إعادة النظر في دور المرأالتعليم ودور رجال الدين في تحصين المجتمعة ومناهج

إعادة النظر في دور المرأالتعليم ودور رجال الدين في تحصين المجتمعة ومناهج
تقرير نهاية العام: السعودية تطوي عاما مفصليا.. داخليا وخارجيا
الإصلاحات الداخلية
الدبلوماسية الخارجية
الدور السعودي لبنانيا
نجاحات اقتصادية

صورة أرشيفية للعاهل السعودي الملك عبدالله بن عبدالعزيز

بيروت-يو بي أي

تطوي السعودية عاما يكاد يكون من ابرز المحطات السياسة والاقتصادية والاجتماعية التي شكل فيها رحيل الملك فهد بن عبد العزيز وخلافة ولي عهده الأمير عبدالله المرتكز الأساس , فضلا عن التقدم في محاربة الإرهاب والجماعات المتشددة والإصلاحات الداخلية بدء من دور المرأة وصولا إلى عمليات الخصخصة. وشكلت المحطات هذه أفقاً كان مفتوحا برمته على عوامل أمنية وعسكرية ليس أقلها الأوضاع العسكرية في العراق وتغير القوى السياسية الوازنة فيه.

ولئن كان المراقبون يعتبرون ان رحيل الملك فهد بن عبد العزيز عن (84) عاما بعد حكم دام ربع قرن من ابرز الأحداث التي طاولت السعوديين وهزتهم , فإن تتابع الأحداث أكد تماسك نظام السياسي وعدم تأثر استقرار الحكم في المملكة.

ومع نهوض الملك عبد الله بأعباء الحكم , بدا أن المملكة تسير على إيقاع منتظم في سائر الأمور الداخلية والخارجية في آن معا, وأن ثوابت السياسة العامة على حالها وتتقدم وفقا لما هو مقرر لها سواء لجهة محاربة الإرهاب و"الفئة الضالة" وفق التسمية التي تطلقها السلطات السعودية على عناصر تنظيم القاعدة, أو لجهة إعادة النظر في التراكيب المجتمعية بدءا من دور المرأة ومناهج التربية والتعليم ودور رجال الدين في تحصين المجتمع من الغلو والتشدد وصولا إلى إجراء أول انتخابات بلدية.

ففي السياق الأمني,أثبتت السعودية تقدما في محاربة الإرهاب وملاحقة عناصر تنظيم القاعدة, إذ شهد العام الجاري تراجع العمليات الإرهابية بعد الهجمات الاستباقية التي قام بها رجال الأمن .

وأعلن وزير الداخلية السعودي الأمير نايف بن عبد العزيز في فبراير/شباط الماضي أن موجة الاعتداءات التي شهدتها المملكة خلال العامين الماضيين أوقعت 215 قتيلا, هم 92 مشبوها و30 مدنيا و93 شرطيا وبلغ حجم الخسائر المادية أكثر من مليار ريال سعودي (حوالي 265 مليون دولار) وإحباط 52 هجوما إرهابيا.

وعززت المملكة تحركها العملاني بمؤتمر سياسي استضافته في الثامن من شهر فبراير الماضي وانتهت أعماله بإعلانه تبنيه مقترحا بإنشاء مركز دولي لمكافحة الإرهاب قدمته السعودية التي تواجه منذ أيار/مايو 3 0 0 2 تحركات وهجمات أنصار القاعدة.

وفي السادس من شهر فبراير تمكنت قوات الأمن السعودية من قتل احد ابرز المتشددين الإسلاميين المطلوبين هو عبد الرحمن اليازجي العضو في الفرع السعودي لتنظيم القاعدة في الرياض في مواجهة مع قوات الأمن, ولاحقا أعلنت وزارة الداخلية السعودية أن المداهمات التي نفذتها أجهزة الأمن ضد عناصر القاعدة سمحت بمنع حدوث اعتداءات كانت "وشيكة" في المملكة عموما وفي الرياض خصوصاً.

كما أعلنت السلطات السعودية عن لائحة جديدة تضم أكثر من 0 3 مطلوبا اغلبهم من السعوديين, في قضايا ترتبط بالإرهاب منهم 6 1 مطلوبا داخل المملكة هم 5 1 سعوديا ومغربيا واحدا إضافة إلى 9 1 مطلوبا خارج المملكة بينهم 3 تشاديين وموريتاني ويمني وكويتي والبقية سعوديين.


الإصلاحات الداخلية

واستحوذت الإصلاحات الداخلية على الاهتمام الأبرز,إذ انطلقت في التاسع والعشرين من شهر يناير أول انتخابات بلدية في تاريخ المملكة التي جرت على ثلاثة مراحل, بعدما كان وزير الخارجية الأمير سعود الفيصل قال في فبراير أن المملكة ليست مستاءة من الدعوة إلى إصلاحات ديمقراطية فيها.

وأعقب ذلك , إعلان الأمير الفيصل انه سيعيّن خلال العام 5 0 0 2 نساء للعمل في الوزارة, معتبرا أن "دور المرأة شهد تغييرا سريعا". وتلا ذلك تطور آخر لافت من حيث دلالاته الديمقراطية والاجتماعية إذ أثار عضو مجلس الشورى محمد آل زلفة جدلا داخل المجلس "الاستشاري" حينما طالب بضرورة تطرق المجلس إلى مناقشة قيادة المرأة للسيارة في المملكة المحافظة .

ولم تلبث أن أعلنت وزارة الخارجية في الثاني عشر من الشهر اغطس/آب الماضي انه تم البدء في ترشيح خمس سعوديات لتولي مناصب رفيعة في الخارجية من بينها وظائف بدرجة سفير.

وفي السابع والعشرين من شهر سبتمبر اقر مجلس الوزراء السعودي نظاما جديدا للعمل يسعى إلى إحلال المزيد من العمال المحليين محل العمال الأجانب ويسمح للمرأة بالعمل في كافة المجالات "التي تتوافق مع طبيعتها", وكان هذا الإقرار بداية لتغييرات عبرت عنها الأميرة عادلة بنت العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز في حديث مع صحيفة "الحياة" , قائلة إن عضوية المرأة في مجلس الشورى السعودي "مسألة وقت" وانه سيصار إلى السماح لها أيضا بقيادة السيارة "في الوقت المناسب".

وكان أول غيث دخول المرأة إلى ميدان صناعة القرارات عندما سمحت السلطات, ولأول مرة في تاريخها, لسيدات الأعمال العضوات في غرفة تجارة وصناعة جدة (غرب) بالترشح لانتخابات عضوية مجلس إدارة الغرفة والتي أجريت في تشرين الثاني/نوفمبر المقبل.

وبعدها توسعت دائرة الإصلاحات التحررية في المملكة المحافظة, حيث أعلن عن أن السلطات في المملكة سمحت بفتح دور للسينما لعرض أفلام سينمائية للأطفال خلال أيام عيد الفطر, لتكون أول عروض سينمائية بعد عشرين سنة على منعها, واقتصر الحضور على النساء والأطفال.

وتدخل رجال الدين في تعزيز حماية المرأة, عندما دعا مفتي عام السعودية ورئيس هيئة كبار العلماء الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ الى معاقبة من يجبر المرأة على الزواج بمن لا ترضاه زوجا مؤكدا أن ذلك يعد "من اكبر أنواع الظلم" ليكسر بذلك التذرع الاجتماعي للسلطة الأبوية.

ووصلت المملكة في إصلاحاتها حدا لافتا بعدما أعلنت الحكومة عزمها على إنشاء هيئة حكومية لحقوق الإنسان تهدف إلى حماية حقوق الإنسان وتعزيزها ونشر الوعي بها والإسهام بضمان تطبيق ذلك في ضوء أحكام الشريعة الإسلامية.


كما عفا الملك عبد الله في الثامن من شهر أغسطس الماضي عن ثلاثة معارضين وهم عبدالله الحامد ومتروك الفالح وعلي الدميني وسعيد بن زعير الذين حكم عليهم في 5 1 أيار/مايو الماضي بالسجن تسعة وسبعة وستة أعوام على التوالي بتهمة الدعوة إلى "قيام ملكية دستورية واستخدام مصطلحات غربية في طلبهم إجراء تغييرات سياسية في المملكة".

وبعد يومين طالب العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز مواطنيه عدم تقبيل يده أو يد أفراد العائلة المالكة, مؤكدا "أن هذه العادة أمر دخيل على تقاليد المملكة ولا تقبله النفس الحرة الشريفة إلى جانب انه يؤدي إلى الانحناء وهو أمر مخالف لشرع الله والمؤمن لا ينحني لغير الله الواحد الأحد".


الدبلوماسية الخارجية

وفيما كانت المملكة تعيد صياغة الداخل, انطلقت إلى الخارج بدبلوماسية مدفوعة بالمصالح حينا وبالانتماء للواقع والجغرافيا أحيانا أخرى. ففي الأسبوع الأول من تولي العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز مقاليد الحكم في المملكة اصدر أمرا بالعفو عن ليبيين كانا اتهما بالتآمر لقتله ما سبب أزمة علاقات مع الجماهيرية الليبية أدت لاحقا إلى تعليق التمثيل الدبلوماسي بين البلدين, وفي السادس من شهر يناير الماضي أعلنت مصادر في وزارة الخارجية الليبية أن السفير الليبي في الرياض محمد سعيد القشاط سيعود إلى بلاده بعد أن طلبت منه السلطات السعودية مغادرة أراضيها.

لكن الأمر لم يدم طويلا إذ أعلن القشاط في الثاني عشر من شهر ديسمبر انه عاد إلى ممارسة مهامه وذلك بعد انقطاع دام زهاء السنة. وفسر مراقبون سعي المملكة إلى تجاوز الأزمة مع ليبيا بأنه كان مقدمة لبلورة موقف سياسي عربي إزاء ما تشهده المنطقة من تغيرات سببها الأول الوضع في العراق.

ودفع الوضع العراقي بوزير الخارجية السعودي إلى انتقاد السياسة الأميركية واتهامها بالسماح لإيران بالتدخل في الشؤون العراقية. لكن مبادرة الجامعة العربية إلى الدعوة لعقد مؤتمر تمهيدي للوفاق
العراقي بحضور السعودية والأردن وبمشاركة فاعلة من القوى السنية العراقية دفع بالأمير الفيصل إلى تعديل موقفه والحديث عن توازن ينبغي أن يكون قائما من خلال انتخابات برلمانية حصلت في العراق في منتصف شهر ديسمبر وأيضا بمشاركة سنية خففت إلى حد ما أعمال المقاومة ضد القوات الأميركية التي اجتاحت بغداد في نيسان 2003.


الدور السعودي لبنانيا

ولم يقتصر الدور الدبلوماسي السعودي على الخليج بل حضر بقوة في بيروت على اثر اغتيال رئيس الحكومة اللبنانية الأسبق رفيق الحريري الذي كان يمثل رعاية المملكة لاتفاق الطائف الذي أنهى الحرب الأهلية التي انتهت عام 0 9 9 1 بعدما استمرت 5 1 عاما .

ودعت السعودية في مارس الماضي سورية إلى سحب قواتها من لبنان الذي دخلت إليه منذ اندلاع الحرب الأهلية عام 1976. وفي سياق العمل الدبلوماسي السعودي للحد من تأثير التغييرات الدراماتيكية على المنطقة قفزت المملكة فوق التناقضات التي كانت تظهر أحيانا بسبب مواقف دبلوماسية وأحيانا أخرى تحت عنوان نزاعات حدودية.

وفي هذا الإطار, نفى وزير الداخلية السعودي الأمير نايف بن عبد العزيز في فبراير الماضي وجود خلاف حدودي بين بلاده ودولة الإمارات العربية المتحدة وذلك تعقيبا على تصريحات أدلى بها مسؤولون خليجيون تحدثت عن توتر بين البلدين بعد بروز نزاع حدودي قديم يرجع إلى السبعينات. وكان لهذا الأمر لو وجد طريقا إلى الخلاف أن يضيف مزيدا من الإرباك على التنسيق بين الدول العربية عموما والخليجية خصوصا.


نجاحات اقتصادية

ولم تقتصر النجاحات السعودية على الشؤون السياسية والأمنية بل تعدتها الى الحيثيات الاقتصادية والاجتماعية, إذ كان الأبرز في هذا السياق انضمام المملكة إلى منظمة التجارة العالمية بعد حوالي 2 1 عاما من المفاوضات , والإعلان عن أكبر ميزانية في تاريخها لسنة 6 0 0 2 والتي بلغ فيها حجم الإنفاق 5 3 3 مليار ريال والإيرادات 0 9 3 مليار ريال بفائض قدرة 5 5 مليار ريال .

وأعلنت مجموعة "سامبا" المالية السعودية أن اقتصاد المملكة في العام 4 0 0 2 حقق نموا بلغ 3 ,5 % بفضل الارتفاع القياسي لأسعار النفط والأداء "الجيد جدا" للقطاعات غير النفطية.

وما ساعد المملكة على تحقيق ثبات اقتصادي ارتفاع أسعار النفط عالميا إلى مستويات قياسية , في ظل توقعات المراقبين بان لا يتراجع سعر البرميل عن الخمسين دولارا.

وأعلن وزير النفط علي النعيمي ان المملكة تخطط لرفع طاقتها الإنتاجية النفطية إلى 5 ,2 1 مليون برميل يوميا خلال السنوات الأربع المقبلة, وتدرس إمكانية رفعها حتى إلى 5 1 مليون برميل إذا تطلبت أسواق النفط ذلك, معتبرا انه من الممكن أن يتضاعف الاحتياطي النفطي لبلاده مع 0 0 2 مليار برميل إضافي تضاف إلى 1 6 2 مليار برميل حاليا.

وأعلنت شركة "ارامكو" الحكومية النفطية السعودية أنها منحت ثمانية عقود لشركات محلية وأجنبية بشأن مشروعين عملاقين في مجالي النفط والغاز بدون ان تحدد قيمة هذه العقود.

ومن المقرر أن يعرض وفد اقتصادي سعودي خلال زيارة عمل سيقوم بها أواخر الشهر المقبل إلى بريطانيا حقيبة استثمارية حجمها 3 .2 تريليون ريال ( 0 0 6 مليار دولار), وذلك ضمن النشاطات الخارجية للجنة التجارة الدولية بمجلس الغرف السعودية للعام 2006.

ويتوقع مراقبون بأن يتشابه جزء من العام المقبل مع نهاية العام الحالي لان ما بدء به لم ينته بعد.