القنفذ البردان

إليكم هذه (الأمثولة) فيقال:
انه في إحدى ليالي الشتاء القارسة كانت مجموعة من القنافذ متكومة تنشد الدفء كي لا تتجمد برداً...
ولكن سرعان ما اخذ كل قنفذ يشعر بوخز أشواك رفاقه، فتباعدت القنافذ...
وحين اشتدت حاجتها إلى الدفء عادت تتكوم ثانية، غير أن أشواكها أرغمتها مرة أخرى على التباعد...
وظلت على هذا، حتى اهتدت إلى المسافة المناسبة بين الواحد والآخر التي تؤمن لها الحد الأقصى من الدفء مع الحد الأدنى من الألم....
ـ انتهت الأمثولة -
****
ولو أن البشر استخدموا هذه (الاستراتيجية) من فن التعامل مع بعضهم بعضا، مثلما فعلت القنافذ في تحديد المسافة المناسبة فيما بينها، لو أن البشر نجحوا في ذلك لاستراحوا كثيراً...
لأن هناك من يحصرك ويزاحمك ويكتم على أنفاسك، ولا يترك لك المجال حتى أن (تتنفس)...
إما من شدة محبته لك أو من شدة كراهيته...
وبالمقابل العكسي هناك من إذا رآك صد عن وجهك...
وإذا أقرأته السلام قال في سره: أعوذ بالله...
وإذا حاولت الاقتراب منه هرب من أمامك...
وكأنك مجذوم أو جربان أو تحمل مرض الإيدز!!!

ومثلما يقول المثل:
لا تكن لينا فتعصر، ولا قاسيا فتكسر...
كذلك لا تكن متهافتاً أو حشرياً أو (ملقوفاً) فتضرب (بالشلوًت)...
وكذلك لا تكن متطيراً أو (متعنطزاً) أو متجبراً أو متكبراً، ليقول لك كل من رآك (طز)...
وإذا لم يستطع ان يقول لك ذلك في وجهك لأنه خائف منك، فلا شك انه سوف يدعو في سره أن (تتطربق) الدنيا عليك...

لا أريد أن أكون داعية أخلاقي لأنني غير مؤهل لذلك...
وحتى لو كنت مؤهل، فإنني لا أريد أن احمل هذا الشرف، لأنه بصراحة فوق طاقتي...
ولا أستطيع أن أكون نموذجاً يحتذى به، خصوصاً أن طموحي يجانب الصواب في أكثر الأحيان!!!


وبعضكم لا شك انه يلمس ذلك عندما يقرأ ما اكتب...
وكيف أنني ارمي الكلمات جزافاً في كل الاتجاهات بدون أي هدف...
وبعضها قد يصيب كأي (رمية من غير رام)...
والغالبية العظمى من رمياتي هي بالطبع طائشة بل و(فلتانة)!!!

أتمنى أن تكون مقالي هذا ـ خصوصاً مقدمته ـ أتمنى أن يكون رمية صائبة تصيب أكبادكم من دون أن تدميها!!!

على فكرة: لو كنت قنفذاً لخرجت عن الجماعة كلها، ومت وحيدا في البرد والصقيع، كما هو حالي الآن مع (أشباه البشر)...

دمتم بألف خير