر في داخل أسواق محافظتي الخبر والقطيف في الأحياء القديمة يجوبونها في شكل أثار تساؤلات المواطنين والمقيمين عن دور الجهات الاجتماعية في رعايتهم وتقديم العلاج لهم مطالبين تلك الجهات بضرورة إيجاد حلول عاجلة لرعاية هذه الفئة من المجتمع وإيجاد عقوبة ضد ذوي هؤلاء المرضى المهملين رعايتهم.
ويذكر بعض المواطنين والمقيمين التقتهم "الوطن" قصصا غريبة لهؤلاء المرضى حيث يقول سعد الهاجري إنه رصد أحدهم وهو يدخل أحد أقسام الشرطة ويقدم نفسه لرجال الأمن بأنه ارتكب جريمة قتل وعند تجاوب الجهات الأمنية مع إفادته اتضح أنه يعاني من مرض نفسي وأن كل ما يدعيه لا أساس له من الصحة. في حين يقول سالم العنزي إنه كان في يوم من الأيام عند إحدى الإشارات المرورية بمدينة الخبر ففوجئ بشاب في الثلاثينات من عمره، حافي القدمين ذي ملابس متسخة مكشوف الرأس، وهو ينظم الحركة المرورية في الموقع ويطلب من السيارات القادمة من الاتجاه الآخر التوقف لمرور إحدى الشخصيات المهمة، حيث تم إبلاغ الجهات الأمنية بذلك، والتي بدورها ألقت القبض عليه وسلمته إلى مركز الشرطة ليتضح أنه يعاني من مرض نفسي، وكثيرا ما يقوم بهذه التصرفات.
وعلمت "الوطن" أن بعض ضعاف النفوس استغلوا بعض هؤلاء المرضى، بإعطائهم مبالغ مالية ليقوموا بتهشيم زجاج بعض السيارات أو المحلات التجارية، بغرض تسهيل عملية السرقة، كما علمت أن الجهات الأمنية في المنطقة ممثلة بدوريات الأمن عقدت مؤخراً مع فرع جمعية الهلال الأحمر بالمنطقة اجتماعاً لبحث ما تعاني منه الفرق الأمنية من استنجاد للفرق الإسعافية أثناء انتقالهم لمثل هذه الحالات وإيجاد حلول عاجلة وجذرية لهذا الأمر.
واللافت للنظر أن بعض هؤلاء المرضى يحمل شهادات علمية عالية وخبرات طويلة في العديد من المجالات، قبل أن يصاب بهذا المرض، حيث تشير تلك الشهادات إلى أن البعض منهم كان يعمل في سلك التدريس وآخرين في المجال الهندسي والعسكري. وتشير بعض المعلومات إلى أن البعض منهم يصاب بحالات من الهيجان أو الغضب، بصورة تشكل خطورة على نفسه وعلى الآخرين، حيث سُجل عدد من القضايا لحوادث جنائية لبعضهم، إما بقيامه بتهشيم عدد من السيارات أو إحراقها أو تخريبها أو تكسير لوحات وأبواب المحلات أو سرقة بعض السيارات وقيادتها بطريقة متهورة أشبه ببعض الأفلام المثيرة أو الاعتداء على المارة وإيذائهم. وأرجعت بعض الأسر الأسباب التي دعتها لترك ابنها هائماً على وجهه في الشوارع إلى أن مستشفى الأمل والصحة النفسية بالدمام يرفض استقبال تلك الحالات بسبب ضعف القدرة الاستيعابية التي لا تفي باحتياجات المنطقة ويكتفي بإعطاء مهدئات وتسريحه للشارع، فيما قال شقيق أحد الهائمين إن شقيقهم المريض تسبب لهم في مشكلات عديدة داخل المنزل من تكسير لأثاث المنزل والاعتداء على الإخوة والأخوات وعندما عجزوا عن احتوائه تركوه في الشارع. من جهته حمل مدير الشؤون الصحية في المنطقة الشرقية الدكتور عقيل بن جمعان الغامدي ذوي المرضى النفسيين إهمال متابعتهم وعلاجهم وتركهم يجوبون الشوارع دون رعاية واهتمام.
وقال الدكتور الغامدي في تعليق لـ"الوطن" عن هؤلاء المرضى إن للأسرة دورا كبيرا ومهما في متابعة علاج مريضهم والتزامهم بالمواعيد المعطاة لهم من العيادات لمتابعة حالة ابنهم وضمان استمرار واستقرار حالته.
وأضاف أن جميع المجتمعات بالعالم توجد فيها درجات مختلفة من المرضى النفسيين وليست جميع الحالات من النوع الذي يستوجب تنويمهم داخل المصحات النفسية بل تحتاج إلى علاج في المصحات النفسية والعيادات الخارجية وبعد استقرار حالتهم يتم خروجهم برفقة أحد من ذويهم. مشيراً إلى أن هناك العديد من الحالات المماثلة التي تم علاجها ورعايتها حتى تشفيت واستقرت وأصبحت حاليا تقوم على أسرها وتدير حياتها على أكمل وجه بل إن البعض منها أصبحت عنصرا فعالا في المجتمع. نافياً رفض أي مستشفى من مستشفيات المنطقة استقبال أي حالة من هذه الحالات، مشيراً إلى أن مستشفى الأمل للصحة النفسية ومستشفى الأحساء وغالبية المستشفيات الأخرى تسعى إلى تقديم كافة الخدمات العلاجية لهؤلاء المرضى وتقديم الرعاية الصحية لهم.
من جهته حمل الناطق الإعلامي بشرطة المنطقة الشرقية العقيد يوسف بن أحمد القحطاني الأسر المسؤولية في عدم مراقبة أبنائهم المرضى وعدم الحرص على متابعة علاج مريضهم وتقديم الرعاية له.
وأضاف العقيد القحطاني أن هؤلاء المرضى يشكلون خطراً على أنفسهم لحظة تعرضهم للهيجان "مما نجد البعض منهم يرتكب بعض التصرفات غير العقلانية والعدائية حتى تتم تهدئته من خلال نقله إلى المصحة النفسية لتقديم الخدمات العلاجية له". ولم ينف العقيد يوسف ارتكاب البعض منهم لبعض القضايا الجنائية بل قال "المريض النفسي عندما يرتكب جريمة سرعان ما يتعرف عليها فريق التحقيق بأن وراء هذه الجريمة مريض نفسي حيث يتضح ذلك فيما بعد".
وطالب العقيد القحطاني جميع أولياء الأمور بمراقبة أبنائهم وحثهم على الابتعاد عن رفقاء السوء والعمل على عرض أبنائهم الذين يعانون من مرض نفسي على الأطباء والمختصين حتى يتمكنوا من الحصول على الاستشارات الطبية والرعاية والخدمات العلاجية قبل تطور ووصولها إلى ما لا يحمد عقباه.

لا حول و لا قوة الا بالله

على فكره

المسئوليه مشتركه

يعنى اذا كان الاهل اهملوا هؤلاء المرضى

فعلى الحكومة معالجتهم

ربنا يشفيهم جميعا