تجاوزات الهتلان..بين التبعية والخذلان!

من يتابع برامج الكاتب سليمان الهتلان على قناة الحرة,ومقالاته عبر جريدة الوطن,يشعر بالتقزز والتقيؤ والاشمئزاز والنفور...مع أنه وللإنصاف يمتلك قلما سيالا بديعا..غير أنه لم يشفع له أبدا,لخلو بلاغته الإنشائية من جواهر القيم الرفيعة في فكره الليبرالي الصرف,الذي لايمكن أن يلتقي مع الثوابت الدينية في الإسلام!

وتحت عنوان (من ظلمات التكفير إلى بدايات التنوير) وعبر صحيفة الوطن في 24/ربيع الآول لعام 1431هـ,بدأ الكاتب الهتلان متفائلا جدا,للحراك الكبير الذي يشهده المجتمع السعودي منذ 11سبتمبر,واصفا هذا الحراك بالمدهش,وأنه الثورة على الآفكار التقليدية التي هيمنت على الخطاب السعودي على مدى أربعة عقود,والتي تداخل فيها الخطاب السياسي بالديني بالاجتماعي,والتي كان من نتائجها حسب تحليل الكاتب هو التأسيس لتراجعٍ ثقافي قادم!

وهذا العنوان البائس العقيم يذكرني,بطلاسم الحداثيين السعوديين في الثمانينيات الميلادية,حين كانوا يتربعون على منصات الاندية الادبية والصحف اليومية قبل أن يتساقطوا تحت أقدام الآصالة وينكفئوا,فقد قال أحدهم يصف البلاد السعودية بالديار المظلمة حماها الله من كل شر:

أرضنا البيد غارقة****طوّف الليل أرجاءها

وكساها بعسجده الهاشمي***فدانت لعادته معبدا.

فكثيرا ما يستعيرون المرادفات المعتمة كالليل والظلام,والدجى فيوصمون بها تعاليم الاسلام,المستمدة من الكتاب والسنة,كوصف الحداثي هنا لنور الاسلام بالليل,والهاشمي هو النبي محمد صلى الله عليه وسلم!

وبديهي أن في ثناء الهتلان هنا على أحداث 11 سبتمبر تناغما وتألفا مع اللوبي الصهيوني واليمين المسيحي الآنجليكي المتطرف الذي سُر بأحداث الحادي عشر من سبتمبر سرورا عظيما,مما جعل الكثير من المراقبين والمحللين يعتقدون أن هناك مؤامرة دُبرت من أجل,إصدار قرارٍ يشَرِّع إحتلال أفغانستان لمطاردة الإرهابيين المتهمين بفعل تلك الآحداث!

وقد أكد الكاتب مقدار تفاؤله بالتحول الكبيرالطاريء على المجتمع السعودي بقوله(إن ردود الفعل كانت إيجابية-ولابد أن تؤتي أكلها,لآن هناك ثقافة احادية إقصائية حاصرته طويلا)!

إذن.. فهناك تقاطع وتلاقي بين الفكر الليبرالي الذي ينتهجه الهتلان والفكر الذي ينتهجه التكفيريون,الذين يسعون للقتل والتفجير في داخل البلاد وخارجها !فإذا كانت احداث سبتمبر قد سرّت الصهيونية العالمية,لتسقطها على المسلمين وتستعمر ديارهم,فقد سرّت التكفيريين لآنها قد قتلت الكثير من الناس,وأضعفت الاقتصاد الامريكي حسب رؤيتهم السقيمة,وبنفس المعادلة,سرّت الليبراليين كثيرا..لتدخُّل القوى الكبرى في المنطقة وإستعمار بعض الدول الاسلامية والهيمنة عليها وعلى من جاورها,ومن ثم بسط الاباحية الغربية التي كثيرا ما أطلق عليها الهتلان التنوير,وهذا ماصرح به ولم يخفه أبدا..حين وصف ردود الافعال بالإيجابية !!!

ومن نشوة الهتلان وفرط سروره,اطلاقه على هذا الحراك والتحول حسب زعمه(بالثورة على الآفكار التقليدية)وكأنه يستدعي التاريخ الاوربي الذي يضم بين دفتيه,أحداث (الثورة) الفرنسية على الكنيسة,وشتان ما بين الاسلام العظيم الذي ارتضاه الله لخلقه,والكنيسة التي بدّلتْ وحرفتْ!!

ولست أدري ماذا يعني الهتلان بأربعة عقود,في هذه المقالة الممجوجة المتهالكة,حين قال( هيمنت على الخطاب السعودي على مدى أربعة عقود)؟ومن هو ذلك المهيمن الذي فرض هيمنته على المجتمع السعودي؟

فإن كان العقد من السنين عشر سنوات في ثقافة الهتلان فهو يعني بالمهيمن هنا الملك فيصل رحمه الله الذي أنشئت في عهده رابطة العالم الاسلامي,ووزارة العدل,وتمكنت الدولة في عهده من الوقوف على مرتكزات إصلاحية وتنموية,أذهلت العالم,غير أنه قد منع التواصل مع الشيوعيين لإلحادهم,وإن قصد فيصلا أوغيره,فكلهم على الكتاب والسنة!

ولو أن الهتلان إستمع إلى اولئك الذين في أقصى الغرب أو أدنى الشرق من الساسة والمفكرين,في سياسة الفيصل رحمه الله لوجد أنهم يفخرون به كأعظم وأدهى ملوك الدنيا في العصور الحديثة,وأنه من أبرز أهل الرأي والمشورة والحنكة,وأنه من أهل المباديء العالية,ومن الذين ناصروا قضايا أمته,ومن أهل العقيدة السليمة الصافية,ولايجهل هذا الا مكابر!

ولكن كما قال أبو العلاء المعري:

إذا عيّر الطائي با لبخـل ماردٌ**وعيّــر قســا بالفــهاهـة بـاقـلُ

وقال الدجى للشمس أنت كسيفة**وقال السهى للبدر وجهك حائلُ

فيا موت زر إن الحياة ذميمة ** ويا نفس جدي إن دهرك ها زلُ

ويضيف الهتلان أن هناك قطاع من المجتمع مشتت بين فوضى الخوف من الحرام والبحث عن الحلال,ويأمل الهتلان أن يكون في خطاب كلٍ من عايض القرني وسلمان العودة وأحمد بن باز حلولا سريعة,فلديهم إجتهادات فقهية مستنيرة)!

وأنا أعجب هنا من جرأة الهتلان,وجهله أو تجاهله,أبسط أبجديات ما يجب معرفته من الدين بالضرورة,وهوالخوف من الحرام والبحث عن الحلال!

فإن لم يخف المسلم من الحرام,ولم يبحث عن الحلال..فماذا بقي من دينه؟؟

وأما إقحام الشيخين الكريمين عايض القرني وسلمان العودة,في مقالته,فهي تذكرني بإستدلالات الرافضة بكتب البخاري ومسلم حين يناظرون السنة,فيجتزون ما يوافق أهوائهم,ولا يقبلون بقية النص!

وأما الشيخ أحمد بن باز الذي إستكتبته الوطن,فلا أظن انها فعلت ذلك إلا لإسم أبيه رحمه الله(لتقتنص أي خلاف بينهما),وإلا فهو وفقه الله للخير كالخليفة العباسي في عصور الآنحطاط,حين ينصبه السلاطين المنشقين عليهم,إسما لا فعلا,لامتصاص الشجب الجماهيري المسلم!!

ولا أظن أن أحداَ يقرأ ماكتبه الهتلان هنا إلاويستشف مدى سروره وفرحه بما ألتْ إليه أحوال المسلمين,بعد أحداث سبتمبر,فوصْفِه لهذه الاحداث والنتائج بالمدهشة -وبالايجابية,تدل على أنه يسعى لغاية واحدة,مهما كانت الوسيلة مؤلمة على المسلمين,ألا وهي –إزاحة المُسلَّمات الدينية التقليدية التي إعتبرها أكبر عائق للتنمية في البلاد,على حد وصفه,وهويصور هذا ويناشد خادم الحرمين الشريفين,أن يُخرج الآمة من الظلمات إلى النور!

ولا يجد الهتلان أية غضاضة وهو يناشد خادم الحرمين الشريفين,بإتخاذ قرار سياسي حاسم للخروج من أجل السماح للنساء بقيادة السيارة,أن يصرح بملء شدقيه,وبسؤ أدب وعنجهية عمياء, بأن المرأة ستقود السيارة,وأن المسألة مسألة وقت,ولكن كما قال(إذن ليكن القرار)ويضيف(بيدي لابيد عمرو) ويعلنها لبرالية ..مدوية..فياللمأساة..وياللعجب!!!!!!!!!!

وأنا أقول للهتلان وكلي ألمٌ وحرقة وحسرة أن خرج من بيننا من يتجرأ , ويقول بقوله,وقد ضرب بالثوابت والقيم وواجب الطاعة عرض الحائط:

أو ما علمت يا الهتلان, أيهاالابن المدلل لقناة الحرة,أن خادم الحرمين الشريفين وولي عهده والنائب الثاني والآسرة السعودية المالكة الكريمة,قد ساروا على نهج والدهم المؤسس,الذي أسس هذا البناء الشامخ الراسخ السامق على كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم؟أما علمت أن خادم الحرمين الشريفين قد قال مرارا وتكرارا أن دستوره القرأن والسنة ولن يحيد عنهما أبدا؟أما علمت أن بلادنا الكريمة لاتستمد تشريعاتها من الشرق ولا من الغرب ولا من دول الجوار التي اوردتها في مقالتك,وإنما تستمدها من ديننا الحنيف الذي سخَّرّتْ لتعليمه وتبيينه للناس كل الجهود,فخرّجتْ العلماء البارعين والفقهاء المفتين الذين ترجع اليهم في شؤون الدولة والناس؟!

وأنالست أدري ياهتلان من هذا(العمرو) الذي أشرتَ إليه وأنت تناشد ولي الآمر؟أهو(عمرو)داخلي أم خارجي؟أم(عمرو)مرتقبٌ يأتي على دبابة ؟؟!

أنا لاأشك أنك ما تجرأت على هذا القول,الذي تفتقد فيه إلى,أدب التخاطب مع ولاة أمرنا حفظهم الله,إلا ولديك أمران لاثالث لهما وهما:

(1)إما أن تكون مصاب بلوثة فكرية,كالتي أصابت ثرثار لندن الفقيه!

(2) وإما أن تكون لك تبعية هوجاء خلف فكرٍ لبرالي متطرف إلى الثمالة!

والغريب في أمرك ياهتلان أنك قد,جعلت كل هذه الجرأة المنقطعة النظير,وهذا الخطاب الناري الحاد,وهذا الظلام الدامس الذي تتخيله على بلادنا الغالية ,نتيجة لعدم قيادة المرأة للسيارة,وأن الحياة ستتعطل وتقف عجلات السير...بيد أنك مع هذا الطلب المتدني,أستطعت أن تأتي بما لم يأت به الآوائل من بني لبرال او بني علمان,في تجاوزاتك التي بين التبعية والخذلان....وهذا كما يقال في الآمثال(تمخض الجبل فولد فأرا)!!!!

رافع علي الشهري

Ra.fa.75@hotmail.com

شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .

اخي

والله اهـل العقول براحه

تسلم على الطرح

د. أبو عبد المحسن : جزاك الله خير ، ونحبك في الله تعالى ، والله يحفظ وطننا الغالي وبلادنا الغالية من أفكار الحداثة المعاندة للمسلمين والمسلمات .