![]() |
![]() |
![]() |
#1
|
||||||||||
|
||||||||||
![]() ![]() امرأة سعودية...أعجبتني
تقدم وسائل الإعلام الغربية الرجل العربي على أنه صاحب فكرة «الحريم»، مع أن مفهوم الحريم الامبراطوري قد عرف عند الإغريق والرومان قبل 700 عام على ظهور الإسلام، بهندسة معمارية فصلت بين الجنسين في الأماكن والمواقع، غير انتشار ظاهرة الرقيق عند الرومان، وعليه، يكون من الإجحاف وصم العرب بآباء الحريم وهم الذين لم يخترعوه، وإن كانوا ولطمعهم بما تمتع به جيرانهم من البيزنطيين، قد استوردوا نظام الحريم الذي وافق هواهم وترفهم، ولكن بمحاكاة أضافت قوانين تجديدية لاسيما مساواة الجارية وحقوقها إن أنجبت ولدها من رجل حر، الأمر الذي خالف عرف الإغريق والرومان الذين كانوا لا يعترفون بأبنائهم من الإماء، وظلوا إلى يومنا يعانون من دوامة التمييز العنصري، لنلمس المفارقة بين الإغريق الذين صاغوا الديمقراطية الغربية، في الوقت الذي مارسوا فيه الاسترقاق بأشكاله، وبين العرب الذين تمايزوا بموقفهم المناهض للعبودية بفضل مبادئ الإسلام. الغريب في الأمر أن صورة نساء الحريم في لوحات الفنانين الغرب حامت حول الأنثى المحظية المستسلمة لمجيء سيدها، في تصور لا يتلاءم مع كتابات المؤرخين العرب عن امرأتهم التي وصفت بالذكاء والحكمة والتعطش للسلطة، فالاسترقاق والأسر في الحريم لم يكن مرادفاً للاسترخاء والخضوع في البيئة العربية، وكم من نساء تخطين حدود الحريم ومارسن السياسة أكثر مما كانت تسمح به تقاليدهن! وهنا لنا وقفة مع الأميرة لولوة الفيصل ابنة الملك فيصل بن عبد العزيز الذي اتخذ قراره يوماً بإلغاء الرق في السعودية والارتفاع بمكانة المرأة وتعليمها، إنها المرأة السعودية التي حضرت المنتدى الاقتصادي العالمي الأخير، وجاءت مقابلتها الفضائية الأسبوع الماضي من منتجع دافوس لتحيي من خلالها نساء وطنها بطلتها المحتشمة وكلامها الموزون عن دورها الإيجابي في العمل التعليمي، فلا يستكثر علينا التطلع لأمثالها من نساء السعودية وهي حفيدة موحد المملكة الملك عبد العزيز آل سعود وابنة رائد التضامن الإسلامي، وكم حفلت حكايات التاريخ والواقع بروايات استأثرت صويحباتها بالقلوب والسلطات بمؤهلات العقل والثقافة وحسن التدبير، فإن ترافقت بالحسن والحياء، فهي المرأة التي حجزت لنفسها مقعداً متقدماً في قطار الحياة، حتى وإن كان محيط قاطرتها لا يتعدى أسوار أسرتها؛ فنجاح الأنثى يقع في تفاصيل المطبخ وتربية النشء، تماماً كما يمر بإبداعات الفكر ودهاليز الحكم، ومن النساء وبدلا من كسر الحواجز، من قبلت بعالم الحريم، بإرادة فضلت التعامل مع العام انطلاقاً من الخاص، بلباس من الطيبة والهدوء وبوشاح من عزيمة لا تعرف اليأس، إنها الصور المتخيلة والمروية عن كثير من جداتنا، وأمهاتنا اللاتي أرضعْننا! ومع ذلك، هذا ما كان من نسائنا الأوائل اللائي كافحن للارتقاء بدرجات إضافية، وهو أيضاً ما كان يثير الزوابع أمام ظهور المرأة واختلاطها العلني، أما وقد دخلنا هذا القرن، بظروفه المعقدة ومغرياته المرهقة، فليس من المنطقي اختيار المجتمع لاستمرار الفصل في القوانين والوظائف بين جنسيه، فتستثمر طاقات جنس بمفرده (الرجال)، في مقابل بقاء وظيفة الإغراء المعهودة كاستراتيجية تعودت عليها النساء لانتزاع حقوقهن، ثم نفترض ضمناً ومع كل هذا الإرباك في ترتيب الأدوار اضطلاع الجميع بمهام بناء الوطن، كما وأنه ليس من المناسب كذلك مناداة المرأة بمساواة حقوقها مع الرجل، فإذا انخرطت في عملها، طالبت هذا الرجل بإعالتها والقيام بدوره التقليدي، لتضمن لنفسها مصدرين للدخل عوضاً عن مصدر واحد. يحيا المرء في منظومة نظام اجتماعي له قوانينه المنظمة، وبالتالي فإن بوصلة توجيه الغرائز التي يمارسها الفرد هي التي تفيد هذا النظام أو تضر به وليس الشهوات بذاتها، ولهذا تجد المجتمع ينقسم في ضبط الغريزة الجنسية إلى طريقتين، الأولى ومنها احترام الضوابط الجنسية بتعميق داخلي للموانع الجنسية ضمن عملية التنشئة، والثانية وتلجأ إلى الاحتياطات الخارجية القائمة على التفرقة المجتمعية بين الجنسين، إما لعجز مسبق في ترسيخ الموانع الجنسية أو لتوجس مشحون ومنتظر من الجنس الآخر، والمستغرب أن مجتمعات الغرب تنتمي إلى الصنف الأول، بينما تدخل مجتمعاتنا في التصنيف الثاني، ونحن الذين لا هم لنا سوى الفصل الجنسي والحديث عن الشرف والسمعة والمحاذير والوسائل المشروعة، مع أن الثابت علمياً أن المرأة أقدر على التحكم في ميولها الجنسية من الرجل، فهل جاء فصل الجنسين لحماية الذكر؟! إن تعزيز وضع المرأة المعيشي كعضو منتج يلزمه تطوير لشعور «المسؤولية» عند الرجل، وليس تحكمه بذاته سوى آلية داخلية وحدود يفرضها الرجل على نفسه، ولكنه ولاعتياده على التملص من تلك الرقابة، فهو لا يريد السماح للمرأة بمزاحمته فيضطر للتعامل معها والتقليص من راحته رسمياً، ولتختفي النساء ونكتفي بخروج الرجال، فهل استقامت الدنيا؟ بوجود التناقض بين ضرورات الواقع وطموحاته، وبين الأفكار المعطلة المختزنة، يكون قدر المرء هو الألم والفوضى والالتباس، فعندما يقتصر مفهوم الرجولة وفي هذا الزمن على الاقتصاد والسياسة، والأنوثة على الفتنة والاستهلاك، فكيف للموازين ألا تختلط ونسق القيم الذي ساد قروناً لم يعد يستجيب لمتطلبات الحياة العصرية، ولم يخرج علينا نسق غيره يعوض سابقه! وكيف يمكن للمرأة الشعور بكيانها الإنساني حين يكون العمل (قيادة المرأة السعودية للسيارة مثلاً آخر) امتيازاً يمارسه الرجل عليها، والذي هو في الأساس «حق من حقوقها»، وكيف يمكن للمجتمع ألا يتلاعب بالتقسيم وهناك توزيع غير مساو للسلطة يربط بين مجموعتين، واحدة رجالية تملك النفوذ في صفها، وأخرى نسائية أضعف منها وعليها التبادل الاجتماعي مع العالم المنفصل عنها، لتتشكل علاقة صراع مبنية على توتر طرف واستسلام ثان، في ازدواجية تغرس انفصاما مركبا في الشخصية، ثم نتساءل عن غياب الديمقراطية في سلوكنا! كلمة أخيرة: علينا المرور بثورة ثقافية نراجع معها نظرتنا للكون ولهويتنا الجنسية، ولنبدأ بصناعة الأزياء والأفلام التي يمرح فيهما خيال الرجل واحتكاره لهما، ونموذجه المعتمد للمرأة ـ السلعة، أما القبول بإعادة توزيع السلطات المجتمعية فمعناه السيطرة على أمرين: العنف والغريزة الجنسية. ![]() |
![]() |
|||||
المواضيع | المنتدى | اخر مشاركة | عدد الردود | عدد المشاهدات | تاريخ اخر مشاركة |
![]() |
محـليــــــــات | 0 | 13027 | 21/12/2013 01:19 AM | |
![]() |
محـليــــــــات | 0 | 9324 | 21/12/2013 12:42 AM | |
![]() |
منتدى حواء | 1 | 11526 | 21/12/2013 12:19 AM | |
![]() |
منتدى العرائيس | 0 | 13894 | 21/12/2013 12:13 AM | |
![]() |
منتدى الاحداث السياسية والجريمة | 0 | 9151 | 20/12/2013 11:12 PM |
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
![]() |
|
لا يوجد أعضاء |
|
|
![]() الإعلانات النصية ( أصدقاء الأكاديمية ) |
|||||
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |