دعوة لإصدار فتوى شرعية تُحِّرم المماطلة في سداد قروض التنمية العقاري

دعوة لإصدار فتوى شرعية تُحِّرم المماطلة في سداد قروض التنمية العقاري

تراخي إجراءات تحصيل المتأخرات السبب الرئيس لأزمة الصندوق

تحليل: غسان بادكوك *

المواطنون الذين ينتظرون دورهم في الحصول على قروض صندوق التنمية العقاري استبشروا خيراً بظهور عدد من مسئولي الصندوق على صفحات ''عكاظ'' مؤخراً وأوضحوا بعض المعلومات التي تهم المقترضين.

كنا نأمل أن تشمل تلك الأرقام جميع مناطق المملكة ولا تقتصرعلى منطقة مكة المكرمة فقط وأن تتضمن أيضاً مقدار المبالغ التي يتم استردادها شهرياً وحجم المتأخرات على مستوى المملكة ومقدارها في كل منطقة.

هذا الانفتاح الإعلامي غير المسبوق لمسئولي الصندوق من شأنه تحسين ''صورة'' هذا الجهاز التمويلي التي اهتزت أمام الرأي العام في السنوات الأخيرة نتيجة للبيروقراطية التي غلبت على أدائه وأعاقت تطويره وأدَّت إلى إطالة فترة الانتظار وتذمر المقترضين المنتظرين.

نقص المعلومات:

مدير عام الصندوق المهندس محمد الحربي تجاوب مشكوراً مع أسئلة ''عكاظ'' حيث أشار إلى إرتفاع عدد المستفيدين من الدعم الذي قدَّمه خادم الحرمين الشريفين - يحفظه الله- للصندوق خلال العامين الحالي والماضي ليبلغ 66 ألف مواطن في مختلف مناطق المملكة إلا إنني أشبِّه هذه المعلومة المُبتسرة بمن يستشهد بالآية الكريمة (يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة) دون أن يُكملها فسعادته لم يُشِر إلى العدد الإجمالي لطلبات القروض القائمة التي لم يتم الموافقة عليها بعد والتي تُقدَّر بمئات الآلاف وذلك بهدف إحاطة أو تذكير ولاة الأمر والمواطنين بحجم التحديات التي يواجهها الصندوق وأنه بصرف النظرعن مقدار الدعم فإنه سيُعتبر بمثابة مُسكِّن مؤقَّت ما لم يتم معالجة السبب الرئيسي لخلل الصندوق حتى يتمكَّن من القيام بدوره في عملية التنمية ويُحقِّق أهدافه المرسومة.

تحصيل المتأخرات :

حديث المهندس الحربي تضمَّن إشارات قوية إلى إنتهاج الصندوق آليات جديدة من شأنها تفعيل عملية إلزام المقترضين بالسداد المنتظم ومنها فتح حسابات موحدة لدى البنوك وربط منح القرض بالسداد الشهري الأمرالذي يؤدي إلى توفير المزيد من المبالغ التي يستفاد منها في تمويل قروض جديدة.

ومع تقديرنا لسعي الصندوق لتطوير أسلوب عمله بتطبيقه مثل هذه الآليات , إلا أن تطبيقها سيقتصر بطبيعة الحال على القروض الجديدة في حين أن أزمة الصندوق الفعلية - كما هو معروف ومُتداول في أوساط المجتمع- تكمن في إيجاد وسائل فعَّالة ومُلزمة في تحصيل المتأخرات الضخمة التي أدَّت إلى إطالة فترة إنتظارالقرض لنحو 14 عاما وحدَّت من قدرة الصندوق على تلبية طلبات المواطنين خلال فتره معقوله وذلك على الرغم من إرتفاع رأس مال الصندوق إلى نحو 91,8 مليار ريال بعد الزيادة الأخيرة.

من جانب آخر, أرجو أن يتفق معي كل من مسئولي وزارة المالية والصندوق على ضرورة تطوير إجراءات واضحة ومحددة وصارمة نحو التعامل مع المُمتنعين أو المتأخرين عن سداد قروض الصندوق.

مقترحات للصندوق :

وطالما أن إدارة الصندوق قد عقدت العزم على تطوير التنظيمات الخاصة بعمل الصندوق كما أشار المهندس الحربي, فإنني آمل أن نعرف رأي سعادته في كيفية التعاطي مع مشكلة تحصيل المُتأخرات المتراكمة وكذلك رأيه في المقترحات التالية:

1 - بيع الصندوق لكل أو جزء من محفظة القروض المتعثرة إلى جهات متخصصة لديها من الإمكانيات والخبرات ما يُمكِّنها من تحصيل تلك الأموال.

2 - تعاقد الصندوق مع شركات تتولى مهام التحصيل مقابل نسبه من المبالغ المُحصَّله وهو إجراء شائع في قطاع الأعمال.

3 - تنفيذ الصندوق حملة وطنية إعلامية وإعلانية برعاية كبريات الشركات والصحف في المملكة تستهدف حث المقترضين على الإلتزام بالسداد مع توظيف الخطاب الديني والإنتماء الوطني في الرساله المُوجَّهة للجمهور المستهدف بالحمله .

أيضاً قد يكون من المفيد في هذا الصدد قيام الصندوق بالعمل على إستصدار فتوى من فضيلة مفتي عام المملكة أو هيئة كبارالعلماء تُبيِّن الحكم الشرعي لمُماطلة المقترضين المقتدرين في السداد و أكل مال الصندوق بالباطل وأن توضِّح أيضاً مدى مشروعية بيع المرهون لصالح الصندوق وذلك بعد رفع دعاوى قضائية أمام جهات الإختصاص لإنفاذ البيع . كما يُمكن للصندوق مناقشة الجهات المعنية حول إمكانية وسرعة تطبيق أحكام الرهن ضد المقترضين المماطلين.

هذه الفتوى لو صدرت ستكون بمثابة دعم كبير لمساعدة الصندوق على إسترداد حقوقه على نحو يخدم مصالح البلاد وإحتياجات المواطنين لاسيما محدودي الدخل منهم.

حتى لا نُجانب الموضوعية, فإنه ينبغي الإشادة بإحدى المزايا الكبرى التي يكاد ينفرد بها صندوق التنمية العقاري دوناً عن الكثير من الأجهزة الحكومية ويلمسها المواطنون والمقترضون إلا وهي حرص الصندوق على التطبيق الصارم لقاعدة الأولوية في التقديم وعدم وجود تجاوزات أو مجاملات يترتب عليها التلاعب بـ ''السرا'' الخاص بقوائم الإنتظار.