حزام العفة!شر البلية ما يضحك، محمد صادق دياب

حزام العفة!

إن كان شر البلية ما يضحك، فلقد أضحكني كثيرا ذلك الخبر الذي أوردته إحدى وكالات الأنباء الجمعة الماضية عن عالم دين ماليزي يقترح أن ترتدي المرأة حزام العفة «!!!».. ولولا ضيق المساحة لأكثرت من علامات التعجب والتحسر هذه.. فهل ثمة إهانة يمكن أن توجه للمرأة أكثر من ذلك؟!

ولست أدري لماذا كل هذا التوتر المتصل بالمرأة، حتى غدت شغلنا الشاغل، وكأننا نكتشف هذا الكائن الإنساني الذي اندلق علينا من المجهول لتونا، فحصة المرأة من الفتاوى والآراء والدراسات تفوق حصة الكون بأكمله، فالغالبية اليوم تريد أن تنظر على حساب المرأة، وتتعالم بادعاء فهم طبيعتها وسيكلوجيتها وكنهها.. ولو أن سيمون دي بيفوار على قيد الحياة فلربما لن تكتفي بالقول: «المرأة وحدها تعلم ما معنى أن يكون الكائن الإنساني امرأة».

وفي خضم هذا الكم من الإرباك سعدت أن أقرأ للكاتبة السعودية أميرة كشغري مقالا بعنوان «لماذا أشكلت المرأة على المجتمع»، عبرت فيه عن دهشتها لتسليط الضوء على المرأة بهذا التركيز وكأنها مركز الكون وإحدى أبرز إشكالياته، وتساءلت: لماذا أصبحت المرأة تستحق كل هذه العناوين والدراسات دون أن يستثير ذلك في ذهننا أي بارقة تعجب؟ ألأنها مخلوق من كوكب آخر، أم لأنها إنسان ليس من صنف البشر؟ أم لأنها ما زالت قضية عصية على الفهم والحل؟ أم لأنها ما برحت تعاني من واقع يتعامل معها وكأنها ليست إنساناً يتمتع بالحقوق الشرعية والمدنية التي يتمتع بها الرجل؟

ومع الكاتبة كل الحق، فهذا الكم من الاهتمامات الشكلية بالمرأة لا يمكن أن يعبر عن فهم لطبيعة المرأة ككائن إنساني مثله مثل الرجل، وأجزم أن المرأة العادية غير القادرة على فلترة ما يصلها من هذه المؤثرات تعيش حالة إرباك وحيرة ودوار، فلمن تمنح أذنها وسط «حراج» الأصوات؟ ولمن تسلم عقلها في خضم كل هذه التناقضات؟!

وليس أمام المرأة في تقديري والحالة هذه سوى أن ترحل من جديد إلى الكوكب الذي هبطت منه بالأمس، ففي كوكبنا «الليل داج والكباش تنطح، ومن نجا برأسه فقد نجح».