بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
السلام ورحمة الله وبركاته
نستهلك كل شيء أطعمة .. سيارات ، ملابس ، أدوات كهربائية وصحية نستقدم سباكين ، كهربائيين ، نجارين ، أطباء ، مهندسين ، كل شيء ، وعندما تجول بنظرك لأقرب شارع من منزلك تشاهد بأم عينيك العجب العجاب ، إذ لا يمكن أن تحدد منتجاًَ محلياً ، حتى عيدان الكبريت تأتي برسم الخدمة من أقاصي الصين لتشعل في حشاشة قلوبنا البؤس والحرقة ولتؤكد أننا في عداء مع الإنتاج .
وطئت قدماي بلاط رخامي لامع في أحدى الفلل الفارهة وتشتت نظري وعقلي في موجوداته ، رخام جاء محمولاً بالباخرة من ايطاليا وأبواب ونوافذ جاءت من واق الواق وأجهزة تلفزيون من اليابان وأمريكا ، بل حتى الأنفس التي تعيش في الفيلا من سائقين وخدم جاءوا من اندونيسيا وبنجلادش والفلبين ، حين دلفت من بوابة الفيلا تسربت إلى انفي من الفضاء القريب رائحة نفاذة ، فرحت قلت ربما هذا المنتج المحلي !! إلا أن سحابة البخار ملأت أنفي برائحة الأندومي لم أتيقن هل هي كاري بالدجاج أم كاري بالشعيرية ؟
بعدها سرحت بذهني لعلّي أصل إلى إجابة مقنعة ، لماذا ؟!
تيقنت أن التعليم هو السبب الأساس . إذ تكرس مدراسنا على التعليم النظري وتهمل الجوانب التطبيقية ، نجيد رسم دائرة كهربائية على صفحات كراس الرسم إلا أننا نعجز عن فهم الأسرار التي دفعت بالتيار الكهربائي في مفاصل الماتور لتتحرك السيارة ..
نجيد حل مسألة فيزيائية في منتهى التعقيد باستخدام أكثر من نظرية إلا أننا نتلكأ أمام عمل تطبيقي فيزيائي ، هكذا نتعلم إلا نتعلم .. وهكذا نظل نرواح في مواقعنا شئنا أم أبينا ، نثرت وزارة التربية والتعليم قبل سنوات دليل تنمية مهارات التفكير ، وكأنه أكسير الحياة التعليمية ومكث الدليل رهين الأدراج ، المسألة ليست أبدا في كتاب يُطبع ويًوزع , المسألة في بناء إستراتيجية تحرك كل التروس الصدئة ، لتتحرك عربة التعليم بشكل يتواءم مع التنامي الحضاري والتقني المذهلين ، لايمكن لأي أمة من الأمم أن تتقدم وتنهض دون تعليم ,والتعليم الذي نقصده ليس التلقين والحفظ كما هو سائر في بلدان الوطن العربي ، بل التعليم الذي يحقق المعرفة ومن ثم الإنتاج ، التعليم الذي يتهجى كل المفاصل الصغيرة لأجهزة الكمبيوتر ووسائل التقنية الحديثة ، التعليم الذي يجعلني وأنت نفاخر بالمنتج المحلي ، بل نتجاوز المحلي للعالمي ، ليصبح لنا بصمة صناعية خاصة ، ليصبح لوطننا كعب عالٍ بين أمم العالم المتقدم ، يجعلنا ننتزع اللقب الذي وُسمت به دول شرق أسيا لينضم نمرُ إلى مصفوفة النمور الشرق أسيوية .
جمعان الكرت
عضو نادي الباحة الأدبي
راق لى ونقلته