كم نلاقي السيئة ؟ وكم هي قاسية ؟ وكم هي مؤلمة . نتلقاها من القريب والبعيد . وما أثقلها من
القريب . تبقى زمناً في الصدور . قد تُدفن وقد يزيد عُمقها ، أُسرٌ ،وأفراد ،وجماعات تفرقت بسبب يستحق وقد لا يستحق . كان الشيطان وليهما ، أجاد الشيطان مهمته بل أتقنها كما وعد . يحدو بك الاستغراب من أولئك ، في مجلس واحد لا يكاد يحتمل أحدهما الآخر ، يُسلط كل منهما سهام نظره ،ويود أن يُقطّعُ بها كَبِده إرباً . لو تمعّنتَ في السبب لوجدته تافهاً لا يسوى كل ذلك الخصام . لكن كلٌ يقول لا صوت يعلو صوتي . أخذته العزة بالإثم . في المجلس الواحد يحدث الهمز واللمز والتقليل من الشأن . عُلماء النفس لهم كلمة في هذا . قد يفقد الإنسان ثقته في نفسه ويُدرك تماماً أنه ناقص ،مقارنة بغيره ، لا يجد حلاً إلاً التقليل من الآخرين . مرض عُضال أصاب بعضنا . يمتلك قلباً يغلي كصوت المرجل ، حقداً وكُرهاً ،وبُغضاًً لغيره . قد تكون التربية والبيئة لها دورٌ في ذلك . الطفل يُعتاد هذا من أبويه حتى يصبح شاباً يافعاً، وقد تلقى منهما ما يستطيع مقارعة غيره . الجهل في الأسرة وعدم معرفتهم بطريقة التعامل مع غيرهم ،بل آداب الإسلام التي علمنا إياها رسول الله . كان عليه السلام مدرسة ولازالت وستبقى مدرسة يتتلمذ بها أجيالاً صدقوا الله فصدقهم . الجشع وما يتبعه من ضغائن في النفوس تطفو أحياناً وتبقى في الخفاء أحياناً أخرى . إن دخلت مجلس به من أصابه ذلك المرض ينظر إليك وكأنك من كوكب آخر ، لم تترعرع بينهم ولم تُربى مع أطفالهم . الفطن منا يمتثل لقول الحق تبارك وتعالى :
وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ }فصلت34