06/05/2009, 03:56 PM
|
|
صندوق الاستثمارات العامة والتمويل العقاري
صندوق الاستثمارات العامة والتمويل العقاري
كلمة الاقتصادية
يعدّ نظام الرهن العقاري المتوقع صدوره قريبا, من أهم الأنظمة من حيث التأثير الفعلي في العمل الاقتصادي المحلي, خصوصا ما له علاقة بنشاط التطوير والتمويل العقاري، فالمملكة اليوم تعتبر في حاجة ماسة إلى عشرات الآلاف من المساكن سنويا لتلبية الطلب عليها، كما أن المشترين في حاجة ماسة إلى نظام يوفر لهم القروض التي يستطيعون من خلالها امتلاك منازل لهم بأقل تكلفة تمويلية وبضمانات كافية، وفي الجانب الآخر فإن الممولين يحتاجون كذلك لنظام يساعدهم على إتمام عمليات التمويل بطريقة تكفل لهم حقوقهم وتساعدهم على تطوير نشاطهم.
البنوك من جهتها تعلم أن نشاط التمويل العقاري من أكثر الأنشطة ربحية, لكنها لم تتوسع فيه في السنوات الماضية, لأنها تبحث عن أرضية نظامية صلبة تكفل تخفيض المخاطر المرتبطة بهذا النشاط، من هنا جاءت الفجوة بين العرض والطلب على القروض العقارية, وهذا ما أسهم في ارتفاع تكلفتها على المقترض.
قلنا في كلمة سابقة إن نشاط التمويل العقاري ليس تجاريا حتى يتبع وزارة التجارة, بل هو نشاط مالي بامتياز, وهو ما يتطلب إشرافا مباشرا من مؤسسة النقد مثله مثل نشاط التأمين الذي وضع أخيرا تحت إشرافها، وهذا ما نأمله أن يتحقق في القريب العاجل ـ بإذن الله ـ لسبب بسيط, وهو أن حجم العمليات المتوقعة لهذا النشاط إذا ما تم تفعيل نظام الرهن العقاري سيكون بمئات المليارات خلال سنوات قليلة.
إن منع المساهمات العقارية التقليدية وفتح المجال أمام الصناديق العقارية المنظمة, يصب في تنظيم عمليات التطوير, كما أن نظام الرهن العقاري يصب في تنظيم عمليات التمويل, وهما إجراءان مكملان لبعضهما بعضا وسيدفعان إلى توسع كبير في النشاط العقاري في المستقبل.
لكن البنوك وشركات التقسيط الحالية غير قادرة على مسايرة الطلب المتزايد على عمليات التمويل طويلة الأجل مثل تمويل المساكن, حتى مع تفعيل نظام الرهن العقاري، وهو ما يتطلب تدخلا حكوميا نادينا به في كلمة سابقة, وها هو يظهر على أرض الواقع، حيث صرح الأمين العام لصندوق الاستثمارات العامة, بأن الصندوق مهتم جدا بدخول نشاط تمويل المساكن بعد إقرار نظام الرهن العقاري، وإذا ما حصل ذلك فعلا, فإنه سيحدث انتعاشا كبيرا لسوق العقارات، كما أنه سيسهم في امتلاك الآلاف من الأفراد مساكن لهم في السنوات المقبلة.
البنوك لا تستطيع أن تمول بجزء كبير من سيولتها امتلاك المساكن, لأنها تحتاج إلى هذه السيولة في الإقراض قصير ومتوسط الأجل، من هنا تأتي أهمية دخول صندوق الاستثمارات العامة لنشاط التمويل العقاري.
في رأينا, أن الصندوق بتوجهه هذا يضرب عصفورين بحجر واحد، فهو من جهة يوفر سيولة كبيرة للباحثين عن مساكن سيستفيد منها المطورون في إنشاء مزيد منها خلال السنوات المقبلة، ومن جهة أخرى فإنه يوفر قناة استثمارية آمنة إلى حد ما ستمكنه من توظيف جزء من احتياطياته الضخمة بعوائد أعلى من تلك التي يحصل عليها من الأسواق العالمية, أو بالطرق التي اعتاد الصندوق أن يستثمر من خلالها.
دخول الصندوق نشاط التمويل العقاري وإقرار نظام الرهن العقاري, سيحدثان تحولا كبيرا ومهما في سوق العقارات داخل المملكة, وهو ما تحتاج إليه فعلاً.
|