دقات الساعة ترعبنا ولكن هل فكرت فى الوحدة والصمت ومنتصف الليل 00

دقات الساعة ترعبنا !!

الزمان : الساعة الثانية والربع بعد منتصف الليل ..المكان ..الحجرة الكبيرة في مساحتها الصغيرة .. حينما يشعر الإنسان بوحدته حيا .. وبعد أن يسمع خطوات الآخرين فوق الأرض خارج غرفته تذكر حينها لحظات الوحدة في القبر.. تلك الغرفة قبل الممات والتي تعطيك الراحة من تعب يومك ..هناك وفي وسط الوحدة القاتلة ..والصمت يلف كل شيء .. تدرك وتتأمل وتنصت وكأنما الأمر ينتابك ولأول مرة أن الكل نيام .. لا يوجد من يصحو إلا شخصك الذي استعصى عليه النوم ..فتنهض جالسا ويبدأ الرعب يدخل من أطراف شعر رأسك .. وتصاب الأقدام بخطوات النمل .. إنه الخوف .. ولم يكن خوفا من تلك الإشاعات أو الجان أو الوحدة والصمت بل كان خوفا من تلك الدقات المتلاحقة المتصارعة المتضاربة التي تهدد الجميع متحدية ذلك الصمت الرهيب .. قائلة هذه الثواني جزء من وقتك يمضي بل هو جزيئات السنوات .. إنها دقات الساعة التي ترعب المتأمل الآن وغدا ..دقات تصول في مفاصلك فتذكرك ليزداد رعبك وحزنك على نفسك والآخرين!.
مؤشر مصيرنا نضعه تحفة في مجالسنا وفي حجراتنا ونعرف منه مواعيد خروجنا ودخولنا .. مؤشر مصيرنا نلبسه و نتباهى بقيمته ونوعه وكمية الذهب لذلك المؤشر الذي لا مفر منه .

إنه مؤشر الساعات بل تلك العقارب والتي تعني الثواني والدقائق والساعات .. لبسناها وسريعا ما تناسينا ولم نشعر بها حتى لو سقطت من ذاك المعصم ..ذلك الصراع الذي نعيشه دون أن نلتفت إلى ما يجري حولنا .. نتسابق ولكن مع من ؟؟؟ لا نعرف !!! نكابر ونتكبر على من ؟؟؟ لا نعرف !!! تغضب وتقلق النفوس لماذا ؟؟؟ لا نعرف !!! لا نعرف نعم لأننا لا نريد أن نعرف إلا ما يرضينا .. لا نريد أن نعرف إلا جزءا من الواقع الذي يتمشى مع أهواء أنفسنا .. وتأبى اللحظات إلا أن تفرض نفسها على الإنسان الذي لا بد أن يموت .. فهل جال بخاطرك دون إرادتك انتهاء تاريخ حياتك ؟؟؟ هل تصورت نفسك ميتا ؟؟؟ وقبل خروج جنازتك .. ماذا فعل أهلك وأصدقاؤك أمام هذه الصدمة ؟؟؟ هل فكرت ماذا قدمت وماذا أخرت لما أنت قادم إليه ؟؟؟ وكيف كانت حياتك مع نفسك خاصة في السر والعلانية ؟؟

بالطبع كثير من فعل هذا .. والآخرون ينفضون رؤوسهم وينهضون أو يطلقون العنان لنفسهم بالغناء لعله ينسى لحظات الكارثة التي جالت في نفسه فهزت مشاعره وهرب منها .. تلك الدقائق جزء من عمرك تجدها في مكتبك .. ومنزلك ومعصمك .. وباتت اليوم داخل جهاز الهاتف .. فهي تراقبك وتحذرك أن النهاية لا بد منها .. فراقب ساعتك ولا تسألها إلا بعد أن تتأكد من نفسك وماذا فعلت ؟ .. وأحذر في الوقت نفسه أن تتقوقع على نفسك خوفا ومنتظرا الموت لحالة هستيرية .. بل أنتظر الموت دون علم بقدومه ولكن أجعل الفرحة تجول في خاطرك فيما تقدمه في ساعات يومك ..ألفاظ ومعاني وكلمات مع اليقين تجعل داخلك سعيدا في قضاء يومك حتى إذا ما حانت لحظات الموت تجدها أمامك فيتواصل فرحك وسعادتك عندما كنت في الدنيا الفانية ..وتدخل في بداية خطوات الحياة الأبدية والتي تراها قبرا .. ولكنه قبرا يراه الأحياء قبل مماتهم .. وعندما يتم قفله على صاحبه فقد يتحول إلى روضة من رياض الجنة لتستقر الروح منتقلة في البرزخ لما قبل النشر .. أوقد يكون قبرا بمعنى الهجر والدفن وما يلحقه من بؤس .. إنه الوقت الذي يمضي وتعلنه دقات الساعة أمامك .. فأعرف أن دقات الساعة ترعبني ولا بد أنها ترعبك أيضا .