النقش على الأخشاب.. فن الصفوة في ماضي الجنوب

النقش على الأخشاب.. فن الصفوة في ماضي الجنوب

مازالت ابواب المنازل القديمة ونوافذها في العديد من مناطق الجنوب تتزيين بالزخارف والنقوش بالرغم من مرور مئات السنين على هذا التراث الفني، فمازالت تحتفظ بتلك الاشكال والتي تعبر عن توجهات نفسية وتذوق خاص، وتعتبر النماذج الزخرفية مستوحاة من الطبيعة نفسها، فهي ظاهرة عامة في معظم مناطق المملكة، حيث كان الاباء والاجداد يولون الأبواب اهتماماً كبيراً، خاصة في المنازل لكونها مقر الاقامة والاستقبال ويعتمد تنوع وثراء الزخارف في المنزل اعتمادا كبيرا على الحالة الاقتصادية لصاحب المنزل ومكانته الاجتماعية. فإلى جانب شكل الباب وتناسقه هناك الأشكال المرسومة عليه والملونة وليس هناك نموذج معين يسير عليه الحرفي، لكنها لا تعدو كونها اشكالا هندسية مختلفة واشكالا نباتية متنوعة.
عناصر زخرفية
يقول الباحث بوكالة الاثار والمتاحف بوزارة التربية والتعليم الاستاذ عبدالله بن علي عبادي الزهراني ان هناك حرفيين ابدعوا في تنفيذ العناصر الزخرفية، اذ كان بعض الاباء يبعثون ابنائهم الى المناطق المجاورة لتعلم هذه الحرفة، والتي تركزت زخارفها على الاخشاب وذلك لسهولة توافرها. وقد اعتبر حرفيو الزخرفة ان الاشكال الهندسية الصرفة غير جذابة اذا استخدمت منفردة.
وأوصى الباحث عبدالله بن علي عبادي الزهراني بالحفاظ على هذه العناصر المعمارية في الزخرفة بعد ان اضحت تلك الزخارف مادة نادرة تحمل في طياتها عادات وتقاليد الاجداد، كما توضح بصورة عملية مدى سمو اذواقهم نحو بناء الاشكال التي تتكامل وتتواءم مع البيئة بالاضافة إلى انها توضح مدى ما بلغه الاباء والاجداد من اساليب تقنية ترتبط بالمادة المزخرفة عليها فقد كان لهؤلاء الحرفيون الاحترام والتقدير ويتمتعون بكل حقوقهم والافتخار بإجادتهم لهذه الحرفة. ويقول عبدالله بن رافع صاحب متحف بمنطقة الباحة أنه بالرغم من سرعة تعرض الأخشاب للتلف إلا أن التحف الخشبية القديمة والباقية تمثل الان موروثا يتحدث عن براعة الاجداد الذين تفننوا في حرفة النقش والزخرفة على الأخشاب، حيث احترف قدامى النجارين في منطقة الباحة والمناطق المجاورة لها فن الزخرفة الخشبية منذ اكثر من 1000 عام.
الزافر والأسقف
ويضيف الزهراني أن مجموعة التحف الخشبية تمثل جزءا هاما من موروث فنون العمارة والزخرفة والنقش التي تشتهر بها المنطقة، وهناك نوعا فريدا من هذه الزخارف التى تسمى بـ”الزافر”، وكذلك الاسقف الخشبية المزخرفة التي كانت تصمم بداخل المساجد وتمتاز بكثرة النقوش المذهبة والملونة المحفورة عليها.
و“الزافر” هو عبارة عن قطعة خشبية عليها بعض النقوش بطريقة الحفر بدقة عالية ولمسات فنية محترفة ويستخدم كعمود للبيت اي يكون بداخل الغرفة الحجريه قديما ويكون السقف من الخشب يعتمد عليه وهو قوي وسميك ويدوم طويلا. كما انه يعطي للمنزل شكلا جماليا لانه يقع في منتصف البيت وتتم زخرفة اسطح الابواب والنوافذ الخشبية من الخارج فقط، اما الاعمدة المسماة “الزاخر او المدكاة” فتزخرف حسب قدرة ومكانة العائلة، فكل ما كثرت الزخارف وارتفع طول العامود دل على مكانة العائلة اجتماعيا وماديا وكذلك الاسقف ايضا. وكذلك طلاء هذه الاخشاب بمادة القطران وهي مادة اشبه بالزيت المحروق تستخرج من تقطير الاخشاب بعد حرقها، وهي مادة عازلة تحمي الاعمدة من الحشرات بطريقة عجيبة لمدة طويلة جدا من الزمن ولها رائحة جميلة يتم طلاء البيت التقليدي من الداخل بالطين المخلوط ببعض الاعشاب، حيث يعتبر عازلا حراريا فعالا في البيئة