حروب لا تراعي فارق التوقيت! *محمد دياب

حروب لا تراعي فارق التوقيت!

حينما تحجبت مذيعة في إحدى القنوات العربية الإخبارية قبل ثلاث سنوات تقريبا سارع محرر في إحدى المواقع الإلكترونية الشهيرة إلى شن حملة شعواء عليها، وجعل من قصة حجابها أم القضايا، فربط بين حجابها وسيطرة تيار ديني على القناة التي تعمل بها، وأن حجابها قد تزامن مع موجة أصولية فاشلة تشن في فرنسا لفرض الحجاب في المدارس الفرنسية، كما استعان المحرر برأي «خبير إعلامي» تمخضت خبرته إلى الإشارة بأن المسألة قد تكون ذاتية نتيجة عامل السن ونحو ذلك من التحليلات الغامزة على حجاب تلك المذيعة.. وقد كتبت يومها واصفا ذلك المحرر بأن لديه عقدة شخصية مع الحجاب، بحيث جعل من مسألة ارتداء مذيعة له مؤامرة ذات صلة بما يجري في فرنسا والشيشان وبلاد واق الواق، وحسنا أنه لم يحملها مسؤولية ثقب الأوزون، وقد تمنيت على ذلك المحرر أن يحترم خيارات الإنسان سواء كان هذا الإنسان عاديا أو نجما بدلا من أن نجعل من مسألة حجاب تلك المذيعة قضية نثير من خلالها نقع الكلام.

تذكرت تلك الحملة المحمومة وأنا اقرأ قبل أيام خبر الحرب التي استعرت في الفترة الأخيرة بين فنانات محجبات وغير محجبات، فالمحجبات قمن بإصدار قائمة سوداء تتضمن اسماء فنانات غير محجبات دأبن ـ على حد قولهن ـ على مهاجمة وانتقاد الفنانات المحجبات، وقد ضمت القائمة هذه عددا من الفنانات الشهيرات، وهذه الحرب لو صحت فإنها تعكس نمطية ثقافة فضولية طارئة تتدخل في خيارات الآخرين وتسعى إلى فرض وصايتها على سلوكياتهم.

إن هذه المعركة ـ رغم اختلافها النوعي ـ تأتي ضمن سياق التصنيفات الحادة التي تقسم المجتمع العربي في الكثير من جوانب الفن والأدب والسياسة والفكر وغيرها، وتسببت في نشوء الكثير من الثنائيات المتنافرة: حداثي وتقليدي، ليبرالي ومحافظ، تقدمي ورجعي، يساري ويميني، وغير ذلك من التقسيمات المربكة والمخاتلة والمتسرعة التي تسعى إلى خلق خصومات تستند إلى تصنيفات لا تتسم في مجتمعاتنا العربية بالدقة الكافية.

وفي خبرات كل واحد منا الكثير من الشخصيات التي تتناقض مع تلك التصنيفات الجاهزة التي سجنهم الآخر في إطارها فاقتربت في أذهان العامة بفعل التكريس إلى ما يشبه الحقيقة رغم أنها لا تمثل واقع تلك الشخصيات ولا تتصل بقناعاتهم الجوهرية.. فمن يوقف هذه الحروب «الدون كيشوتية» التي استوردنا جل تصنيفاتها من الغرب دون مراعاة فارق التوقيت الثقافي والفكري؟

الحقيقة تعددت اساليب الحرب على الاسلام والمسلمين

فكل يوم يظهر لنا احد المتشدقين بقرار او فكرة لو نفذت لنسفت كل المعتقدات الجميله والاصيله والشرعيه

ولكن هل نمنحهم الفرصة للاستمتاع بما يصبون اليه ام نقف امامهم لنقول لهم لا والف لا

شكرا